الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

القنوات الإقليمة.. والتنمية المستدامة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الاستغراب دائما يأتي من التناقض بين الحماس الحكومي المفاجئ لإنشاء القنوات المحلية وبين الإهمال ؟؟ ثم الإعلان عن البيع لتلك القنوات بدلًا من تطويرها !!  وبين الحماس والاهمال لا يوجد اي تقييم موضوعي للاستفادة  والتطوير ويصبح الامر محل اندهاش لانعدام الرؤية السياسية فى التعامل مع القنوات المحلية.

والمتابع لمسيرة انشاء القنوات المحلية فى بلادنا يدرك مدي اهمية تلك القنوات التليفزيونية المحلية باعتبارها نقلة حضارية ونوعية نحو اعلام جماهيري يهتم بابناء تلك الاقاليم بطول البلاد وعرضها بالمحافظات.

ولهذا قامت الحكومة بحماس وهمه بانشاء 6 قنوات محلية بعد " الاولي والثانية " حيث بدأت بالقناة الثالثة من اجل خدمة ابناء محافظات " القاهرة – الجيزة – القليوبية " عام 85، ثم القناة الرابعة " القنال " عام 88 لخدمة ابناء " السويس – الاسماعيلية – بورسعيد – سيناء والشرقية ".

وقد شهد عام 90 تشغيل قناة شمال الدلتا " الاسكندرية " لخدمة اهالي " الاسكندرية – البحرية – مطروح "، وكذلك قناة وسط الدلتا " المنوفية – الغربية – الدقهلية "، ثم الانطلاق لانشاء قناتي جنوب وشمال الصعيد " بني سويف – المانيا – سوهاج – الفيوم " ثم قناة جنوب الصعيد " طيبة " لخدمة " قنا – اسوان – النوبة ".

واذا كانت الاهداف المعلنة لهذه القنوات المحلية هي الربط الاعلامي وتقديم الخدمات الاعلامية والثقافية لابناء هذه الاقاليم والمحافظة على التراث الفني والحضاري والانساني والحرف التراثة وتاريخ وعادات تلك الاقاليم واخبارهم بالتنمية المحلية للمشاركة الايجابية فيما يسمي بالاعلام التنموي.

والاهم هو التعبير عن هموم ومشاكل وطموحات تلك الجماهير من أجل تحقيق اللامركزية وتطبيق قواعد الديمقراطية المحلية وتوفير الخدمات الثقافية والتعليمية.

ولا احد يختلف على ذلك النهج الرشيد وللاسف فأن الواقع من خلال ما يزيد ربع قرن من الزمن على انشاء تلك القنوات فقد ظهر وكشف عن حجم المشاكل والتحديات التى واجهة تلك القنوات المحلية.. وكلها تراجع بسبب الاهمال وعدم المتابعة وانعدام التقييم وغياب السياسات الواضحة والاسس المعايير الصحيحة ولعل ابرز تلك التحديات هي:-
• السيطرة والمركزية الشديدة فى وضع السياسات والقرارات ولاوامر الاعلامية والفنية والادارية فى ادارة القنوات المحلية.
• الاهمال المالي حيث انخفاض المخصصات المالية للقنوات المحلية مما جعلها الاضعف نحو  التطوير او انتاج الفني دراميًا او للاعمال الصغيرة التليفزيونية.
• انخفاض المرتبات والاجور المتغيرة للعاملين وتاخير صرفها.
• عدم الاهتمام بالتدريب المستمر ورفع قدرات هؤلاء الاعلاميين والفنيين والعمال بتلك القنوات بشكل راقي.
• عدم الاهتمام بمشاركة المجتمع المحلي بالرأي فى وضع الخرائط الخاصة بالبرامج والموضوعات المذاعة.
• سيطرة التقاليد غير الديمقراطية عن مناقشة خطط البرامج الجديدة الامر الذي جعل من التكرار والتشابه بين الكثير من البرامج حتي اصبحت القنوات المحلية أثيرت للقنوات العامة والخاصة فى التقليد بعيدًا عن خصوصية الاقاليم.
• عدم الاعتمام بالاحداث الجارية او اذاعة برامج مواجهية.
• تحولت بعض القنوات وأن لم يكن معظمها الى بوق ودعاية مجانية لبعض المحافظين والمسئولين من اجل الاعلان عن انجازات وهمية ولتجميل مواقفهم امام القيادات السياسية.
• قبول وتقديم ضيوف دون المستوي العلمي او المعرفي او حتي التخصص للافتاء فى برامج التوك شو دون تحديد لاي أوزان موضوعية للضيوف.
• غياب رؤية لتمكين القنوات المحلية بالاجهزة  منها " الكاميرات الحديثة او الاجهزة السمعية والبصرية الجديدة مع غياب اجهزة التقنيات الحديثة".
• اهمال الاستوديوهات من معدات وديكور واثاث يليق بتقديم برامج فى ظل منافسات كبيرة بين القنوات العامة والخاصة والفضائية... وقد امتدت الاهمال الى الكافتيريات والاستراحات وحتي دورات المياه.
• التخبط المتعدد بين بث القنوات من المحطات الارضية وأخري بين المحطات الفضائية مما قلل نسب المشاهدة بالاضافة الى حد التشويه والحديث عن الوزن الزائد للمذيعات والملابس الغير ملائمة للاعلاميين للنيل من تلك القنوات.

وامام تلك التحديات يظهر الحديث عن بيع تلك القنوات أوالاستغناء عنها وقد ظهر ذلك من تصريحات بعض المسئولين والوزراء حيث يتم خلط الاوراق فى الحديث حول خسائر ماسبيرو المالية وللاسف امتدت تصريحات البيع والالغاء الي مسئولي الهيئة الوطنية عن الاعلام وحتي مناقشات لجنة الثقافة والاعلام بمجلس النواب.

ونسي الجميع أن القنوات المحلية استطاعت رغم كل تلك المشاكل والتحديات أن تصمد وأصبح لديها نقاط قوة منها.
• خبرات عالية من اعلاميين واعلاميات وفنيين على مستوي عالي من التمايز بسبب تراكم خبرات السنوات. 
• مباني واجهزة واستوديوهات.
• ارشيف خطير متنوع من الافلام والتسجيلات النادرة عن المشاهير والرموز الفنية والادبية والابداعية من ابناء الاقاليم.
• خبرات عالية وتجارب هامة لا يمكن الاستهانة بها.

وبعد أن التطوير الحقيقي لتلك القنوات يبدء بدراسة موضوعية وتقييم أمين وعلمي حول عناصر القوة والضعف من أجل التطوير، وذلك بمشاركة الخبراء الوطنية واعضاء هيئات تدريس كليات الاعلام ومن المسئولين عن تلك القنوات ومن لهم من خبرات فى ادارتها مع مشاركة المجتمعات المحلية.

يضاف الى ذلك لا بد من عرض الامر والاهتمام به من قبل الحكومة ومجلس النواب من خلال لجان الثقافة والاعلام والتنمية المحلية والشئون الدستورية.

وغني عن البيان تأكيد الدستور المصري والتشريعات فى حق المواطن بأن يتلقي الخدمات الثقافية وكفلتها بالمجان مع مرعاة الاقاليم الجغرافية وحق المعرفة والاعلام بشكل يساهم فى التنمية.

وبعد فأن الامر مطروح من أجل تطوير هذه القنوات المحلية لاهميتها وليس للبيع حتي نحقق التنمية الحقيقية وللامركزية فى بلادنا وما نتمناه من تطوير وبناء ديمقراطي واجتماعي