الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الأخبار

وزير الأوقاف: التعلم قبل التعبد لنصحح عبادتنا وأمر ديننا ودنيانا

وزير الأوقاف
وزير الأوقاف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

صرح الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن التعلم قبل التعبد لنصحح عبادتنا وأمر ديننا ودنيانا ، فالعامل على غير علم كالسائر على غير هدى ، والعلم النافع يشمل مطلق ما ينفع الناس في شئون دينهم ودنياهم ، يقول الحق سبحانه وتعالى: " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ " (الزمر: 9) ، ويقول تعالى: " إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ " (فاطر:28) , ويقول (عز وجل) : "يَرْفَعِ الله الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ" (المجادلة:11) , ويقول سبحانه: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (النحل: 43) . 
ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): " مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ الله بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وإنما وَرَّثُوا الْعِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ" (سنن أبي داود) , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : "إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ الله مَالاً وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لله فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ الله عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ الله مَالاً وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لاَ يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ ، وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلاَ يَعْلَمُ لله فِيهِ حَقًّا ، فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ الله مَالاً وَلاَ عِلْمًا ، فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ " (سنن الترمذي) , ويقول (صلى الله عليه وسلم): " إِنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِيَ الله بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ , كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا , فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ , قَبِلَتْ الْمَاءَ , فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ, وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ , وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ , أَمْسَكَتْ الْمَاءَ , فَنَفَعَ الله بِهَا النَّاسَ , فَشَرِبُوا مِنْهَا , وَسَقَوْا , وَرَعَوْا , وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى , إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ , لَا تُمْسِكُ مَاءً , وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً , فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ الله , وَنَفَعَهُ بِمَا بَعَثَنِيَ الله بِهِ , فَعَلِمَ وَعَلَّمَ , وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا , وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى الله الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ" (متفق عليه) . 
فهذا العلم الذي تحدث عنه القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة إنما يشمل التفوق في كل العلوم التي تنفع الناس في شئون دينهم أو شئون دنياهم , ولذا نرى أن قول الله (عز وجل): " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ" (فاطر: 28)، جاء في معرض الحديث عن العلوم الكونية , حيث يقول سبحانه : " أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ الله عَزِيزٌ غَفُورٌ " (فاطر: 27 , 28) , ويقول سبحانه: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" (آل عمران: 190 , 191) .
    وقد قالوا: التعلم قبل التعبد , ليكون التعبد على هدى , وقال الحسن البصري (رحمه الله): العامل على غير علم كالسّالك على غير طريق ، والعامل على غير علم يفسد أكثر ممّا يصلح ، فاطلبوا العلم طلبا لا تضرّوا بالعبادة، واطلبوا العبادة طلبا لا تضرّوا بالعلم، فإنّ قوما طلبوا العبادة وتركوا العلم حتّى خرجوا بأسيافهم على أمّة محمّد (صلّى الله عليه وسلّم) ، ولو طلبوا العلم لم يدلّهم على ما فعلوا .(جامع بيان العلم وفضله) فالعلم النافع هو الذي يكون سبيل هدى ورحمة ورشد لصاحبه في أمر دينه ودنياه , ولذا رأينا سيدنا موسى (عليه السلام) يقول للعبد الصالح: "هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا " (الكهف: 66) , وقد قدم النص القرآني صفة الرحمة على صفة العلم حيث يقول الحق سبحانه: "فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا" (الكهف:65), فالعلم ما لم يكن رحمة لصاحبه وللناس أجمعين فلا خير فيه. 
كما أن المراد بالعلم النافع كل ما يحمل نفعًا للناس في شئون دينهم، وشئون دنياهم، في العلوم الشرعية ، أو العربية , أو علم الطب , أو الصيدلة , أو الفيزياء , أو الكيمياء , أو الفلك , أو الهندسة , أو الميكانيكا , أو الطاقة , وسائر العلوم والمعارف , وأرى أن قوله تعالى:" قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ "(الزمر: 9), وقوله تعالى" فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " (النحل: 43) ، أعم من أن نحصر أيًّا منهما أو نقصُـره على علم الشريعة وحده , فالأمر متسع لكل علم نافع .
مع بيان أن ثواب تعلم الطب لا يقل عن ثواب تعلم الفقه , والعبرة بأمرين: الأول إخلاص النية لله (عز وجل) , والآخر: مدى حاجة المجتمع إلى علم من العلوم , أو صناعة من الصناعات سواء أكان الأمر واجبا كفائيًّا أم ارتقى إلى درجة الواجب العيني .
ومما لا شك فيه أننا في حاجة إلى جميع العلوم التي نعمر بها دنيانا كحاجتنا إلى العلوم التي يستقيم بها أمر ديننا ، ونخلصه بها من أباطيل وضلالات الجماعات الضالة المارقة .