بدأت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الأحد، الأسبوع الثانى من الصوم الكبير، والذي يستمر لمدة ٥٥ يومًا ينتهي بعيد القيامة المجيد، ويسمى الأحد الثاني من الصوم بـ«أحد التجربة والنصرة»، ويصوم الأقباط الأربعين يومًا المقدسة صيامًا انقطاعيًا من الثانية عشرة منتصف الليل إلى الثالثة ظهرًا، عند نهاية القداس الأول أو الثانى.
ذكرت الكنيسة عنه أن السيد المسيح جُرب من إبليس بتجارب ثلاث: «شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة، وانتصر المسيح فيها كلها ليس بقوة اللاهوت ولكن بالمكتوب، ففي كل مرة كان يرد على الشيطان قائلًا مكتوب فيهزم الشيطان»، وتدعو الكنيسة فى هذه المناسبة شعبها إلى الانتصار على الحروب الخفية كما انتصر فيها المسيح.
أوضح القس يوساب عزت أستاذ الكتاب المقدس بالكلية الإكليريكية والقانون الكنسي بالمعاهد الدينية، أن السيد المسيح تعرض لثلاثة تجارب، وهي تجارب كثيرًا ما يكررها إبليس في حياتنا، ونريد من خلالها أن نفهم فكر إبليس لننتصر كما انتصر السيد المسيح. فما هي هذه التجارب
1- تجربة الرغبة الجسدية
بحسب النص يبدو أن يسوع قد صام عن الطعام ولم يصم عن الشراب، وصار في أضعف حالاته البشرية تقدم إليه الشيطان وأشار «عزت» إلى أن هكذا يخاطب الشيطان الناس.
2- تجربة الكبرياء
أظهر نفسك للآخرين بعمل مثير «سوبرمان»، فتحصل على المُلك والشهرة، إن كانت هذه التجربة فخا، إن نجح المسيح يسقط في فخ الشهرة والمجد الباطل، وإن فشل وسقط فليس ابن الله.الحصول على المجد بدون ألم هو كذبة من اختراع إبليس.
3- تجربة الممتلكات والسلطة
أراه ممتلكات العالم بمظاهرها الخادعة من سلطة وعظَمة وممتلكات ونفوذ، ولكن ماذا رأى المسيح؟ لقد رأى ما أخفاه إبليس عن عيون الناس، رأى الفساد والنجاسة والزنى والمؤامرات في قلب هذه الممتلكات، وفي قلب هذه المظاهر الخادعة. فرفض أن يكون ملكًا على هذا العالم.
درس فى النصرة
وقال القس جوارجيوس القمص فيلبس، كاهن كاتدرائية الشهيد العظيم مار جرجس في مدينة العاشر من رمضان إن أحد التجربة هو ما يجعلنا نتذكر النصرة في تجارب إبليس، فالسيد المسيح أعطانا درسًا في النصرة في الضيقات والتجارب، فلا حياة مقدسة بدون تجارب ولا تجارب بدون نصرة ولا نصرة بدون المسيح، في كل تجارب وضيقات الحياة وعلى الرغم من أننا في حرب روحية، إلا أن الشيطان ليس له سلطان علينا.
ولقد أكد الله لنا أنه لا يمتحنا فوق ما نستطيع احتماله، وأوضح القس جوارجيوس أن الضيقات والتجارب هي إحدى الطرق التي يجب أن تقربنا من الله، وليس أن تبعدنا عنه، فالله لن ولم يتخلى عن أى إنسان طلب مساعدته، لكن الأهم هو أن نطلب ونصلي ونسلم جميع أمورنا إليه، ونؤمن بقوته التي تعضدنا.
وأضاف أن التجارب أحيانًا تكون اختبارًا جميلًا أن نرى معونة الله في خلال ضيقاتنا، فنختبر حنو الله ومحبته وعمله من أجلنا. فنشعر بعمل الله معنا، ونختبر قول المزمور: «ملاك الرب حالّ حول خائفيه وينجيهم». إن كل تجربة هي بلا شك مجال لخبرة روحية جديدة، فلا تخلو حياة إنسان من التجارب حتى للأنبياء والقديسين، مثل أيوب النبي ويوسف الصدّيق فجميع الأبرار اجتازوا بوتقة الألم، واختبروا الضيقة والتجربة.
وتابع أن الضيقات هى مدخل للبركات، فلا تتذمر ولا تعترض بل تقبل كل شىء بشكر من يد الله، وثق في حصولك على البركة التي تصاحب كل ضيقة، فهما وجهان لعملة واحدة، وأشار إلى كلمات البابا شنودة الثالث عن الضيقات: «ضع الله بينك وبين الضيقة، فتختفي الضيقة ويبقى الله المحب». إذًا لا تقلق من أي تجربة اعتمد على قوة الله الذي سيجعلك تنتصر.
وأوضح أستاذ الكتاب المقدس بالكلية الإكليريكية موقع التجربة الأولى «البرية»، والبرية هى الصحراء أو أى أرض مقفرة غير معمورة وأن كان بها ما يصلح لرعي الماشية، وغالبًا البرية هى برية اليهودية هى الأراضي المقفرة بين جبال اليهودية والبحر الميت، ومعدل عرضها 15 ميلًا، وصخورها كلسيّة، وترابها قليل، وبسبب قحطها خلت من المدن وندرت فيها القرى.
وأضاف أن موقع التجربة الثانية «جبل تجربة السيد المسيح»: هو جبل الكرانتانيا «Quarantal» أو «قرنطل» التى تعنى «الأربعين»، فبعد أن تعمد يسوع فى بيت عبرا عبر الأردن، اعتكف في هذا الجبل وقضى الأربعين يومًا والأربعين ليلة صائمًا ثم جرب من إبليس على قمة هذا الجبل، يقع هذا الجبل على بعد سبعة أميال شمالى غرب أريحا، ويبلغ ارتفاعة 350 مترًا فوق مستوى سطح البحر ويطل على منظر رائع لوادى الأردن، بالرغم من أنه هو منطقة مقفرة. أما عن موقع التجربة الثالثة هو الهيكل المعروف باسم هيكل هيرودس.