نجح الشاب الليبي عمر الطيرة من عبور حدود دول تقارب نصف الكرة الأرضية سيرا على قدميه، ويسعى ليعبر النص الآخر.. ويحلم الرحالة الليبي بالسفر دوما وعبور المحيطات، وتسلق الجبال، والتعرف على ثقافات المجتمعات الأخرى.
وكانت البداية صعبة في فترة التسعينيات في ليبيا وحسبما يقول « كنت أشعر أن ليبيا في هذه الآونة حجرة ضيقة مغلقة، ولكن كان حلمي أن أعبر وأسير وعلى كاهلي حلم التعرف على البلدان من ناحية، وحقيبتي التي تتجاوز العشرات من الكيلوجرامات».
شاب تجاوز الثلاثين.. بدأت مسيرته في السعي والترحال سيرًا على الأقدام: “ كان علي أن أقبل المغامرة، وعلي أن أعبر من دولة لجارتها، وهناك أواجه القتال بين قبيلة وشقيقتها الأخرى، أما في أدغال أفريقيا ليس لي كرمًا للضيافه، فقط إن لم أسع للحصول على طعام سأموت جوعًا، ولكن عبارة لا حدود بين الدول سوى على الخريطة، كانت تنزل على قلبي بردًا وسلامًا لأصل للمبتغى والجنة الكبرى في الأرض أن أجوب الأرض خوفًا من أنين أنني لن أستطع عبور الأرض بمحيطاتها الكبرى، وصحراواتها التي تبتلع كل مغامر”.
بدأ الطيرة يخطو نحو الحلم.. يرى الشعوب بمختلف ثقافتها.. يكشف اختلاف الجماعات.. يخالط شعوب الأرض، يأكل من أكلهم، ويتعرف على عادتهم وتقاليدهم، ويوثق كل ذلك بصور فوتوغرافية، ولكن أن تتخيل أن كل ذلك وزيارته لقرابة 150 دولة بدأ بخارطة صغيرة من كتاب للجغرافيا مرسوم عليها حدود الدول.
يحكي عُمر كانت أفريقيا حلم.. أدغالها من المستحيلات، لا أعرف عنها سوى أوراق عليها كلمات تُحذر من عادات قبائلها، فهي قارة دهاليزها أكثر من غرفها، وخاصة في فترة التسعينيات بداية الترحل بالنسبة لي، ولكن على كل حال خُضت التجربة وعبرت الصحراء، فوجدتها قارة تجمع بين كل شيء والنقيض، بين الجمال والسحر، والترحيب والقسوة، بين ضحكة الأبرياء، وخوف الأطفال، بين النوم على الأرض دون وسادة، وبين ضحكات السهر، بين حفلات على أنغام الطبول، وبين هروب النوم من جفني بعد ليلة مرعبة قضيتها في كوخ على أصوات الذئاب.
وصلت لإحدى القبائل في الأدغال، ترحيب حار من أهلها، وفجأة وجدت إحدى السيدات ترحب بي، وأنا في غاية الذهول، أخبرني أهل القبيلة أن من أشكال الكرم في قبيلتنا أن يترك لك أحدنا زوجته تقضي معك الليل كرم للضيفة، شعرت بالغضب وأخذتني الحمية، ورفضت الأمر، وأخبرتهم أن ديني وعاداتنا وتقاليدنا ترفض ذلك، وبعدها أخبروني أن الأمر اختياريا وليس فرضا، هنا عرفت أن في العالم حكايات لا نعلم عنها شيئا ولو في أكثر مسلسلات الدراما التي تحدثت عن الشعوب المختلفة.
أما في زامبيا كان الأمر أكثر مختلفًا، التقيت الرئيس الزامبي، وقام بتكريمي، ثم سألني: أعلم أنك سافرت 100 دولة أو أكثر كيف فعلت ذلك ياعمر؟
كان علي أن استرسل وأنا أقص عليه الحكاية، فوجدتني أقول سيادة الرئيس هل تؤمن بالحلم.. إنها الأحلام تصنع المستحيلات، وتقتل المسافات، وتختصر الطرق.
فقال لي: ليس كل الأوقات تُصبح الأحلام حقيقة، هُناك ياعمر أحلام مجرمة، وأحلام أخرى استحالة التحقيق!
قلت ولكني تيقنت أن المستحيل ممكن، وتسلق الجبال ليس بالصعب، وأكل الدود والحشرات عندما أكون جائعًا ضرورة لابد أن أفعلها، ولحم القرود يبدو أبسط من الموت، هذا ما جعل شاب عربي مثلي لاينتظر وظيفة مقابل بعض النقود " ويفوز باللذات كل مغامر" كل ذلك جعل الملوك والرؤساء ينتظروني ويلتقون بي للاستماع إلى مغامرات عابرة للحدود من شاب كانت البداية بزيارة 6 بلدان، لشاب عبر نصف الكرة الأرضية ويسعى ليعبر النص الآخر.