تُعد سلسلة «رؤية» من أهم المشروعات الثقافية التى تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب ووزارة الأوقاف المصرية، وتستهدف شرح صحيح الدين فى كتيبات صغيرة يسهل حملها.. وخلال شهر رمضان المبارك نستعرض أهم أجزاء هذه السلسلة، والتى تتضمن شتى مناحى الحياة، والتى تبدأ ببناء الشخصية الوطنية وخطورة الفتاوى والأفكار الظلامية وكيفية مواجهة الإرهاب والتطرف، وحماية دور العبادة.. وغيرها من الموضوعات التى تقدم بطريقة مبسطة.
يتطرق كتاب «بناء الشخصية الوطنية» إلى أهمية الفنون ودورها فى بناء الشخصية الوسطية المعتدلة إذا يوضح أن الإسلام اهتم بالعديد من الفنون، حيث إن الفن تم إقراره فى الإسلام مع وضع عدة ضوابط، أهمها الالتزام بمكارم الأخلاق، وقد لفت القرآن الكريم فى أكثر من آية إلى جمال الكون وما فيه من إبداع وإتقان، وما يحققه ذلك من سرور وبهجة للناظرين، والإسلام يقبل الفنون الأدبية الراقية الهادفة كالشعر والنثر والقصص، وكذلك العمارة والزخارف والصوت الحسن بشرط الالتزام بمنظومة الأخلاق، وبشرط أداء وظيفة الارتقاء بذوق وفكر الإنسان ووجدانه ومشاعره.
ولفت أيضًا إلى أهمية استخدام الفنون فى المدارس عن طريق إلقاء الأشعار والتمثيل، سواء فى الإذاعة المدرسية أو المسرح المدرسى، وعرض الأفلام الوثائقية التى تحكى تاريخ آثار مصر، إن هذه الفنون وغيرها من الفنون الراقية هى التى يجب استخدامها فى المدارس لدعم القيم العليا، وأن المسرح والسينما والدراما التليفزيونية وكرتون الأطفال، سواء داخل المدرسة أو خارجها يمكن أن تلعب دورًا مهما فى بناء الشخصية الوسطية المحبة للعلم وللوطن، لكى تكون قادرة على المشاركة فى معركة البناء والتنمية ومحاربة التطرف والإرهاب فى مصر، مشيراً إلى الشخصية المصرية تتميز بعد سمات عامة ومنها التسامح والتدين والعدل والصبر والجلد وتحمل الصعاب، والمرح، والانفتاح، والعاطفة، والشعور بالمسئولية والتكيف السريع والقدرة على التأقلم مع الموقف ونقيضه. وتتسم الشخصية المصرية بالصبر وتحمل الصعاب والأزمات التى مر بها على مر العصور، ويرجع ذلك إلى ارتباط المصرى الوثيق بالدين وبالبيئة الزراعية التى عاش فيها منذ فجر التاريخ على ضفاف نهر النيل، والتى علمته أن يضع البذرة فى الأرض وينتظر الحصاد.
لافتًا إلى أن الشخصية المصرية مع بدايات القرن الحادى والعشرين تواجه الكثير من التحديات والتهديدات يتحتم عليها مواجهتها، لحماية ذاتها والحفاظ على قيمتها الإيجابية وإيقاع حضارتها، فهى منبع المعرفة والحضارة العربية وما يتبعها من قومية عربية وسياسية واقتصادية تحمل إمكانات هائلة لتفوق العالمية، وأن الإنسان المصرى بما يحمله معه من تراث حضارى قادر على استيعاب العلوم والتكنولوجيا الحديثة إلى درجة التفوق والمنافسة لو أتيحت له فرصة حقيقة، وهو ما لا تقبله ولن تقبله القوى المعادى، لأنها تدرك تمامًا بانها لو تركت مصر تحذو حذو اليابان وكوريا وتايوان وتحول الزيادة السكانية والبشرية إلى إنتاج صناعى وزراعى متقدم، فسوف تصبح مصر قلعة إنتاجية صامدة أمام تسلل النفوذ الأجنبى على مر التاريخ، وأمام الذين عاشوا دهورًا طويلةً على دماء مصر من خلال فخ الديون والقروض والتصدير والاستنزاف فى ما قبل الاستيراد الاستهلاكى، وما يترتب على ذلك من فقر وجوع وتبعية لها تأثيرها الكبير على خصائص الشخصية المصرية ونسق قيمتها.
وعن تطور الشخصية المصرية على مر العصور هذا ما سنعرفه فى الحلقة المقبلة من سلسلة «رؤية».
ثقافة
رؤية|«بناء الشخصية الوطنية».. ضوابط الفن
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق