عشق بلده والدفاع عنها، وضع فى جيبه وصيته قبل استشهاده.. الوصية لم تكن لأولاده.. لكنها كانت للجنود بالحفاظ على سيناء وحمايتها من الخونة والتكفريين، إنه الشهيد أحمد محمد عبد الله الكفراوى.
تروى زوجته بطولاته، فتقول: تم نقله فى شهر يونيه إلى مدينة بئر العبد فى اليوم الثالث من رمضان، لكنه لم يخبرنى بمكان خدمته الجديد، وكان دائم تغيير مواعيد إجازاته لأنه كان مرصودا من الخونة، ووصل فى إجازة يوم الخميس قبل حادث مسجد الروضة بيوم، وعندما شاهد الحادث الأليم بكى بشدة حزنا على الشهداء، وأصر على قطع إجازته والعودة إلى موقعه لأخذ الثأر، وسافر إلى سيناء فى نفس يوم الحادث ليلا.
وتضيف الزوجة يوم استشهاده، كان يقوم بمهمة تأمين على الطريق الساحلى، وهاجمه الخونة، لكنه تصدى لهم، ونجح فى إصابة العديد منهم إصابات بالغة، وتضيف أن زملائه أخبروها أن » أحمد» قال لهم أن الخونة يريدون هو، وتحرك للهجوم عليهم، وطالب منهم، البقاء فى أماكنهم، لكن قوة التأمين وزملائه رفضوا يتركوا البطل، وقال لى أحدهم أن البطل أصر أن يؤدى صلاته على أحدى تباب سيناء، وأثناء عودته من مطاردتهم كان الخونة زارعين عبوات ناسفة على الطريق، فلاقى البطل ربه مقبلا غير مدبرا، واكتشف زملائه انه كان يحمل فى جيبه رسالة وداع لهم يوصيهم على سيناء.
فعندما تحكى زوجة الشهيد وتستفيض فى تفاصيل دقيقة فى حياة زوجها حتى مع بدايات ميلاده ونشأته إلى أن يتقدم لخطبتها تستشعر من حكاياتها أن تلك المرأة ليست زوجته فقط، ربما كانت أيضا أمه.
تقول الزوجة: ذهب «أحمد» إلى سيناء وترك لى أربعة أبناء «زيه تمام»، كان أخوهم الكبير بالنسبة لذى، فكان لدى خمسة أولاد، ورغم فروق الأعمار بينهم إلا أننى أشعر وكأنهم توأم لـ «أحمد».
تقول الزوجة «أحمد» مواليد ١٩٧٤، وكان أحب الأبناء لوالديه، حصل على الثانوية العامة ١٩٩٢، وطبعا ذهب لتحقيق حلمه الأول داخل أسوار الكلية الحربية التى التحق بها عام ١٩٩٣ حتى تخرج فيها، ولأنه كان عاشقا لها كان من الأوائل على دفعته عام ١٩٩٥، وبدأ يحصد الفرق التى تؤهله ليكون متميزا كما كان يحلم بنفسه صغيرا، فقد حصل على فرقة الصاعقة الراقية عام ١٩٩٤ ثم فرق الرماية الواحدة تلو الأخرى حتى ١٩٩٧ وغيرها من الفرق والدورات، فقد كان محبا شغوفا للعلم العسكرى وتدرج فى وظائفه حتى رشحه قاداته لنيل دورة أركان الحرب مبكرا عن دفعته عام ٢٠١١وانتقل من وحدة لأخرى.
كان يعشق الحياة العسكرية، ويؤمن برسالته كرجل عسكرى، وتقول » أحمد» ارتباط بأولاده ارتباط يشبه محطات الحياة، فبعد الولادة الأولى تم ترقيته رائد، وبعد الثانية كانت تحركه الى قوات المظلات، وعقب الولادة الثالثة نجح بدورة أركان الحرب، فكل مولود له كان متربط بنقلة فى حياته.
تتذكر الزوجة طلب الأولاد قضاء إجازة مصيف مع والدهم، وانتهز فرصة تكريمه من قائده بإجازة عشرة أيام، وفى هذا التوقيت اتذكر واقعة أن ذهب ياسين» الأبن الرابع» مع أخوته إلى البلاج وأصر أن يأخذ تليفون والده لأنه يحب سماع أغنية تسلم الأيادى، وتاه على الشاطئ وعرفنا نرجعه بأغنية تسلم الأيادى اللى كل المصيف عرفه بيها بعد كده.
تبتسم الزوجة البطلة وتستطرد حكيها: «فى يوم طلب أحمد منى تجهيز شنط أولاده للسفر واكتشفوا أن الرحلة إلى النصب التذكارى للجيش الثانى، وكان عمر الأطفال ٧و٥و٢، و« أحمد» مصر يشرح لهم معنى نصب تذكارى، ويحكى لهم كيفية حفر قناة السويس، وفى آخر زيارة لها مع «أحمد» واولاده:» كانت قبل الاستشهاد بعام وذهبنا إلى تبه الشجرة، وشرح ليهم اسم التة، وكيفية الاقتحام والاستلاء عليها، مؤكدا أن الأرض غالية.