الكوميديا نوع من أنواع التشخيص الجميل ذات طابع خاص، يجسد فيه الممثل شخوصا معينة فى صور وقوالب مرحة من صنع المفارقات، ينتج عنها عروض تُكتب بقصد التسلية فى فصول سهلة تنهض على المفارقة والإفيهات الخالدة لصنع حالة من البهجة والسعادة لدى الجمهور.
وتحت قبة المسرح تجتمع كافة أشكال الفنون، وخلال رحلته الطويلة وقف على خشبته مبكرا؛ مجموعة من الرائدات منذ مراحله الأولى وصولا اللحظة الحالية، قدمن تراثًا خالدًا سيبقى على مر الزمان. وقد اختص المؤرخ المسرحى د. عمرو دوارة «البوابة نيوز» بفصول لم تنشر بعد من موسوعته الجديدة غير المسبوقة، التى تحمل عنوان «سيدات المسرح المصرى»، ولم يستقر على دار نشر لطباعتها حتى الآن، حيث تضم هذه الموسوعة السيرة الذاتية والمسيرة المسرحية لـ150 رائدة، منذ بدايات المسرح الحديثة 1870 حتى 2020، والمصحوبة بصور نادرة سواء شخصية أو لعروضهن المسرحية، وقد نجحن فى المساهمة بإبداعهن فى إثراء مسيرة المسرح المصرى. وخلال أيام الشهر المبارك نستكمل نشر 30 حلقة للسيرة الذاتية لرائدات برعن فى أداء الأدوار الكوميدية
اشتهرت الفنانة زكية على محجوب، الشهيرة بـ«ثريا حلمى» فى بداياتها بخفة ظلها ومهاراتها فى إلقاء المونولوجات، وهى من مواليد ٢٦ سبتمبر عام ١٩٢٣ بمدينة مغاغة فى محافظة المنيا، وتنتمى لأسرة فنية فوالدها رغم أنه كان يعمل فى تجارة الطرابيش، إلا أنه كان بجانب التجارة يعمل عازفًا للموسيقى، ومتعهدًا للفرق الفنية فى الأفراح والحفلات، أما شقيقتها الكبرى فهى المطربة ليلى حلمى، التى نجحت فى تحقيق قدر معقول من الشهرة.
قضت فترة من طفولتها مع والدها وشقيقتها ببلاد الشام بكل من مدينتى «دمشق» و«بيروت»، وكان والدها يجوب بعض الدول العربية لتقديم فنه، اقتربت من عالم الفن عندما كانت تذهب إلى مسارح الصالات بمصاحبة شقيقتها الكبرى المطربة ليلى حلمى، وتشارك بتقديم فقرات من الرقص والغناء وهى فى الثامنة من عمرها، حتى أطلق عليها الطفلة المعجزة، وكان أجرها الشهرى خلال فترة عملها بالفرقة ١٨ جنيها، هكذا أوضح المؤرخ المسرحى الدكتور عمرو دوارة، مضيفا حينما بلغت عمر ١٥ عام ١٩٣٨، بادرت شقيقتها التى عملت بصالة الفنانة ببا عز الدين منذ منتصف الثلاثينيات، بتقديمها كمنولوجست إلى «ببا عز الدين»، التى أقتنعت بموهبتها وقررت ضمها إلى فرقتها، تزوجت فى أوائل أربعينيات القرن الماضى من المنتج الفنى أنطون عيسى ابن شقيقة بديعة مصابنى، الذى كان متزوجًا قبلها من الراقصة ببا عز الدين، وقام بإشهار إسلامه خصيصًا لكى يستطيع الزواج منها. كانت أولى مونولوجاتها: سيكا ميكا، و«شاور عقلك على مهلك»، واستمرت بالعمل فى صالة ببا لمدة ست سنوات، حتى انتقلت بعد ذلك مع زميلها إسماعيل يس، بناءً على نصيحة أنطون عيسى زوج «ببا عز الدين» وهو نفسه ابن شقيقة «بديعة مصابني»، إلى صالة «بديعة مصابني»، وتألقت فى فن «المونولوج»، واستمرت منذ عام ١٩٤٠ حتى ١٩٦٦، كونت ثنائيًا فنيًا ناجحًا مع الكوميديان إسماعيل يس، وكان أول تعاون بينهما عام ١٩٤٠، من خلال عملهما معًا بمسارح الصالات، حتى شاركته بعد ذلك فى عدد كبير من الأفلام.
قدمت «حلمى» ما يقرب من ٣٠٠ مونولوج سواء من خلال الصالات الفنية أو بالأفلام السينمائية أو على خشبة المسرح ببعض الحفلات الغنائية، ومن أشهر تلك المونولوجات: «عيب إعمل معروف»، «إدى العيش لخبازه»، «حب وطب»، «أشتاتا أشتاتا»، «فتح يا بنى فتح»، «أخاف وأكش»، «ما نيل المطالب بالتمني»، «أما إنت جريء والله»، و«عايز أروح» بمشاركة الفنان إسماعيل يس.
وكان أشهر من كتب لها المونولوجات: «بيرم التونسى، وأبو السعود الإبيارى، حسن الإمام، إبراهيم عاكف، والسيد زيادة»، ومن الملحنين الذين شاركوا فى تلحين تلك المونولوجات: «عزت الجاهلى، محمد صبرة، على إسماعيل، وحسن أبو زيد»، إلا أنها اعتزلت غناء «المونولوج» وتفرغت للتمثيل منذ عام ١٩٦٦.
المسرح فى حياتها
ظل المسرح المجال المحبب لها، فقد تفجرت هوايتها لفن التمثيل به، كما أثبتت موهبتها من خلاله بعدما تعلمت أصول التمثيل بمشاركاتها بعدد كبير من العروض بمسارح الصالات التى أخرجها نخبة من كبار المخرجين، ومن خلاله أيضا شاركت فى عدد كبير من المسرحيات المتميزة وفى هذا الصدد يجب التنويه إلى أن فترة مسارح التليفزيون وبالتحديد من عام ١٩٦٢ إلى عام ١٩٦٦ تعد من أزهى فترات تألقها مسرحيا، وهى الفترة التى شاركت فى بطولة عدة مسرحيات بفرق: «المسرح الغنائى الاستعراضي» و«المسرح الكوميدي» و«المسرح المتجول».
ومع فرقة «تحية كاريوكا» مسرحية «شفيقة القبطية» فى ١٩٦٣، ومع «الفنانين المتحدين» عرض «برغوت فى العش الذهبي» عام ١٩٦٩؛ ومع «الكوميدى المصرية» مسرحية «طبق سلطة» فى ١٩٦٩؛ ومع «المسرح الجديد» عرض «واحد مش من هنا» عام ١٩٧٦؛ ومع «المدبوليزم» مسرحية «مع خالص تحياتي» فى ١٩٧٩؛ ومع «الريحاني» عرض «مين يعاند ست» عام ١٩٨٣؛ ومع «النجوم الخمسة» مسرحية «عفوا يا هانم» فى ١٩٨٦؛ ومع «الفن» عرض «ولا العفاريت الزرق» عام ١٩٨٨؛ إلى جانب مشاركتها فى مجموعة من المسرحيات المصورة هى: «بنسيون الأحلام» عام ١٩٧٠، و«الفلوس حبيبتي» فى ١٩٧٩، و«عمى هو السبب» عام ١٩٨٢، و«مصنع الشيكولاتة، وكلام خواجات» فى ١٩٨٤.
تعاونت «حلمى» من خلال مسرحياتها السابقة مع نخبة من المخرجين الذين يمثلون أكثر من جيل منهم: «عزيز عيد، عبد العزيز خليل، إدوارد فارس، وإيليا مفيستو، كمال يس، محمود مرسى، عبد المنعم مدبولى، حسن عبد السلام، السيد راضى، محمد سالم، سعد أردش، فايز حلاوة، محمد أبو داود، جلال توفيق، سعيد مدبولى، نبيل منيب، وجلال عبد القادر».
سينما حلمي
شاركت فى إثراء مسيرة الفن المصرى ببطولة ٦١ فيلمًا خلال ما يقرب من نصف قرن، كانت أولى مشاركتها بفيلم «حياة الظلام» عام ١٩٤٠ وهى فى عمر سبعة عشر عامًا، وآخرها «ضد القانون» فى ١٩٩٢ وهى فى عمر يناهز ٧٠ عامًا.
ثريا الإنسانة
ويحسب لهذه الفنانة تطوعها بالمشاركة ببعض الأنشطة الاجتماعية منها: «قطار الرحمة» و«القافلة الفنية» التى جابت كافة المدن المصرية عام ١٩٥٤، من أجل جمع التبرعات لبناء الجيش المصرى، استمرت فى هذه الجولة حوالى ٢٠ يومًا، إلى جانب مواقفها المشرفة مع زملائها، التى تثبت أصالتها وشهامتها.