أعرب الشيخ الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالسعودية، عن سعادته بالمشاركة في أعمال المؤتمر العام الثاني والثلاثين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
وقال خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، الذي انطلقت اليوم السبت: إن مؤتمر (عقد المواطنة وأثره في تحقيق السلام المجتمعي والعالمي ) يؤكد على ثوابت الدين والتعايش السلمي وقيام الدول والمجتمعات على ركائز ثابتة في وجوب ترسيخ الألفة والاجتماع ونبذ الفرقة والاختلاف تحت محاور مهمة في مشروعية الدولة الوطنية وعقد المواطنة والتسامح الديني ومكانة المرأة في الدولة المدنية وعقد المواطنة وأثره في الحماية الاجتماعية وتحقيق الأمن المجتمعي والسلام العالمي.
وتابع:"يزداد المؤتمر أهمية في ظل الظروف الراهنة التي تهدد عقد المواطنة لمجتمعاتنا العربية والإسلامية، وبروز قوى ظلامية تحاول هدم الكيان وزعزعة الاستقرار وتغوير الهوية الوطنية القائمة على وحدة الانتماء للدين والوطن، وهناك شاهد حي فيما يحصل في بعض البلدان العربية مثل اليمن السعيد الذي يعاني بسبب اختطاف الهوية الوطنية الإسلامية من مليشيات إرهابية تمولها وتدعمها إيران لتصدير الثورة الخمينية لجزيرة العرب والتوسع في البلدان العربية".
وأوضح:"إننا اليوم كمسؤولين في الشأن الإسلامي يجب أن نقوم بدورنا الفاعل والمؤثر للتصدي والوقوف أمام الروافد والتدخلات في بلداننا العربية والإسلامية من قبل دول تصدر الإرهاب، وتحاول تغيير معالم الهوية الوطنية في بلداننا لتصدير أيدلوجياتها القائمة على ثقافة القمع والعنف وتغيير الخارطة التاريخية لبلداننا العربية التي تعتز بعروبتها وإسلامها ومنهجها الشرعي الأصيل الذي يستمد قوته من التمسك بالثوابت الاسلامية التي تنمي ثقافة الاعتزاز بالوطن وصدق الانتماء إليه".
وأردف:"أقولها وبكل تجرد وصدق إن الواجب الشرعي الذي يجب أن نقوم به ليكون التاريخ شاهداً لنا، هو التصدي بخطابنا الدعوي والتوعوي والإرشادي لكل المنظمات والجماعات المتطرفة التي تتخذ من السياسة وسيلة للوصول لأهدافها التخريبية".
وقال آل الشيخ:"الإسلام هو دين رعاية العهود والمواثيق وحفظ الحقوق، ولم تشهد البشرية نظاماً راسخاً يراعى هذه الحقوق ويفي بالعهود مثل دين الإسلام".
وأكد وزير الشؤون الإسلامية بالسعودية، أن عقد المواطنة من جملة العقود التي رعاها الإسلام، وإبرازه في هذا المؤتمر عمل مبارك، لأنه لَحِقه من تأويل الجاهلين وانتحال المبطلين وعدوان المعتدين، مما سبب خللا في مفهومه عند بعض الناس، واختطف من قبل جماعات حزبية حرفت مساره، وغرست في الناشئة بعداً بينهم وبين أوطانهم وولاة أمرهم، ليكونوا أدوات تخريب لا إصلاح ومشاريع إفساد وفرقة وقتل وتخريب لأوطانهم في مخالفة صريحة للنصوص الواضحة التي توجب رعاية العهد وحفظ حق المواطنة، والله سبحانه يقول: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود).
وشدد على أن دين الإسلام أوجب على المسلم أن يفي بالعهد وأن يحترم العقد وأن لا يغش ولا يغل ولا يغدر ولا يخون عهده وعقده مع كل من يتعامل معه، وبنى الإسلام المجتمع على عهد وميثاق غليظ رعاية للمجتمع فأمرهم بلزوم الجماعة والتمسك بها قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا).
وتابع:"رتب الدين الإسلامي على التمسك بالجماعة، ولزوم السمع والطاعة لولي الأمر بالمعروف، إذا لا يمكن للناس أن يتدبروا أحوالهم وتستقيم شؤون دينهم ودنياهم بدون رأس يجتمع الناس عليه، ويسمعون ويطيعون له. قال الله سبحانه (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )، وعظّم الإسلام الإخلال بهذه البيعة أو نقض العهد فيها ففي الحديث (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية).
وتابع:"إذا تأملت سيرة سيد البشر ــ عليه الصلاة والسلام ــ وجدت شديد العناية بهذا الأصل، والحث على رعاية العقود وتعظيم شأنها، ومنها، عقد المواطنة، فقد أمر بلزوم الجماعة، حيث قال: (من خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يفي لذي عهد فليس مني ولست منه) .
وأوضح:"نحن اليوم أمام جماعات ألبست لباس الدين، واستخدمت مصطلحات شرعية لتزّين للناس الباطل وتسعى لزعزعة اللحمة المجتمعية ونشر الفساد في الأرض بدعوة الناس لعدم احترام الوطن وهتك حقوق المواطنين والمقيمين وعدم احترام مشاعرهم الإنسانية تحت شعارات براقة، فنتج عن ذلك الدعوة للعنف والثورات والمظاهرات والقتل والخروج على الحكام وضياع حقوق المواطنة في كثير من البلدان التي استجابت لتلك الدعوات الخطيرة، كما هو الحال في بعض البلدان العربية.
وأكد أن المملكة العربية السعودية تقدم نموذجاً فريداً بحمد الله في القيام بحق المواطنة، واجتماع الكلمة على ولي الأمر والسمع والطاعة له بالمعروف، وبناء مجتمع حيوي مزدهر يحافظ على الثوابت ويوازن بين المتغيرات، حتى أصبحت بفضل الله مضرب المثل في التقدم والأمن واجتماع الكلمة، ووقفت صامدة في وجه الفتن التي حاولت زعزعة أمنها وتفريق وحدتها واجتماع كلمتها وشرخ كيانها، والتي باءت بالفشل وردها الله مغلوبة كسيرة بفضله سبحانه ثم بفضل تمسكها بثوابت دينها واجتماع كلمتها على ولي أمرها، في تجربة فريدة بحمد الله تعالى".
واختتم:"أشكر في ختام كلمتي بالمؤتمر، الرئيس عبد الفتاح السيسي القائد المجاهد الذي تشهد مصر بقيادته الحكيمة تطوراً وازدهاراً ونماءً، والذي خاض المعارك الصعبة لبناء الوعي المجتمعي، وبناء الجمهورية الجديدة، ووضع مصر على خارطة العالم في الأمن والأمان والاستقرار، ورئيس الوزراء الموقر، وأشكر بكل تقدير أخي وزير الأوقاف، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الدكتور محمد مختار جمعة، على دعوته الكريمة وما لقيت من حسن الحفاوة وكرم الضيافة، وأشكر جميع المشاركين على إثراء هذا المؤتمر الذي نعول على مخرجاته أن تكون نافعة للأمة جميعا".