السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

هواها شعبي| «طقس القودة وإعلان ميلاد»

طقس القودة
طقس القودة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى سلسلة «هواها شعبى» التى تقدمها جريدة «البوابة» خلال شهر رمضان المبارك نحاول الإجابة عن سؤال الهوية المصرية، أو بالبلدى كدا «إحنا مين؟»، وهل نحن حقًا نحمل سمات الحضارة المصرية القديمة، بكل ما تحمله من موروث ثقافى امتد عبر الأزمنة المتعاقبة، ومازال ينبض حيًّا جسده المصرى القديم عبر جدران المعابد والمقابر الأثرية. فمازال المصرى يحتفل بأعياد دورة الحياة من ميلاد وزواج ووفاة، حتى احتفالات الحصاد وغيرها من الاحتفالات التى تعبر عن الهوية المصرية، وفى هذه السلسلة سنعبر خلال الأزمنة والأمكنة لنلقى الضوء على هويتنا المصرية والمجسدة فى تراثنا الشعبى «الفولكلور»..

يعتبر المهرجان الطقسى أهم ركن فى «ردم حفرة الدم» وأكثرها ثباتًا، ويبدأ التجهيز للمهرجان الطقسى بعد الوصول إلى اتفاق على التصالح، الذى يستغرق بدوره وقتًا، لتنقل أخبار عن مشروع التصالح وتعنت عائلة القتيل، للبرهان على تصميم العائلة على القيام بالثأر، وصعوبة العفو عن القاتل، وخلال ذلك تتم الدعوة للمهرجان وتستخدم فيها كروت ورقية مدون بها مضمون الاحتفالية، ويتم فيها دعوة الجميع ولا يقتصر الدعوة على الأقرباء والمعارف بل يشمل أيضًا دعوة شخصيات عامة، وينقسم المشاركون فى المهرجان الطقسى إلى أربعة أقسام قاضى الدم والأجادويد، وممثلو السلطة المحلية، ويكون على رأسهم المحافظ، وبعض كبار التنفيذيين، وممثل للسطة الدينية وممثل للشرطة الشرطية، كمدير الأمن أو من ينوب عنه. هذا بالإضافة إلى شخصيات عامة أو أصحاب مناصب كبيرة، وأخيرًا طرفا الخصومة وأهالى القرية. 
ويشهد السرادق الطقسى مجموعة كبيرة من العناصر الطقسية ومنها تقديم الكفن، ونزع الجلباب الطقسى، وقيام ولى الدم بمساعدة القاتل فى ارتداء جلباب آخر ولف العمامة، وتأتى قراءة الفاتحة بعد تجمع الوفود المشاركة، حيث يتوج قاضى الدم لإحضار القاتل إلى السرادق حيث يلقى كلمة قصيرة جدًا للحاضرين، والتى يؤكد من خلالها على الصلح، وأنه سيتوجه لإحضار مقدم القودة، وأن هذا الصلح يشهد عليه الله ورسوله والصالحون ويدعو بعدها الجميع لقراءة الفاتحة.وبعدها يقوم قاضى الدم بتلقين الشهادتين للقاتل، حيث يأمره بأن يردد خلفه الشهادتين ويفعل، ويرتبط تلقين الشهادتين بطقوس الموت والدفن، فالقاتل هنا وفى تلك اللحظة يماثل المتوفى، وبعد ذلك يقوم قاضى الدم بقول بعض الكلمات القصيرة والحاسمة «بأنهم سوف يتوجهون الآن إلى عائلة القتيل وأنه «القاتل» رجلهم، وإن قتلوه فهو حقهم، وإن عفو عنه فهو حقهم ويذكره أيضًا بأنه يرى العفو أقرب. 
الكفن والموت الرمزى
ويُعد حمل الكفن وتقديمه لولى الدم من الأمور الأساسية فى طقس القودة ومن الممكن أن يكون هو الأمر الجوهرى إذ يمكن التجاوز عن أداء بعض العناصر الطقسية دون أن يبطل الطقس، أما من دون حمل الكفن فلا مجال للتصالح مع القاتل، ويكتب على الكفن مقدم القودة واسمه الثلاثى، وقابل القودة واسمه الثلاثى، وأسماء العائلتين.
وبعد قيام قاضى الدم بتلقين القاتل، يقوم بتجريده من جلبابه ومساعدته فى ارتداء جلباب أسود اللون، بوشعية مقلوبة وتكون فيها الناحية الداخلية للثوب هى الخاردية، ويستمر القاتل فى ارتداء ذلك الثوب والسير به أمام الجمهور، على أن يقوم ولى الدم بنزع الجلباب الأسود دون حركة من القاتل، وإلباسه ثوبا آخر أبيض اللون، بمعاونة قاضى الدم. 
فالثوب الطقسى هو امتداد لظاهرة راسخة ترجع لعهود قديمة، وهى ظاهرة ارتباط الطقوس بالزى ارتباطًا له مغزاه الرمزى، إذ أن الجلباب الطقسى يعبر عن الجانب اللامرئى من الإنسان ويقدمه فى مظهر محسوس، كأننا نطل فى أعماقه، ونرى بأعيننا مظهر النفس الأسود، وأن طريقه ارتدائه الثوب بخلاف المعتاد تكشف عن موضع السواد الذى يحيل إليه الطقس، وهو الجانب المظلم من النفس والذى سول للإنسان قتل أخيه، وهذا الجانب الداخلى هو المستهدف فى الطقس. كما يُحرم على القاتل ارتداء عمامه أو حذاء ولا بد من أن يقطع المسيرة إلى مكان ولى الدم حاسر الرأس وحافى القدمين. يتبع.