«المرأة العجوز.. أم الزيتون.. عروس فلسطين» كلها أسماء أطلقها أهل فلسطين، على أقدم شجرة زيتون فى البلاد، والتى أصبحت رمزا يرتبط بجذور الشعب الفلسطينى، وباتت أقدم شاهد يروى حكايات الأرض وتفاصيلها، منذ ٥ آلاف عام.
«ما زلت أشعر برهبة منها، فهى ساحرة للعقول» هكذا وصفها صلاح أبوعلى، صاحب الشجرة التى ورثها عن آبائه وأجداده، فهذه العائلة تعتبرها أعظم ميراث منحهم الله إياه، وتقع تلك الشجرة فى منطقة وادى جويزة، بقرية الولجة، فى بيت لحم- جنوب غربى القدس المحتلة- وتنتج تلك الشجرة نحو نصف طن زيتون، كل عام، يستخرج منه ٦٠٠ كيلو من أجود أنواع زيت الزيتون، وذلك لكبر سنها.
وفى طقسا؛ أصبح واجبًا يوميًا، حيث يخرج صلاح أبوعلى، كل صباح متوجهًا إلى شجرته ليطمئن عليها، ويبدأ فى رعايتها، حيث يعتبرها رابع أبنائه كما يقول، ليقضى معظم يومه تحت ظلها، ما بين رعايتها، ورعاية كامل البستان، وبين استقبال الزائرين للشجرة، وزرعت الشجرة فى الفترة الكنعانية، وعايشت مختلف الحضارات والثقافات من الرومان، وعهد المسيح عليه السلام، وبقيت راسخة تحافظ على خصوصيتها.
وفى تصريحات عديدة له؛ اشتكى أبوصلاح، من أن الشجرة تعانى من مشكلة نقص المياه، فهى تحتاج لكميات كبيرة جدا، بسبب كبر حجمها، كما ترتب على ذلك، بجانب تغير المناخ، ضعف إنتاجها، حيث انخفض إلى النصف، ومنذ سنوات عديدة، عينت وزارة الزراعة الفلسطينية «صلاح أبوعلى»، حارسا على الشجرة، بشكل رسمى، وبراتب شهرى، يساعده بعض الشيء فى العناية بها، والحفاظ عليها، باعتبارها جذرا متأصلا لكل فلسطين.
فى وجه الجدار العازل
عشرة أمتار تفصل بين الشجرة والجدار العازل، ذاك الجدار الذى بناه الاحتلال فى الضفة الغربية «٢٠٠٢- ٢٠٢١»، بدعوى الحماية من هجمات الفلسطينيين، والذى حاولت به سرقة الأرض، ومنها القضاء على الشجرة، باعتبارها أقدم شاهد ضدهم، لتبوء كل محاولاتهم للقضاء عليها بالفشل، رغم تأثرها بعمليات التجريف والانفجارات التى حدثت خلال تشييد الجدار، الذى استوطن نسبة كبيرة جدًا من القرية، لتتقلص مساحتها من ١٧ ألف دونم، إلى ألفى دونم فقط- الدونم وحدة قياس شامية تساوى ألف متر- كما حاصر الجزء المتبقى منها، مما أثار أزمة مع السكان، فى العبور من وإلى أراضيهم.
محاولات تهويدها
وحين فشل الاحتلال فى اقتلاع جذور الشجرة، بطرق غير مباشرة، بدأ فى محاولات عدة لتهويد تاريخ الشجرة، والكتابة عنها فى كل ما هو تابع له، على شبكة الإنترنت، فى محاولة لتغيير التاريخ.
ولعل أشهر تلك الوقائع، ما كتبه المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاى أدرعى على صفحته فى العام ٢٠١٩، قائلا: «شجرة الزيتون الظاهرة فى الصورة، يبلغ عمرها ٥٥٠٠ سنة، وهى أقدم_ شجرة_ زيتون فى يهودا والسامرة، حسب الباحثين اليابانيين»، وهو ما أثار حفيظة الفلسطينيين، وأغضب نشطاء من جميع دول العالم، على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، والذين رأوا أنها محاولة لسرقة التاريخ والتراث الفلسطينى.