لقد برزت شخصية بابا نويل تلك الشخصية التى أثارت حولها جدلا وتناولتها السينما العالمية ورسمت لها صورة العجوز القادم راكبا العربة التى تجرها حيوانان الرنة راكبا زلاجته متزحلقا على الجليد يحمل فى جواله الهدايا ليقدمها للأطفال، لكن الغريب ما يطالعنا فى وسائل التواصل الاجتماعى من مدعى الفتوى بعدم المشاركة فى تلك اﻷجواء محاولين تعكير الصفو المجتمعى بأفكار مستوردة بعيدة عن روح التدين نحن الذين نتقاسم أحزاننا ونتشارك أفراحنا موجوعين بقضايا الوطن منبهرين بأضواء وعقول اﻷبناء المستنيرة راغبين أن ينبتوا فى مناخ صحى آمن لا يوجهه أحد بعيدا عن الطريق الصحيح، ففى مثل هذا اليوم من سنة 58 للشهداء (342م) تنيَّح (توفى) القديس البار نيقولاوس (نيقولا) (مشهور فى الغرب باسم سانت كلوز وفى الشرق باسم بابا نويل) أسقف مورا (اﻹيطالية) (نويل باللغة الفرنسية تعنى ميلاد السيد المسيح) كان اسم أبيه أبيفانيوس وأمه تونة، قد جمعا إلى الغنى الكثير مخافة الله، ولم يكن لهما ولد.
ولما تقدما فى الأيام تحنن الله عليهما ورزقهما هذا القديس، الذى امتلأ من النعمة الإلهية منذ طفولته. ولما كبر أظهر نبوغًا فى تَلقىِّ العلم، مما دل على أن الروح القدس كان يلهمه. ومنذ حداثته عرف علوم الكنيسة. ورسم شماسًا، فعاش عيشة النسك والفضيلة. ولما رأوا تقدمه فى النعمة رسموه قسًا. وأعطاه الله موهبة عمل الآيات وشفاء الأمراض وإخراج الشياطين.
وكان بمدينة مورا رجل غنى أحنى عليه الدهر وفقد ثروته حتى احتاج إلى القوت الضروري، وله ثلاث بنات قد تجاوزن سن الزواج ولم يتزوجن بسبب فقر والدهن. فوسوس له الشيطان أن يوجههن للعمل فى الأماكن الشريرة. فكشف الرب للقديس نيقولاوس ما اعتزمه الرجل.
فأخذ كيسًا به مائة دينار وألقاه ليلًا من نافذة منزل الرجل، فاندهش الرجل وفرح، واستطاع أن يُزوِّج ابنته الكبرى. وفى ليلة أخرى ألقى القديس كيسًا آخر من النافذة، فتمكن الرجل من أن يزوج ابنته الثانية. واشتاق الرجل أن يعرف هذا المُحسن، فسهر حتى وقت سقوط الكيس الثالث، فأسرع ليرى مَنْ الذى ألقاه وعرف أنه القديس نيقولاوس، فخرَّ عند قدميه وشكره لأنه أنقذ بناته من فقر المال ومن سوء السيرة.
ولما تنيَّح أسقف مورا، اختاره الشعب ليكون أسقفًا على مورا. فأخذ على عاتقه أن يكون الراعى الصالح الذى يبذل نفسه عن الخراف.
وبعد مدة أثار دقلديانوس الاضطهاد على المسيحيين وقبض على الكثيرين منهم وأقفل كنائسهم، وكان القديس نيقولاوس يشجعهم على احتمال الاضطهاد والتمسُّك بالإيمان. فقبض عليه الجند، وعذبوه عذابات كثيرة، وبقى فى السجن حتى ملك الإمبراطور قسطنطين وأخرج جميع المسجونين لأجل الإيمان وكان منهم هذا القديس، فعاد إلى كرسيه مكرمًا.
ولما اجتمع مجمع نيقية سنة 325م لمحاكمة أريوس كان هذا الأب من بين المجتمعين. وحدث أن آريوس بدأ يتكلم عن بدعته فغار القديس وقام بصفعه صفعة قوية على فمه أمام الحاضرين المجمع والإمبراطور فغضبوا وأمروا بنزع إسكيمه وحبسه وفى محبسه ظهرت له السيدة العذراء وألبسته إسكيما (حزام من الجلد به 12 صليبا يلبسه الراهب علامة العهد والبتولية ) وعندما علم الإمبراطور والمجمع بذلك أعادوه على الفور مكرما للمجمع وتنيح بسلام فى مثل هذا اليوم بعد أن أقام على كرسى الأسقفية أكثر من أربعين سنة. وكانت سُنو ّ حياته تناهز الثمانين عامًا.
* هذا اﻷسقف الذى صار رمزا للعطاء فى الخفاء ومساعدة المحتاجين فى كل مكان شفيع المظلومين وشفيع الملاحين هو صديق اﻷطفال فى العالم كله وسوف يظل صوت الخير عاليا فوق أبواق الجهل وحناجر الجهل الجوفاء ناشرا المحبة والعطاء هذه اللغة التى يفهمها الجميع متحديا اﻷفكار الهدامة والجهل بمعتقد اﻵخر ونحلم أن يسود التنوير عقول وقلوب أبناء هذا الوطن، وما أحوجنا اليوم لمثل هؤلاء فنجد القديس نيقولاوس يسعى لتزويج البنات وهو من صميم تقليد اﻷسقف حيث هناك فى تقليده (تهتم بتزويج البنات) وكذلك عمل الرحمة غير المشروط الذى قال عنه السيد المسيح (من سألك فأعطيه) تعطى دون أن تسأل عن جنس أو لون أو دين فمرحبا بعمل الرحمة فى القلوب والنفوس وصورة بابا نويل بملابسه الحمراء والبيضاء حاملا التسامح متحديا التعصب ناشرا الرحمة والصفاء والنقاء فى بداية عام جديد متحديا شر اﻹنسان الذى جلب غضب الله بالوباء.