تضفي الموسيقى معنى للحياة˓ روحا للحياة˓ فتصبح حياتنا أجمل بكل مسموع جميل ومستحب˓ بحسب تقدير السامع ˓ أي بالغناء وبالأصوات الجميلة والمعزوفات المفهومة وكل الأصوات الكونية الملفتة التي تحيطنا من كل جانب إن كانت أصواتا بشرية أو غيرها. تؤثث الموسيقى بذلك˓ بشكل أو بآخر فضاءنا الزمكاني˓ فترسم هويتنا وفرديتنا وتصبح بذلك الشيء الذي منا وإلينا ˓ بمعنى أنها تلك الطاقة الصادرة من الإنسان والواردة إليه أيضا في شكل طاقة أخرى.
إن مجرد الاستماع للموسيقى يجعلنا نتأمل أكثر في أنفسنا وفيما يحيطنا˓ فتعم الوجود جمالا وتنشر في قلوبنا ضياء فلا يشعر بها إلا من يستشعر معانيها وإن كان بشكل غير واع وفي هذا سر تحاول كل العلوم الثقافية والإنسانية على مر العصور الإجابة عنه وكما غنت السيدة فيروز في قصيدة لجبران خليل جبران "الغناء سر الوجود".
نعم تهب الموسيقى روحا للحياة، ولكنها أيضا دون شك تهب الحياة للروح بإيقاظ المشاعر المكبوتة أو المشاعر التي لا نقوى على التعبير عنها وفي هذا الصدد يعتبر أفلاطون أن "الموسيقى قانون أخلاقي˓ إنها تعطي الحياة للروح˓ والأجنحة إلى العقل˓ وتنقلك إلى الخيال˓ وتلهم السحر والإبهار بالحياة وكل شيء من حولنا.
الهدف من الغناء بالنسبة للمؤدي ليس بالضرورة الطرب- ونستثني في ذلك ممارسات المختصين في المجال الموسيقي- وإنما هو مهم أن يشعر المؤدي بالاستمتاع زمن القول تلك هي متعة التآلف الذي بفضله يحدث التعبير الحر عن المشاعر والتفاعل الإيجابي مع النغمات، بل هو نوع من الاسقاط يجعل الروح تتآلف مع اللحن كما تآلف الأنغام فيما بينها. غن فالغناء مظهر من مظاهر الصحة النفسية ولا تكترث ان كان صوتك غير جميل وإنما غن وأحب غناك لتكون أنت أجمل، غن لأجلك.
كاتبة المقال باحثة في العلوم الثقافية والموسيقية