الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

عفن البطاطس ومبيدات البرتقال.. أزمات تواجه الصادرات الزراعية المصرية

البرتقال
البرتقال
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

وزيرة التجارة تبحث مع السفير الروسى سبل الإفراج عن شحنات البرتقال
يمثل قرار حظر الصادرات الزراعية المصرية، إلى عدد من البلدان العربية والأجنبية، أمرا في غاية الخطورة على الاقتصاد الوطني، والذي يرجع في المقام الأول إلي عدم التزام بعض المصدرين بالمواصفات المقررة، ومعايير سلامة الغذاء التى تشترطها الدول المستوردة، مما يسئ لسمعة مصر، ويهدد صادراتها. 
وقرارات الحظر التى تتعرض لها بعض الصادرات الزراعية المصرية قديمة متجددة، فمن قبل تمت إعادة شحنات من البطاطس بعد تصديرها بدعوى إصابتها بالعفن البنى أو الأسود، كما صدرت تحذيرات من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية FDA، من الفراولة المصرية بدعوى مسئوليتها عن إصابة من تناولوها بفيروس الالتهاب الكبدى الوبائى (A)، ومؤخرا روسيا فرضت حظرا على صادرات زراعية مصرية علي رأسها البرتقال.
وشهدت الأيام القليلة الماضية جلسة مباحثات بين وزيرة التجارة والصناعة والسفير الروسي في القاهرة، والخاصة بقرار الهيئة الفيدرالية الروسية لحماية المستهلك بإيقاف شحنات برتقال مصرية موجهة للسوق الروسي، مشيرةً إلى أن الحكومة المصرية متمثلة في المكتب التجاري المصري بالعاصمة الروسية موسكو والحجر الزراعي المصري تجري حالياً اتصالات مكثفة مع الجانب الروسي لحل المشكلة.
وأضافت جامع أن الحكومة المصرية حريصة على تصدير منتجات مطابقة للمواصفات العالمية ومعتمدة بالجهات الروسية المعنية خاصة وأن مصر تحتل المرتبة الاولى عالمياً في تصدير البرتقال بإجمالي صادرات يصل إلى حوالى مليوني طن سنوياً، لافتةً إلى أنه يتم تصدير البرتقال المصري إلى أسواق الاتحاد الأوروبي والصين واليابان وغيرها من الدول.
وأكدت الوزيرة، أن السفارة الروسية بالقاهرة تتابع باهتمام بالغ تطورات وقف شحنات البرتقال المصرية بالموانئ الروسية، لافتة إلى أن السفارة قامت بالتنسيق مع السلطات الروسية المعنية لايجاد حل لهذه المشكلة والعمل على حلها في أسرع وقت ممكن.
في البداية، أكد الدكتور سمير رؤوف، الخبير الاقتصادي والمحلل المالي، أن المنتجات الغذائية المصرية، تواجه منافسة شرسة مع كل من المنتجات التركية والمغربية والتي ترتبط مع دول الاتحاد الاوروبي باتفاقيات تجارة حرة، بالإضافة إلى أن كثيرا من المصدرين المصريين ليس لديهم إلمام كاف بالاشتراطات الصحية والبيئة واشتراطات التعبئة والتغليف، ونسب متبقيات المبيدات الأمر الذى دفع الاتحاد الأوروبي لفرض فحص ١٠٪ من الشحنات في الموانئ مما تمثل تكلفة إضافية على المستوردين والمصدرين.
وأضاف رؤوف، في تصريحات خاصة لـ"البوابة"، أن دول الاتحاد الأوروبي تتشدد في المواصفات والاشتراطات الخاصة وتقوم بتغيير الاشتراطات الخاصة بالصحة النباتية من حين لآخر للحفاظ على صحة المستهلك مما يتطلب أن يكون المنتج المصري على اطلاع دائم بتلك الاشتراطات خاصة أن الفترة الأخيرة ازداد التوجه نحو الأغذية الطبيعية والعضوية بشكل كبير.
وأكد أن هناك تحديات عديدة تواجه الصادرات الزراعية المصرية، من بينها الترويج لنسب التلوث بالمحاصيل، وكذلك رى المحاصيل بمياه المجاري، ولا شك أن مثل هذه الأمور تنقلها السفارات الأجنبية لدولها، خاصة تلك التى تستورد محاصيل زراعية من مصر، أو التى تسعى للاستيراد منها، ومن ثم فإن تكرار الحديث عن مياه المجاري، يؤذى الصادرات المصرية، لكن ذلك لا يلغى المأساة الحقيقية، والتى تستلزم ضرورة مواجهة تلوث مياه نهر النيل.
وتابع رؤوف: “مشكلتنا الأساسية، هي أن مصر تصدر منتجاتها بدون خطة واضحة”، موضحًا أنه ينبغى وضع خطة ترويجية جيدة للمحاصيل التي عليها إقبال بالأسواق الخارجية و منها "البطاطس"، لزيادة معدلات تصديرها للخارج ، خاصة أنه تم رفض ٢٤ شحنة بطاطس بعد تصديرها لروسيا فى عام ٢٠١٣ بعد ثبوت إصابتها بالعفن البنى والأسود، وتم رفض شحنة موالح مصرية فى روسيا، وتمت إعادتها لمصر مرة أخرى بسبب ذبابة الفاكهة ، كما تم رفض شحنة فراولة العام الماضى، كان قد تم تصديرها لإحدى الدول العربية، ومن ثم فإن الأمر يستلزم ضرورة هيكلة جهاز الرقابة على الصادرات والواردات، ونقل تبعيته لمجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية، بحيث يتم تشديد الرقابة على الصادرات المصرية، ومطابقتها للمواصفات الأوروبية المطلوبة المتعلقة بسلامة الغذاء، وعدم السماح بتصدير المخالف منها، لأنها تضر بسمعة مصر التصديرية، خاصة أن كثيرا من الدول، كانت قد حذرت من الاستيراد من مصر، بسبب ما يتردد بشأن رى المحاصيل بمياه المجاري، أو غسل المنتجات قبل تصديرها بمياه الترع الملوثة وفقا لما ذكره تقرير سابق لهيئة الغذاء والدواء الأمريكية FDA.
وأكد أنه ينبغى الالتزام بمعايير الزراعة، والري، والتعبئة ، والالتزام بمعايير رش المبيدات، وضرورة التعامل مع المبيدات المصرح باستخدامها عالميا، والتى تصل لنحو ٣٠ مبيدا عالميا، بينما يجرى تداول ما بين ١٥٠ وحتى ٣٠٠ نوع من المبيدات فى مصر، كما ينبغى توعية المصدرين بأنواع المبيدات المصرح باستخدامها، وفرض غرامات على المصدرين المخالفين للقواعد والشروط والمواصفات التصديرية، لأنهم لا يضرون أنفسهم فقط، وإنما يضرون بسمعة مصر التصديرية، وعلى ذلك، ينبغى نقل المحاصيل الزراعية التصديرية لمشروع المليون ونصف المليون فدان، حيث الآبار العميقة، والمياه معقمة، والأرض لم تتلوث بمياه المجارى، ويجب التوسع فى الزراعات الحيوية العضوية الأورجانك، خاصة إذا علمنا أن ٤ دول بعينها هى التى تستحوذ على صادرات المحاصيل العضوية لأوروبا، وهى إثيوبيا، وتنزانيا، وأوغندا، وتونس، مع أننا الأقرب لأوروبا لوجود البحر الأبيض المتوسط ، وكان الأولى أن تستأثر مصر بنصيب الأسد من صادرات الزراعات الحيوية لدول أوروبا، بل تركنا الساحة مفتوحة أمام دول أخرى.
وأشار رؤوف، إلى أن تعدد الجهات التي يتعامل معها القطاع الغذائي تعد أيضا من التحديات الكبيرة فبالرغم من إنشاء هيئة سلامة الغذاء التي آل إليها العديد من الاختصاصات إلا أنه لم يكتمل الهيكل الخاص بها من القوى البشرية والمعامل، كما أنه ما زال هناك بعض المشاحنات مع الجهات الأخرى، مطالبا بأهمية تطوير هيئة سلامة الغذاء وتوحيد جهة الولاية من أجل تسهيل الإجراءات على المصدرين.
وأضاف أن التحديات تشمل أيضا الإجراءات التي يتخذها الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالعناوين والبيانات المطلوب توافرها على العبوات مثل القيمة الغذائية والمكونات وطرق الاستخدام والتي يجب الالتزام بها.
من جانبه قال خالد سعيد نور الدين ، رئيس لجنة سلامة الغذاء بالشعبة العامة للمستوردين، أن حركة الصادرات حالياً تخضع للعرض والطلب وأهمية المنتج، مضيفاً أن ما يهُم فى الفترة الحالية هو رسم خطط استباقية داعمة للتجارة والاقتصاد، فضلاً عن اتخاذ الإجراءات التى تهدف إلى خلق حالة من النمو الاقتصادى مرة أخرى فى دول العالم. 
وقال نور الدين، في تصريحات خاصة لـ"البوابة" إن البطاطس والفراولة والبصل والموالح تعد من أبرز صادراتنا الزراعية، حيث تتمتع بانخفاض أسعارها، مطالبا بضرورة التحرك الرسمي، لحل أزمات تصدير الحاصلات الزراعية المصرية للأسواق الخارجية، خاصة أن فتح أسواق تصديرية جديدة أمر صعب، وقد يستغرق سنوات عديدة، كما ينبغى أن يتم عقد لقاءات مشتركة بين المسئولين فى الجانبين المصرى والدول المستوردة، لمواجهة العقبات، والتوصل لآلية، تسمح بتقريب وجهات النظر، بما يخدم المصالح الاقتصادية المشتركة للدولتين، ودون إثارة لدوافع وعوامل اقتصادية، يخسر فيها الجانبان، وكذلك ينبغى دراسة أى قرار قبل صدوره، تفاديا لآثاره السلبية. 
وبالنسبة للتحديات التى تواجه صادرات مصر الزراعية، أوضح نور الدين، أنه يأتى علي رأسها عدم استقرار سعر صرف الدولار، وارتفاع مستلزمات الإنتاج بشكل غير متوقع، كذلك غياب ثقافة النظافة، والتى تتسبب فى الكثير من المشكلات للصادرات المصرية، وغياب الدعم للنقل السريع للصادرات الزراعية، مشيرا إلى أنه تم حل مشكلة العفن البنى التى كانت تتسبب فى رفض العديد من شحنات البطاطس، كما أنه لم يتم رفض شحنات مؤخرا لوجود بقايا مبيدات فى المحصول، ولذلك نتوقع زيادة فى صادرات المحاصيل الزراعية المصرية خلال المرحلة المقبلة. 
وأكد أن مصر تمكنت من تحقيق تطور كبير فى حجم الصادرات منذ مطلع العام الجارى بالرغم من تفشى فيروس كورونا، موضحا أن الصادرات من السلع الغذائية شهدت ارتفاعاً بمعدل ٢٠٪ منذ بداية العام الماضي، ٦٠٪ منها للدول العربية فضلاً عن رواج المنتجات المصرية تجارياً فى عدد من أسواق الدول الأوروبية.
وعن أبرز التحديات التي تواجه صادرات الصناعات الغذائية لدول الاتحاد الأوروبي، قال نور الدين، إنها تتمثل في شدة المنافسة المحلية خاصة لكون قطاع الصناعات الغذائية في الاتحاد الأوروبي هو القطاع الأكبر والأهم في المجال الصناعي، مما يلقي تحديات كبيرة على المنتج والمصدر المصري، فهو سوق قوي ومنتج ومنافس، ولديه مواصفات واشتراطات ومعايير في غاية القوة والتشدد، ما يقتضى على المصدرين أن يكونوا مستعدين، ويقتضى التغيير في هيكل الإنتاج والصادرات المصرية.