يقف البعض حائرا أمام تعدد الأديان فى لبنان وتزداد الأمور حيرة عندما تتعدد الطوائف داخل الديانة الواحدة فتتنوع الطوائف التى تتبع الكنيسة الكاثوليكية، والتى تعد الطائفة الأكبر على مستوى العالم، ولكن كلمة «الكاثوليك» تحمل فى معناها المؤسسات، والعقائد، ولاهوت، والقداس، وأخلاق، تختلف الكاثوليكية بين دول الشرق والغرب كنظيرتها من العقائد المسيحية الأخرى، ورغم ذاتية بعض الكنائس إلا أن جميعها يتبع قداس البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، والذى احتفل العالم بحبرتيه الثانية والخمسين منذ أيام، ويوجد داخل الكاثوليكية الشرقية مجموعة من التقاليد والطقوس فإلى جانب التقليد الرومانى اللاتينى الذى ينتمى له غالبية الكاثوليك، تحتضن الكنيسة خمسة تقاليد شرقية تتبعها 21 كنيسة كاثوليكية شرقية جميع هذه التقاليد والمرجعيات لها تنظيمها الخاص، ولعل أبرز هذه الكنائس هى كنيسة الروم الملكيين الكاثوليكية، التى سنتعرف عليها خلال الحوار الذى أجرته «البوابة نيوز» مع رئيس أساقفة طرابلس وسائر الشمال للروم الملكيين الكاثوليك بلبنان، المطران إدوارد جاورجيوس ضاهر، فإلى نص الحوار:
< فى البداية حدثنا عن نشأة الطائفة الكاثوليكية؟
- تعتبر كنيسة الروم الكاثوليك، إحدى الكنائس الكاثوليكية فى الشرق، والتى تتبع الفاتيكان، حيث قداسة البابا، وتعود بذور هذه الطائفة فى أنطاكيا وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن ومصر وتعد الكنيسة مستقلة، إلا أنها تتبع قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان مع الكنيسة الكاثوليكية وتعود بذور هذه الطائفة إلى سوريا ولبنان فهى واحدة من الكنائس كاثوليكية العقيدة التى ترجع إلى بلاد الشرق الأوسط، ينتشر الروم الملكيون الكاثوليك حاليًا فى جميع أنحاء العالم بسبب الهجرة المسيحية وتعتمد كنيسة الروم الملكيين كغيرها من الكنائس الشرقية على اللغة العربية خلال التقاليد الليتورجيا والقداسات الإلهية والتسابيح ويتبع هذه الكنيسة أعراق وأجناس عربية متنوعة من شتى الدول ببلاد المشرق.
< حدثنا عن الروم الملكيين الكاثوليك؟
- كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك هى كنيسة كاثوليكية شرقية مستقلة مرتبطة فى شراكة تامة مع الكنيسة الكاثوليكية فى روما بشخص رئيسها البابا، الموطن الأصلى لهذه الكنيسة هو الشرق الأوسط، وينتشر اليوم قسم من الروم الكاثوليك فى بلاد الغرب، شأنهم فى ذلك كشأن باقى مسيحيى الشرق. أمّا اللغة الطقسية الليتورجيا لهذه الكنيسة فهى اللغة العربية، ولدى كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك درجة عالية من التجانس العرقي، حيث تعود أصول الكنيسة فى الشرق الأدنى، خصوصًا فى سوريا ولبنان وفلسطين والأراضى الفلسطينية، وينتشر الروم الملكيين الكاثوليك حاليًا فى جميع أنحاء العالم بسبب الهجرة المسيحية والاضطهادات، فى الوقت الحاضر تصل أعداد أتباع الكنيسة فى جميع أنحاء العالم إلى نحو 1.6 مليون نسمة. وخارج الشرق الأدنى، نمت الكنيسة الملكانيّة أيضًا من خلال الزواج المختلط والتحول الديني. وفى حين أن التقاليد الطقوسية البيزنطية للكنيسة الملكانيّة الكاثوليكيّة تتشارك فيها مع التقاليد الأرثوذكسية الشرقية، إلاّ أنّ الكنيسة كانت جزءًا من الكنيسة الكاثوليكيّة منذ تأكيد اتحادها مع الكرسى الرسولى فى روما عام 1724.
< وماذا عن إيبارشية طرابلس للروم الملكيين الكاثوليك؟
- لكرسيّ طرابلس عراقة فى التاريخ الكنسيّ، إذ نجد توقيعًا لأسقف هذه المدينة فى ذيل أعمال مجمع نيقية، عام 325 -قبل 1960 كانت أبرشيّة طرابلس تضمّ علاوة على المدينة وقضاء عكّار، المناطق السوريّة التى تتألف منها اليوم أبرشيّة اللاذقيّة وأوّل مطران للأبرشيّة، هو المطران يوسف دوماني. الراهب المخلصيّ، المولود فى دمشق، سنة 1849. رسم أسقفًا للإيبارشيّة، فى مارس 1879 فى السينودس المقدّس المنعقد، وفى أغسطس 1969، سُلخ قضاء البترون عن إيبارشيّة بيروت وجبيل، وألحق بإبارشيّة طرابلس التى تشمل الآن محافظة الشمال كلّها، من جسر المدفون حتى النهر الكبير.
< وما هى الكنائس والرعايا فى إيبارشية طرابلس؟
- كنيسة سيدة البشارة- الميناء، وكنيسة القديس يوسف- منيارة-عكار، وكنيسة سيدة النجاة- عكار، بالإضافة إلى كنيسة القديس جاورجيوس- عدبل- عكار، وكنيسة الصليب المقدّس- عكار، وكنيسة سيدة السلام- عيدمون- عكار، وأخيرا كنيستا سيدة البشارة، والقديس سمعان العامودي- دوما- البترون.
< على سبيل المثال نجد الخطاب الدينى الإسلامى يتجلى فى خطبة صلاة الجمعة أو حلقات الوعظ فأين الخطاب المسيحى على أرض الواقع؟
- نحن نتابع كل ما يقال لأبنائنا ولدينا دائما تجديد، ولكن نحن نعيش فى طرابلس، وهى مدينة إسلامية، ولكننى لا أهاب الإنسان المومن أو الإنسان الذى يخاف من الله، لأنه مثقف فدائما نسعى للتثقيف بشكل موسع ونوجه خطابا معتدلا تماما حتى مع وجود اصوات ناشزة، لكننا لا نلتفت لذلك إلا بالدعاء لهم والوعظ بالكنيسة يكون روحيا واجتماعيا حتى نكون بقرب أبنائنا.
< ما دور الكنيسة فى هذا الخطاب؟
- نتحدث دائما عن الكتاب المقدس وليس لنا علاقة بأى أمور سياسيه، فدائما أحث البشر على الصلاة لمن لا يعرفون الله وأنا لا أحب كلمه الملحد أو الكافر، أنا دائما أدعو الجميع لمعرفة رحمة الله أننا مهما تعرضنا لأخطاء أو ضغوطات فرحمة الله تشملنا.
< التاريخ شهد حروبا دينية وصراعات مثل محاكم التفتيش وحرب الثلاثين عاما، فما دور الكنيسة فى توعية الشباب ضد الأفكار المتطرفة؟
- دائما نعود للحقب التاريخية وعلينا ألا نحكم حاليا بما عاشه القدماء، لكننا دائما كرجال دين لا نملك الحديث باسم الله، الوقت يختلف حاليًا عن زمن محاكمة العالم جاليليو لأنه قال إن الشمس تدور حوله الأرض، الآن مع العلم والتكنولوجيا أصبحنا نستطيع التفكير فيما نسمع، فالقصد هنا أن كل وقت وله عقلياته فعلينا تقبل ذلك.
< أين دور الفاتيكان من التطرف حول العالم؟
- بداية من المجمع الفاتيكانى الثانى انفتحت الكنيسة الكاثوليكية بشكل كبير، فمثلا عند توقيع وثيقه الأخوة الإنسانية لتقبل الآخر والتعاون معه ومشاركته الحياة فهذه دعوه للتخلى عن التطرف بشكل كبير جدًا.
< هل تزعجك الترجمات المتعددة للكتاب المقدس؟
- الكتاب المقدس «موحي»، وليس منزلا، وأحيانا يحدث العديد من الأخطاء، لكنها أخطاء بالنص وليس بالمعنى الجوهرى، ولكن أهم شيء نهتم به ألا يحدث تحريف عند الترجمات وما يميز تلك الترجمات هو وصول كلمه الله للكل حول العالم، ونحرص على أن تصل الكلمة للكل.
< ما علاقتك بالمسلمين؟
- بسم الله الرحمن الرحيم هى كلمة افتتاحية للمصحف الشريف لكنها موجودة فى معظم المخطوطات المسيحية كما أننى ألقى تحية الإسلام على المسلمين نحن نعيش فى مودة لا شوائب بيننا، أنا دائما أجلس معهم فى جلسات التصوف، وكلنا نجتمع فى حب الله وأنا على علاقة جيدة جدًا بالمفتى ورجال الدين.
< ماذا عن قوانين الأحوال الشخصية؟
- الكاثوليك لديهم قانون واحد لا خلاف فيه قانون كنسى للكل ولكن ضمن هذا القانون كل طائفة فيها خصوصية، ولكننا ملتزمون بتلك القوانين.
< وماذا عن زيارة البابا لبنان؟
- أينما يحل البابا يحل السلام وما أحوج لبنان للسلام فنتمنى أن تحصد تلك الزيارة السلام والرجاء والمحبة، وذلك سوف يعود علينا بنفع اقتصادى كبير.
