"للمرة الثانية خلال 3 أشهر فقط".. خفض صندوق النقد الدولي من توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في 2022 إلى 3.6% بتراجع 0.8% مقارنة بتوقعاته في يناير الماضي، وعلى الرغم من ذلك رفع صندوق النقد من توقعاته لنمو اقتصاد مصر خلال العام المالي الجاري، حيث توقع الصندوق أن يحقق الاقتصاد المصري معدل نمو بنسبة 0.3% إلى 5.9% مقارنة بـ 5.6% كان يتوقعها في تقرير له يناير الماضي.
قوة الاقتصاد المصري
وبحسب ما ورد في تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر عن الصندوق مؤخرا، فإن قوة الاقتصاد المصري في الفترة التي سبقت الحرب الروسية الأوكرانية كانت من أهم الدعائم التي عززت توقعات نمو اقتصاد مصر، وقالت بيتيا كوفا بروكس، نائب مدير قسم البحوث الاقتصادية بصندوق النقد الدولي، في مؤتمر صحفي أمس، إن رفع الصندوق توقعاته للاقتصاد المصري في العام المالي الجاري جاء بسبب قوة الاقتصاد المصري قبل الحرب.
ولفت التقرير إلى أن الاقتصاد المصري سجل نموًا بلغ 9% خلال النصف الأول من السنة المالية الحالية أي في الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2021، أي قبل نشوب حرب أوكرانيا، كما حقق الاقتصاد المصري معدل نمو بلغ 9.8% في الربع الأول من العام المالي، وهو أعلى معدّل نمو منذ 20 عامًا.
توقعات غير متفائلة
وكانت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية قد خفضت توقعاتها لنمو الاقتصاد المصري في السنة المالية المقبلة إلى 5.5%، مقارنة بـ 5.7% كانت تتوقعها من قبل، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته الشهر الماضي، في الوقت الذي قال فيه صندوق النقد في تقريره الصادر الثلاثاء 19 أبريل، الآثار المترتبة على الحرب الروسية الأوكرانية لم تظهر في توقعات العام المالي الجاري نظرًا لأنها نشبت في نهاية فبراير، أي بعد مرور نحو 8 أشهر من العام المالي الجاري، مؤكدا أنه من المتوقع أن يظهر أثر حرب أوكرانيا على توقعات نمو الاقتصاد المصري للعام المالي المقبل والذي يبدأ في يوليو 2022.
ولفت صندوق النقد إلى أن الحرب في أوكرانيا مثلت نكسة وصدمة للاقتصاد المصري، إن الصندوق خفض توقعاته لنمو اقتصاد مصر في العام المالي المقبل إلى 5%، وذلك بعدما تأثرت التدفقات الخارجية لرؤوس الأموال إلى مصر، وهو ما دفع السلطات المصرية على رفع سعر الفائدة والسماح بتخفيض قيمة العملة، وسحب بعض من الاحتياطات النقدية، كما أثرت الحرب على أسعار الغذاء والسلع بشكل عام في مصر، نظرًا لأن مصر أكبر مستورد للقمح في العالم.
تراجع متوقع
وفي هذا الشأن، قال الدكتور شريف محمود، الخبير الاقتصادي، إن تخفيض المؤسسات الدولية ومنها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتوقعات نمو الاقتصاد العالمي يعد شيئًا متوقعا، وأثير على مدى واسع في الفترات الماضية نتيجة لاندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت بالسلب على معظم اقتصادات العالم.
وأضاف محمود في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" أن التراجع كان متوقعا وبخاصة في ظل الأزمات الجيوسياسية التي شهدها العالم في الفترة الماضية، وعلى رأسها أزمة أوكرانيا، أدت إلى تباطؤ النمو في العديد من دول وأقاليم العالم، بدأت من أوروبا وانتقلت إلى جميع الدول، نتيجة لعمل التعامل بالشكل الأمثل، وهو ما دفع إلى تخفيض توقعات النمو للاقتصاد العالمي.
وتابع: "التبعات والتداعيات السلبية للأزمة الروسية الأوكرانية بدأت من العقوبات الاقتصادية المتبادلة بين روسيا وأمريكا وأوروبا، مما أدى إلى ارتفاع كبير جدا لأسعار السلع الغذائية، ومن أهمها القمح الذي سجل أعلى ارتفاع له، والذرة التي سجلت أعلى مستوى منذ 2012، وهو ما أدى بالتالي إلى تتابع الارتفاعات في أسعار السلع الغذائية".
وأوضح أن هذه التداعيات رفعت من معدلات التضخم في دول العالم حيث سجل التضخم الأمريكي أعلى مستوى له منذ 40 سنة، والتضخم البريطاني أعلى مستوى له منذ 30 سنة، وكذلك الاتحاد الأوروبي، لهذا أصبحت تكلفة الحرب على الجانبين، ولم يقتصر على الاقتصاد الروسي فقط كما كان متوقعا".
من جهته، قال الدكتور أحمد ياسين، خبير الاقتصاد السياسي، إن الاقتصاد العالمي لم يكد ينتعش من الأزمات المتتالية التي تسببت فيها جائحة كورونا، وكان أخرها بسبب متحور أوميكرون الذي تسبب في تخفيض معدلات النمو للاقتصاد العالمي مع نهاية 2021، وبداية عام 2022.
وأشار "ياسين" في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" إلى أن التوترات التي يشهدها العالم تعد الدافع الأول وراء التراجع المستمر لتوقعات نمو الاقتصاد العالمي، نتيجة للضغوط التي تقع على الدول نتيجة لاستمرار التوقف النسبي لسلاسل الإمداد التي لم تتعافى حتى الآن للمستويات لما قبل الجائحة".