كما كان متوقعًا رفعت أمريكا سعر الفائدة ٠.٢٥٪، لهذا أصبح مصطلح رفع أسعار الفائدة الأكثر تداولًا خلال الساعات الأخيرة، خاصة فى ظل المستويات العالية وغير المسبوقة من التضخم وعلى الفور رفعت البنوك المركزية فى ٤ دول خليجية أسعار الفائدة الأساسية بها بنفس النسبة وهى السعودية والإمارات والكويت والبحرين، نظرًا لارتباطها بالدولار الأمريكى ومن المعلوم أن قرار تحديد سعر الفائدة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بسعر صرف الدولار، وذلك لأن عملة الدولار الأمريكى تعد مقياسًا لجميع السلع والخدمات والعملات، وبالتالى فإن تأثر سعر الفائدة الأمريكى يؤثر على الدولار وبالتالى لا تتأثر به أمريكا فقط، بل العديد من الدول.
وبالنسبة للعملات المربوطة بالدولار، ترتفع قيمتها مع رفع سعر الفائدة الأمريكية، وغالبًا ما تتبع البنوك المركزية لتلك الدول خطى الاحتياطى الفيدرالى برفع الفائدة بقدر مماثل، ويؤدى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكى إلى انخفاض أسعار النفط والذهب وجميع المعادن والسلع التى ترتبط قيمتها فى الدولار، وتزيد كلفة الاستيراد وتقل تنافسية الصادرات وسوف تتأثر أسواق الدول الناشئة بشكل مباشر من ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، إذ ينسحب المستثمرون الدوليون من بورصاتها وسنداتها.
ويؤدى هذا تباعًا إلى تراجع حيازات تلك الدول من الدولار، الأمر الذى قد يسهم فى نهاية المطاف بتراجع قيمة العملات المحلية، لذا يتوجب الاستعداد لهذه الخطوة التى قد ينتج عنها ارتفاع أسعار كل السلع المستوردة، وغالبًا ما يقوم البنك المركزى المصرى برفع أسعار الفائدة عندما ترتفع نسبة التضخم فى الاقتصاد «زيادة أسعار السلع والخدمات» وبالتالى ترتفع قيمة المال وتقل نسبة الاقتراض ويقل الإنفاق والطلب على الاستهلاك فينخفض التصخم بمعنى أن رفع سعر الفائدة سيزيد كلفة اقتراض الفرد مثلًا لشراء سيارة أو غيرها من السلع المماثلة بالتقسيط.
وفى حال امتلاك الأسرة لمنزلها فإن كلفة الأقساط الشهرية لقرض الرهن العقارى سترتفع مع رفع سعر الفائدة الأساس، كما أن الراغبين فى شراء عقار سيجدون صعوبة أكبر فى تأمين قرض عقارى بكلفة مناسبة لدخولهم، ومع زيادة المدفوعات الشهرية للقروض العقارية يتآكل ما يتبقى للأسرة شهريًا من دخلها، وبالتالى ستعانى ارتفاع كلفة المعيشة. كما سيؤدى لتباطؤ النمو الاقتصادى مع كل ما سيتتبعه من تراجع التوسع فى النشاط وسوق العمل، وينعكس ذلك على الناس فى احتمالات ارتفاع معدلات البطالة وعدم الزيادة فى الأجور وستزيد كلفة الديون القائمة سواء السيادية أو تلك التابعة للقطاع الخاص.
كما أن الإبقاء على سعر صرف الجنيه اعلى من حقيقته يعنى أن الواردات تدخل مصر رخيصة نسبيًا وتنافس منتجاتنا المحلية وأن الصادرات تصبح أغلى مما تستحق ولا تستطيع أن تنافس أحدًا وبالتالى تتكدس الأموال بالبنوك بسبب تراجع الاستثمار ومناخ الخوف، وحين تفقد العملة المحلية جزءًا من قيمتها، ترتفع أسعار المواد الخام بشكل مفاجئ، ولا تستطيع أغلب الشركات رفع أسعار منتجاتها بنفس المعدل فى التو واللحظة. مما يؤدى لإفلاس العديد من الشركات التى ليس لديها سيولة كبيرة تمكنها من الصمود.
وهكذا تبدو المسألة معقدة ومتشابكة بمعنى أن تحريك السعر يزيد تحويلات العاملين بالخارج حيث أصبحت أرقامها تشكل أعلى دعم نقدى من العملة الأجنبية. مقارنًا بالمصادر الأخرى، وهذا سيدعم الصادرات وقد تعلمنا أن انخفاض أسعار العملة يعطى ميزة تنافسية للتصدير ولكننا للأسف نصدر مواد أولية دون أى تصنيع حقيقى يعود على المواطن بالنفع وتشغيل البطالة أما الواردات فستؤثر سلبيًا للعملة الأجنبية ولا علاج لها سوى بالترشيد وخلق بدائل محلية ووسط هذه الظروف لابد من مراعاة البعد الاجتماعى لأن الفقراء وأصحاب المعاشات كثيرون ورفع سعر الصرف سيؤدى بهم إلى كارثة قد لا يتحملونها لذلك لا بد من المواءمات بين السياسة والاقتصاد لأن عدم المواءمة قد يعنى التضحية بهذا الجيل.