الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سر الهجوم على الإمام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على هامش قضية التربص بشيخ الأزهر.. ماذا حدث مؤخرًا ليتم إطلاق الأصوات إياها مرة أخرى ضد شيخ الأزهر، هذا ليس موقفًا من قضية ضرب الزوجات والامر ليس له أدنى علاقة بهذه القضية وأنها مجرد (تلكيكة) لنهش الرجل والإساءة إليه.

والتساؤل المحير لماذا صار فضيلة الإمام هو الوحيد المستباح؟

وهل لذلك علاقة بهدم آخر قلاع قوة مصر الناعمة فى الخارج؟

ما معنى ادخال شيخ الأزهر بدوامه الجدل العقيم من أشخاص غير مؤهلين لمثل تلك القضايا وطوال الوقت يكررون مقولات غلاة المستشرقين ونحن أمام عملية منظمه وليس أحداث عشوائية.

والحقيقة التي يريدون التملص منها ان الازهر أصدر فتوى أكد فيها أن التَّمرُّد على الفَضيلة، والتَّنكر لقيم المُجتمع السَّويَّة بمخطَّطات وحملات مُمنهجة ليست حُرّيَّة، أو تحرّرًا، أو إبداعًا، بل هو إفسادٌ وإِضعَاف للمُجتمعات، وأن المُشاركة في إشاعة الفواحش وتهوينها تهدِّد قِيم المُجتمع وأمنه واستقراره.

وبعد تلك الفتوي هاجت بعض المؤلفة عقولهم واستعادوا كلاما للإمام قديم ونزعوه من سياقة عن ضرب الزوجات والاستدلال بالآية بعيد عن السياق فيه تعسف شديد. ومعنى الضرب الذى تقصده الآية موضع الخلاف 

(وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) النساء/34.

ولما كانت معاني الفاظ القرآن تُستخلص من القرآن نفسه، فبتتبع معاني كلمة (ضرب) في المصحف وفي صحيح لغة العرب، نرى أنها تعني في غالبها المفارقة، والمباعدة، والانفصال والتجاهل، خلافا للمعنى المتداول الآن لكلمة (ضرب )، فمثلا الضرب على الوجه يستخدم له لفظ (لطم)، والضرب على القفا (صفع) والضرب بقبضة اليد ( وكز)، والضرب بالقدم ( ركل)، وفي المعاجم: ضرب الدهر بين القوم أي فرّق وباعد، وضرب عليه الحصار أي عزله عن محيطه، وضرب عنقه أي فصلها عن جسده، فالضرب إذن يفيد المباعدة والانفصال والتجاهل وكما هو معلوم بالضرورة أن الشرع لا يؤسس لأوضاع اجتماعية، ولكن يقيم أحكامه عليها.

والأحكام معقولة المعنى تتغير بتغير الأوضاع الاجتماعية وهو ولا يدعو لتغيير أوضاع (إلا في القليل النادر)، ولا للمحافظة عليها (إلا في القليل النادر كذلك)

على سبيل المثال: الشرع أمر أن نحد الشفرة ونرح الذبيحة كصورة للإحسان للحيوان، هي الصورة المثلى في هذا الزمن، ممكن في زمن آخر مثل زماننا تبقى الصورة نفسها حرام، لأنها لا تحقق معنى الإحسان بسبب تغير الزمان. مثلا أن تناول الحيوان للمخدر من شأنه تقليل الألم، يصبح عدم تناوله إياه قبل الذبح حرام، مع إن عدم التناول هو فعل سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام بالضبط. الفعل في زمنه منتهى الإحسان، وبتغير الزمان وتغير الإمكانيات أصبح قاصرا عن معنى الإحسان فصار محرما. مع مراعاة أن الشرع لم يأمر أو يحث على اكتشاف سلوكيات من شأنها تقليل الألم ولا نهى عن ذلك. فهذه ليست وظيفته.

وكذلك: كان في أوضاع اجتماعية سابقة على الإسلام العلاقة فيها بين الرجال والنساء قائمة على التراتبية (القوامة). فجاء بها الشرع ولم ينشئها. بالعكس هو شرح لنا سببها الاجتماعي، وخلاصته تميز الرجال عن النساء فيما كان يحفظ وجود الجماعة البشرية في ذلك الزمان: القوة الجسدية (أساس القتال)، وما يترتب عنها من القدرة على السفر للتجارة والكسب. ومن فروع القوامة في ذلك الزمن كانت "تأديب" الرجال للنساء، باعتبارهن أدنى، مثل تأديب" الأطفال والشرع ليست-وظيفته يغير أوضاع اجتماعية - أقام احكامه على أساسها ولكنه لم يجعل الضرب مباح. في نهي عام عن الاعتداء، والضرب استثناء منه معلل بعلة هي مظنة الإصلاح. ومع عدم تحريم الشرع للضرب في ظل نظام القوامة - قيده من أكثر من جهة، منها عدم الأذى، ومنها تقبيحه بأحاديث من نوع ألا يستحي أحدكم أن يضرب امرأته أول النهار ويعاشرها آخره، وحديث لن يضرب خياركم، وغيره، وكذلك التأكيد أنه ليس ضرب العصبية إنما "التأديب" وفق عادات العرب القديمة