يعكس توجه الدولة المصرية لتقديم مجموعة من الإعفاءات الضريبية بالعديد من القطاعات الاقتصادية، تكامل وتناغم السياسات المالية والسياسات النقدية لدعم القطاعات الأكثر حاجة لدفع عجلة النمو واحتواء موجة التضخم العالمية حيث قدم البنك المركزي المصري من خلال سياساته النقدية سلسلة من القرارات والإجراءات لدعم القطاع الصناعي والسياحي والزراعي والتي ساهمت في احتواء معدلات التضخم ضمن الحدود المستهدفة عند 5.6% في نوفمبر مقارنة 6.25% فضلًا عن تحقيق نمو مبدئي في الناتج المحلي الإجمالي 9.8% خلال الربع الاول للعام 2021-2022 مقارنة 7.7% بالربع الرابع للعام المالي السابق والذي حقق الاقتصاد المصري نموًا قدر3.3% خلال العام المالي 2020-2021.
وقال الدكتور أحمد شوقي، الخبير المصرفي، إن دور السياسات المالية جاء لتسريع عجلة النمو الاقتصادي لدعم قطاع الصناعة والصناعات التحويلية من خلال تعليق أداء الضريبة لمدة سنة من تاريخ الإفراج عن الآلات والمعدات الواردة من الخارج المستخدمة في الإنتاج الصناعي.
وأضاف: إسقاط الضريبة فور بدء إنتاج الآلات المستورة للسلع والتي تمثل محفزًا مغريًا للقطاع الصناعي ليساهم بشكل أكبر في الناتج المحلي الإجمالي لتتجاوز 17% من مساهمته الحالية في الناتج الإجمالي، فضلًا عن دور هذه الإعفاءات في خفض تكلفة الإنتاج والتي ستنعكس على زيادة المنتجات المحلية وخفض الاعتماد على المنتجات المستوردة لخفض فاتورة الاستيراد في ضوء الخلل الحالي في سلاسل الإمداد العالمية بالإضافة لاستيعاب قطاع الصناعة لنحو 15% من إجمالي العمالة المنتظمة ومساهمته بنسبة 80%-85% في نشاط التصدير من الجمالي الصادرات السلعية المصرية ولكون هذا القطاع من أهم القطاعات المساعدة في توفير النقد الأجنبي، بالإضافة إلى دعم القطاع الزراعي والذي يعد من أهم القطاعات الاقتصادية التي تولي الدولة المصرية لها اهتماما كبيرا خلال الفترة الماضية من خلال التوسع في الصوب ومخازن الغلال الزراعية حيث سيساهم إعفاء المنتجات الزراعية كالبذور والتقاوي والشتلات والخضراوات والفواكه المنتجة محليًا في دعم الصادرات الزراعية واستقرار سعرها في السوق لكونها من السلع المؤثرة في معدل التضخم بشكل موسمي ولزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي حيث تمثل مساهمة قطاع الزراعة والصيد بنسبة 11% بالناتج المحلي الإجمالي.
وتابع الخبير: فضلًا عن أهمية قطاع الأدوية والذي برزت أهميته بشكل كبير خلال أزمة فيروس كورونا من خلال إعفاء الدواء والمواد الفاعلة في إنتاجها والأمصال واللقاحات والدم ومشتقاته والتي ستساهم بشكل كبير في زيادة حجم إنتاج الأمصال للحد من انتشار فيروس كورونا بموجاته المختلفة والتي ستؤثر في عدم توقف القطاعات الاقتصادية مرة أخرى لزيادة معدلات النمو وخفض حالات الإصابة بالفيروس.
واختتم: قرارات الإعفاءات الضريبية تتسم بشموليتها للعديد من القطاعات الاقتصادية والتي تتلاءم وتتكامل مع بعضها البعض لتشمل القطاع الصناعي والزراعي والسياحي والسفر والنقل والخدمي كخدمات الصرف الصحي وخدمات هيئة قناة السويس والخدمات الإلكترونية والتي ستدعم إستراتيجية الدولة المصرية للنمو المتسارع لمواجهة التحدي المستجد الذي يواجه العالم أجمع للخروج من حالة الركود والتضخم العالمي والذي ثبت نجاحه من خلال تحقيق معدلات نمو خلال العامين 2020، و2021 منذ انتشار جائحة كورونا في نهاية 2019.
واتفق الدكتور سيد قاسم، مستشار التطوير المؤسسى، مع رأى "شوقي"، مؤكدًا أن الحكومة تضع على رأس أولوياتها تنمية بيئة الأعمال وتعزيز دور القطاع الخاص من خلال تحسين المناخ الاستثماري لتوفير فرصة توطين الصناعة للمنتج المحلى، وتهيئة مناخ استثماري مناسب جاذب للاستثمار الأجنبي.
وقال قاسم: في سياق الموجه التضخمية التى يقابلها العالم الاقتصادي تأتى القيادة الرشيدة لتدعم مكتسبات استراتيجية حياة كريمة من خلال توفير الدعم الكامل لمتطلبات الحياة الآمنة اقتصاديًا للمواطن بالإضافة إلى مراعاة البعد الاجتماعي وبدون فرض أي أعباء إضافية على المواطنين، بالإضافة إلى الحفاظ على مكتسبات المناخ الاستثماري الملائم للمستثمرين في هذه الفترة بالمقارنة بالعديد من الأسواق الناشئة بالدول المجاورة والذي كان نتاج برنامج الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري.
وتابع: الاقتصاد المصري سيتأثر بهذه الإجراءات بشكل إيجابي حيث إنها ستعطي فرصة نسبية للمستثمرين من تثبيت أو الخفض النسبي لأسعار بعض السلع التى تتأثر بالتنوع المزيجي الضريبي الذي تم تعديله على سبيل المثال وليس الحصر ضريبة القيمة المضافة على الإعلانات 14% بدلًا من ضريبة دمغة الإعلانات 20%، مما سينعكس على السوق الداخلى والذي يعاني من الركود التضخمي بسبب أن الأسعار ترتفع والقوة الشرائية تضعف ولا تستطيع أن تتعامل مع هذا الارتفاع.
وقال الدكتور رمزى الجرم، خبير اقتصادي، إن منح المزيد من الإعفاءات على قانون القيمة المضافة، يأتي لدعم الإنتاج والحفاظ على مكتسبات الإصلاح الاقتصادي ودعم الفئات الأولى بالرعاية، فضلًا عن امتصاص الموجات التصخمية التي تجتاح الاقتصاد العالمي ومحاولة تقليل تداعياتها السلبية على الاقتصاد المصري.
وأوضح الجرم، أن سلسلة الإعفاءات التى سيتم تقريرها، ستدعم العديد من القطاعات الحيوية بشكل مباشر، وبعض القطاعات الأخرى بشكل غير مباشر، حيث ستكون لها انعكاسات إيجابية على قطاع السياحة، متمثلًا في الرد الضريبي على مشتريات السياح الأجانب، فضلًا عن الإعفاءات الأخرى القطاعات الصناعية والإنتاجية وقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية والأمصال، من منطلق اجتذاب رؤوس أموال أجنبية جديدة، مما يساعد على خِفض تكلفة المنتج النهائي، مما سيكون له انعكاسات إيجابية على المواطن في ظل جائحة كورونا، بالإضافة إلى دعم القطاع الزراعي والحيواني، مما سيؤدي إلى إتاحة ميزة تنافسية للمنتجات الزراعية والحيوانية، في مواجهة السلع المستوردة.
وأضاف الجرم: على جانب آخر وثيق الصلة، فإن الإقرار بإخضاع معاملات التجارة الإلكترونية للضريبة، من خلال نظام مبسط للتسجيل وإجراءات التحصيل، يتوافق مع المعايير العالمية ومتطلبات الشركات الأجنبية، سوف يكون له انعكاسات إيجابية على زيادة أو تعويض في الحصيلة الضريبية، بالإضافة إلى تحقيق قدر كبير من العدالة الضريبية بين الممولين المكلفين بأدائها، والحقيقة أن الإعفاءات الضريبية التي يتم تقريرها بعد موافقة البرلمان، ستؤدي إلى تخفيض تكلفة إنتاج السلع الوسيطة والسلع النهائية، مما سيسمح بدخول مشاركين جُدد في سوق الإنتاج للمصري، سواء من قبل مشاركين محليين أو أجانب، لدعم تنافية المنتجات المحلية، والتي تكون لها آثار إيجابية في صالح المواطن من جهة، والدولة من جهة أخرى، عن طريق تحقيق المزيد من الحصيلة الضريبية، نتيجة زيادة عدد وحجم المشروعات الإنتاجية والصناعة.
قال محمد عطا، خبير قتصادي، إن ما أقرته الحكومة من إعفاءات ضريبية جديدة خاصة بضريبة القيمة المضافة يعتبر خطوة مهمة نحو دعم قطاعات حيوية بالدولة واستكمال تنفيذ خطة الاصلاح الاقتصادى للوصول لمعدلات نمو أفضل للاقتصاد المصرى والتى من شأنها الوصول لحياة أفضل للمواطن المصرى تتماشى مع التنمية الاقتصادية التى تستهدفها الدولة.
ويرى عطا، أن هذه الإعفاءات الضريبية من شأنها دعم أداء قطاعات مهمة فتضمنت الإعفاءات قطاع الصناعة لتشمل إعفاء ضريبىا لبعض مكونات الصناعة في مجالات عديدة من الآلات والمعدات الواردة الخارج لتشمل الإعفاء لمدة عام وكذلك صناعة الدواء ليشمل الإعفاء المواد الفعالة التى تدخل في إنتاج الدواء والأمصال وأيضا شملت القرارات القطاع الزراعى بإعفاء على المنتجات الزراعية المصنعة محليا من بذور وشتلات علاوة على دعم صناعة الورق بإعفاء مدخلات صناعة الورق داخليا وتضمنت القرارات إعفاء هيئة قناة السويس للسفن العابرة فيها وبما تحمله مقابل العبور وكذلك عدم تحميل الضريبة على السلع أو الخدمات الواردة لمشروعات المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة.
وأضاف، أن هذه الإعفاءات تضمنت أحد أهم المحفزات من شأنه دعم قطاع السياحة بقوة من خلال تيسير رد الضريبة لمغادرى البلاد من لأى مشتريات بدءًا من 1500 جنيه مما يدعم السياحة التسوقية الوافدة لمصر والترويج لاقتناء المنتجات المصرية.
واختتم "عطا"، أن هذه الإعفاءات الضريبية تمثل محفزًا ودعمًا قويًا لهذه القطاعات القوية داخل اقتصاد الدولة وسوف تظهر آثارها الإيجابية على النمو الاقتصادى التى من شأنها تغيير حياة المواطن المصري إلى الأفضل.