قال البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، “صحتي متأرجحة بعض الشيء، لدي مشكلة في الركبة تسبب لي صعوبة في الحركة والسير، إنها مشكلة مزعجة، لكن الوضع نحو التحسن، ويمكنني أن أمشي على الأقل، منذ أسبوعين، لم أكن قادراً على فعل أي شيء، إنها مسألة بطيئة، لنرى ما إذا كان الوضع سيتراجع، لكن لدي شك. في هذه السن لا يعرف الإنسان كيف سيُنهي مشواره، لكن آمل أن يكون كل شيء على ما يرام”.
وأضاف البابا فرنسيس خلال حديثه مع الصحفيين علي متن الطائرة البابوية في طريق عودته من مالطا، "بالنسبة للزيارة سررتُ كثيرا بها، لقد شاهدت الواقع في مالطا، وحماسة الأشخاص المدهشة، أكان في غوزو أو في مالطا، في فاليتا ومناطق أخرى، وكانت الحماسة كبيرة على الطرقات، وقد أدهشني هذا الأمر، كانت الزيارة قصيرة بعض الشيء، المشكلة التي شاهدتها لديكم – أو إحدى المشكلات – هي الهجرة، مشكلة الهجرة كبيرة لأن اليونان، قبرص، مالطا، إيطاليا وإسبانيا، هي بلدان قريبة من أفريقيا والشرق الأوسط، والمهاجرون يصلون إليها، ينبغي أن يلقى المهاجرون الضيافة على الدوام! على كل حكومة أن تحدد عدد المهاجرين الذين يمكنها أن تستقبلهم، كي يعيشوا في تلك البلدان. ولهذا السبب ثمة حاجة إلى تفاهم مع البلدان الأوروبية، التي ليست مستعدة كلها لاستقبال المهاجرين. قد ننسى أن أوروبا صنعها المهاجرون. أليس هذا صحيحا؟ هذا هو واقع الأمور. ينبغي على الأقل ألا يُترك العبء كله على البلدان الحدودية، التي هي سخية جدا، ومالطا هي من بين هذه البلدان.
وتابع البابا فرنسيس: لقد زرت مركز استضافة المهاجرين، والقصص التي استمعت إليها هناك كانت رهيبة، معاناة هؤلاء الأشخاص من أجل الوصول هنا، بالإضافة إلى مخيمات الاعتقال – إنها مخيمات اعتقال – متواجدة على السواحل الليبية، عندما يعادون إلى ليبيا، هذا يبدو لي إجرامياً، ولهذا السبب أعتقدُ أنها مشكلة تلامس قلوب الجميع، وكما تتعامل أوروبا اليوم بسخاء كبير مع الأوكرانيين الذي يقرعون بابها، ينبغي فعل الشيء نفسه مع الآخرين، القادمين عبر البحر المتوسط. هذه كانت المحطة الأخيرة من زيارتي وقد أثّرت بي كثيراً، لأني استمعت إلى الشهادات، والمعاناة التي هي شبيهة بتلك التي يرويها الكتيّب بعنوان Hermanito، أعتقد أني سبق أن تحدثت عن هذا الموضوع، العنوان يعني "الأخ الصغير" بالإسبانية، ويسلط الضوء على الجلجلة التي يعيشها هؤلاء الأشخاص. هناك شخص روى اليوم أنه اضطر إلى دفع المال أربع مرات. أطلب منكم أن تفكروا بهذا الأمر. شكرا.
وأكد البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، أن الحرب هي دائماً ضرب من الوحشية، إنها شيء لا يمت للإنسانية بصلة، ويتعارض مع الروح البشري، لا المسيحي وحسب، إنما البشري، إنه روح قايين. إني مستعد لأفعل كل ما يجب فعله؛ والكرسي الرسولي – لاسيما من الناحية الدبلوماسية مع الكاردينال بارولين والمونسيور غالاغر – يقوم بكل شيء، كل شيء. ولا يمكن أن يُعلن عن كل ما يقومان به، من باب الحذر والسرية، لقد بلغنا أقصى ما يمكن فعله. ومن بين الإمكانات المتاحة هناك الزيارة. ثمة زيارتان ممكنتان: واحدة، كما طلب مني الرئيس البولندي، تقضي بإرسال الكاردينال كراييفسكي لزيارة الأوكرانيين الذين استضافتهم بولندا. وقد ذهب مرتين آخذا معه سيارتَي إسعاف، ومكث معهم، وسيقوم بزيارة أخرى، وهو مستعد لذلك. أما فيما يتعلق بالزيارة الثانية، والتي سألني عنها أكثر من شخص، قلتُ بصراحة إنني أفكر بالذهاب، وقلت إنني مستعد دوماً، ولا يوجد رفض مسبق. إني مستعد.
وتابع البابا فرنسيس : أما بشأن الزيارة الي أوكرانيا، فهي مطروحة على الطاولة، المشروع موجود، كأحد المقترحات التي وردت، لكني لا أدري ما إذا كان ذلك ممكنا، أو ملائما، وإذا كان من الأفضل أن تتم. إذا كان هذا ملائماً، فيجب أن أقوم بها. وكل شيء يتوقف عند هذا الأمر. ومنذ فترة طويلة فكرنا بلقاء مع البطريرك كيريل: يتم العمل في هذا الاتجاه، ويتم التفكير بإمكانية عقد اللقاء في الشرق الأوسط. هذا هو واقع الأمور اليوم.
واستطرد البابا فرنسيس، عندما تحدثت مع البطريرك، أدلى بصريح جميل تناول فيه الأمور الذي تحدثنا عنها، لقد تواصلت مع الرئيس الروسي في نهاية العام الماضي، عندما اتصل بي لتبادل التهاني، وتبادلنا الكلام. ثم تواصلت أيضا مع رئيس أوكرانيا، مرتين. وفكرت في اليوم الأول من الحرب أن أتوجه إلى السفارة الروسية، لأخاطب السفير، الذي يمثل شعبه، كي أطرح عليه الأسئلة، وأخبره عن انطباعاتي حول هذا الموضوع. هذه هي الاتصالات الرسمية التي أجريتُها. اتصلت مع روسيا من خلال السفارة. كما تواصلت مع رئيس أساقفة كييف المطران شيفشوك. وتواصلت بانتظام، مرة كل يومين أو ثلاثة، مع الصحفية إليزابيتا بيكيه، الموجودة حاليا في أوديسا. لقد تواصلت معها عندما كانت في ليوبولي. أتواصل معها وهي تطلعني على مجريات الأحداث. تحدثتُ أيضا مع رئيس المعهد الإلكيريكي هناك، ووجهت رسالة إلى الإكليريكيين وعامة الناس. وأنا على تواصل أيضا مع ممثل عنكم. وللمناسبة أود أن أتقدم بالتعازي على زملائكم الذين قُتلوا. بغض النظر عن الجهة التي ينتمون إليها. عملكم يصب في صالح الخير العام، وقد قُتل هؤلاء خلال خدمتهم للخير العام، للإعلام. دعونا لا ننساهم. كانوا شجعان، وأنا أصلي من أجلهم، كي يكافئهم الرب على عملهم. هذه هي الاتصالات التي أجرتها لغاية اليوم.
وكشف البابا فرنسيس بان الرسالة التي وجهتها إلى جميع السلطات هي التي أتحدث عنها بالعلن. لا أقوم بازدواجية الكلام. كلامي هو نفسه دائما. أعتقد أن سؤالك يتضمن شكوكاً حول الحروب العادلة وتلك الظالمة. إن كل حرب تولد من الظلم، وهذا يحصل دائما. لأن هذا هو مخطط الحرب، وليس مخطط السلام. كالقيام بالاستثمارات لشراء الأسلحة، على سبيل المثال. يقولون لي: إننا بحاجة إلى الأسلحة للدفاع عن أنفسنا. هذا هو مخطط الحرب. عندما انتهت الحرب العالمية الثانية، تنفس الجميع الصعداء وقالوا "لا للحرب بعد اليوم، نعم للسلام"، وبدأت موجة من العمل من أجل السلام، مع الإرادة الصالحة في التخلي عن صنع الأسلحة، على أنواعها، حتى الذرية منها، خصوصا بعد حادثتي هيروشيما وناغازاكي. كانت إرادة صالحة كبيرة. وبعد سبعين أو ثمانين سنة نسينا كل ذلك. وها هو مخطط الحرب يفرض نفسه. كانت قد عُلقت آمال كبيرة على عمل الأمم المتحدة في تلك الحقبة. لكن مخطط الحرب فرض نفسه مرة جديدة. ولم نعد قادرين على التفكير بمخطط آخر، لأننا لسنا معتادين على التفكير بمخطط السلام. كان هناك أشخاص عظماء، كغاندي وغيره كثيرين، تحدثت عنهم في نهاية الرسالة العامة Fratelli Tutti، الذين راهنوا على مخطط السلام. لكننا متعنتون! إننا متعنتون كبشرية، إننا نعشق الحروب وروح قايين. وليس من قبيل الصدفة أن هذه المشكلة برزت في بداية الكتاب المقدس: الروح القاتل لقايين عوضا عن روح السلام. "يا أبتِ لا يمكن ..." سأقول لكم أمرا شخصيا. عندما ذهبت في عام ٢٠١٤ إلى Redipuglia، وشاهدت الأسماء، بكيت. لقد بكيت حقاً بمرارة. وبعد يومين أو ثلاثة في عيد تذكار الأموات، ذهبت للاحتفال بالمناسبة في Anzio، وهناك أيضا شاهدت الشبان الذين قضوا خلال عملية الإنزال. قرأت أسماءهم، كانوا كلهم فتيان. وبكيت هناك أيضا. لا أفهم لماذا علينا أن نبكي عند المدافن. احترم ذلك، لأن هناك مشكلة سياسية، لكن عندما تم إحياء ذكرى إنزال النورماندي اجتمع رؤساء الحكومات في تلك المناسبة. لكني لا أتذكر أن أحداً تكلم عن ثلاثين ألفا من الجنود الشبان، الذين قتلوا على الشواطئ. نزلوا من السفن وقتلوا رميا بالرصاص على الشواطئ. ألا يهمنا أمر الشباب؟ هذا الأمر يحملني على التفكير ويؤلمني. إني متألم حيال ما يجري اليوم. إننا لا نتعلم. ليشفق الرب علينا جميعا. إننا كلنا مذنبون.