أكد الكاتب سامح عيد، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية أن المتورطين في قضايا إرهاب وعنف في أوروبا عاشوا في كنفها وتمتعوا بالرفاهية والخدمات التي وفرتها لهم أوروبا، وهو أمر يدعوا للاستغراب.
وعلَّق «عيد» في تصريحات خاصة لـ«البوابة نيوز» على «هجوم تكساس» الذي أسفر عن مقتل محتجز الرهائن في عملية دامت لمدة 10 ساعات، قائلًا إن هؤلاء الأشخاص المنفذين لمثل هذه الأحداث وقعوا تحت تأثير خطابات كراهية وتحريض من قبل مراكز إسلامية أوروبية تسيطر عليها جماعات سلفية وإخوانية وجهادية، تعمل على تجنيد واستقطاب الشباب، ما يدعو للتحذير منها وسرعة تفكيكها.
وأضاف «عيد» أن البلاد الأوروبية تحترم الإثباتات القضائية وهذا أمر مفهوم، لكن ترك الحبل على الغارب للمراكز الإسلامية غير مفهوم، ومن الواجب أن تنتبه أجهزة الأمن الأوروبية للعناصر الإرهابية وكشفها قبل تورطها ووصولها للقضاء، وأعتقد أن ألمانيا بدأت تهتم بذلك، وأن فرنسا باتت ترغب في فك التجمعات الإسلامية بشكل قوي.
تفكيك الجيتوهات والمراكز المشبوهة
وأعرب عن دعمه للقرارات الأوروبية الساعية لتفكيك تلك التجمعات والجيتوهات، ومراقبة خطاباتها التي تبث على منابرها، وأيدولوجيتها المتوارثة، فهذه المراكز تسيطر عليها جماعات متطرفة، وأبرز مثال الإرهابي هاني السباعي، الذي يتم تقديمه كمدير لمركز المقريزي للدراسات التاريخية في بريطانيا، ولا أعرف أين حرية الرأي في بث الكراهية والتحريض على العنف؟ فالنتيجة أن تلامذته هم من يقمون بهذه العمليات الشبيهة.
وأوضح «عيد» أن أوروبا لابد أن تكون لديها استراتيجية خاصة بها في الوعاظ والخطباء الموجودين في المراكز الإسلامية، فبدلا من استقدام الخطباء من المؤسسات الدينية الخارجية عليها أن تؤسس لمراكز تدريس وتخريج الخطباء المنوط بهم وعظ وإرشاد المسلمين الأوروبيين بدلا من تركهم فريسة للتيارات الدينية المتطرفة.
وأكمل: «استراتيجية الوعظ الديني في أوروبا يجب أن تحترم قيم الدول العلمانية مثل الحرية، وأن تتجنب خطابها التحريضي ضد القضايا الحساسة مثل المثلية وتطبيق الشريعة، بمعني أن يحترم قيم الدول المقيم بها، وألا يتعرض للموضوعات الحساسة بالتحريض».
وحول ترك أوروبا لعناصر عليها شبهات أمنية تتحرك دون رقابة أو تتبع أو توقيف، قال «عيد» إن القضاء مستقل ولا يأخذ إلا بالإثباتات، ولذلك نجده يطلق مثل هذه العناصر التي يفشل في إدانتها، لذا فمن الواجب أن يكون هناك تتبع صارم لمثل هذه العناصر، وتجفيف منابعها من خلال تفكيك الجيتوهات الإسلامية المغلقة على نفسها، ووضع استراتيجية للوعظ الديني تحت إشراف الدول الأوروبية، وإجبار هذه التجمعات على الانخراط في المجتمع مثل باقي أفراده.
وشرح «عيد» أن السماح لهذه التجمعات والمراكز بالتمدد في المدارس، حيث تتمكن من وضع تعليم خاص بعيدا عن تعليم الدولة نفسها يسهل معه تدريس مناهج وأفكار معادية، أمر مخيف، لأن أوروبا لديها ما يقرب من 50 مليون مسلم، يتعلم في مدارس ويتردد على مساجد وكلها مسيطر عليها من قبل تنظيمات متطرفة، يجعل أوربا مهدة بشكل كبير. ومطالبة بوضع قوانين تحد من نفوذ تلك المراكز والتجمعات.
فلسفة الوعظ الدينى
ويعتقد «عيد» أن فلسفة الوعظ الديني يجب أن يوضع لها استراتيجية، وتكون تحت الرقابة، وأي واعظ يصدر منه خطاب تحريضي لابد أن يتم التعامل معه بصرامة شديدة، كما يجب العمل على تخريج خطباء تشرف عليهم الدول هذه، مع الاحتفاظ بدور للكتاب والمفكرين في تطوير مثل هذه الاستراتيجية، وإن كانوا مسلمين من الخارج لابد أن يكونوا معتدلين وموثوق منهم.
وحول إمكانية عودة تنظيم القاعدة إلى المشهد مجددًا بعد حادث تكساس، قال «عيد»: إننا أمام حادثة فردية يمكن تصنيفها ضمن حوادث «الذئاب المنفردة»، لأنها في النهاية عبارة عن شخص دخل معبد يهودي، واحتجز مجموعة من الرهائن، فرغم خطورة الحادث فإنه غير مُكلف، ولا يمكن أن نعده عملية نوعية خطط لها تنظيم القاعدة ليستعيد تأثيره ووجوده مجددًا، فهي حادثة مثل: «عنصر يدهس بالسيارة، أو يطعن بسكين، فهي ليست عملية تم التخطيط لها على أعلى مستوى».
يشار إلى أن الشرطة الأمريكية تمكنت من قتل محتجز رهائن في كنيس يهودي بولاية تكساس الأمريكية، بعدما استمرت العملية لمدة 10 ساعات، تحررت فيها الرهائن، وقُتل المحتجز الذي يدعى "مالك أكرم"، بريطاني الجنسية، ورغم معرفة الأجهزة الأمنية له فإنه استطاع السفر إلى الولايات المتحدة وتنفيذ عملية الهجوم.
ونقلًا عن وكالات أنباء عالمية، فإن المحتجزين سمعوا المهاجم يطالب السلطات بالإفراج عن سجينة باكستانية، تسمى «عافية صديقى»، مدانة بمحاولة قتل جنود أمريكيين في أفغانستان.
وتقول تقارير إعلامية ذات صلة، إن «صديقى» كانت على علاقة بقيادات في تنظيم القاعدة، وأنها عملت لحساب التنظيم منذ أن كانت في الولايات المتحدة التي انتقلت إليها في سنوات شبابها لغرض الدراسة، حيث حصلت على درجة الدكتوراة في علم الأعصاب، وتنبهت لها الأجهزة الأمنية بداية من العام 2001، ثم اختفت في 2003 بعد توقيف خالد شيخ محمد العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر، ثم عادت للظهور في 2008 حيث اعتقلتها السلطات في أفغانستان.