سيطرت حالة من«عدم اليقين» على الاقتصاد العالمى، الذى لم يصل إلى التعافى بعد من تبعات كورونا ليأت متحور أوميكرون ليهدد سيناريوهات التعافى التى رسمتها المؤسسات الدولية، وكان صندوق النقد الدولى فى أحدث توقعاته، توقع تحقيق نمو بنسبة 5.9% فى سنة 2021، و4.9 % فى 2022 بسبب أزمة سلاسل الإمداد، وكذلك تفاقم الجائحة.
وقال الدكتور أيمن عبدالمقصود الخبير الاقتصادى، إن الإغلاقات وغيرها من الإجراءات المماثلة التى تسببت فى آثار اقتصادية وخيمة وخسائر واسعة للاقتصاد العالمى، سوف تلقى بظلالها مرة أخرى فى حال تفاقم أزمة متحور «أوميكرون» وتسببها فى نفس تداعيات الجائحة عام ٢٠٢٠.
وأكد عبدالمقصود أن الإعلان عن إصابات محدودة بالمتحور الجديد فى بعض الدول، انعكس مباشرة على المؤشرات الاقتصادية وأسواق المال، التى سجلت تراجعات متتالية حدثت خلال الأيام الماضية، مما يؤكد تفاقم التأثير حال تزايد الإصابات وانتشار المتحور الجديد وعدم ثبوت فاعلية اللقاحات معه.
فيما قال أحمد معطى، الخبير الاقتصادى إن أسواق المال، كانت الأكثر تأثرا بأنباء ظهور متحور كورونا أوميكرون، على المستوى العالمى والمحلى، فقد تراجعت السوق السعودية وتراجعت بورصة دبى وبورصة الكويت٣.٣٣٪ وكذلك وبورصة مصر.
وأوضح معطى أن التراجع جاء بسبب مخاوف من الإغلاق مرة أخرى، رغم عدم التاكد من قوة وانعكاس المتحور على البشر حتى الآن.
وأشار الخبير إلى تحقيق داو جونز أكبر وأسوأ تراجع له فى ٢٠٢١ بقيمة ٢.٥٣٪، كما تراجع إس آند بى ٥٠٠ بنحو ٢.٢٧٪، وناسداك تراجع بنحو ٢.٢٣٪، بسبب المتحور، رغم عدم تأكيد الأطباء مدى خطورة الفيروس وعدم اتجاه أى من الدول الكبرى إلى الإغلاق، بالإضافة إلى تأكيد الشركات الكبرى مثل فايزر وأسترازينيكا بعدم وجود تخوف من الفيرس الجديد وإمكانية إيجاد علاج له فى ٦ أشهر، حال ثبوت جدوى اللقاحات الحالية.
ويرى معطى أن التخوف مبالغ فيه، مشيرا إلى تأثر العملات الافتراضية أيضا وتراجع البتكوين إلى٤٧ الف دولار كما تراجعت القيمة السوقية للعملات الافتراضية من ٢.٨ تريليون إلى ٢.٤ تريليون.
ونصح معطى المستثمرين بترقب الوضع وعدم الدخول فى صفقات كثيرة حتى تبين وضع الفيروس، موضحا أنه فى حالة السيطرة عليه ستحدث ارتداده أقوى للسوق لتعويض الهبوط، وفى حالة سوء الوضع ستتكبد الأسواق مزيدا من التراجع على مستوى العالم وارتفاع أسعار الذهب.
وقال الدكتور رمزى الجرم الخبير الاقتصادى، إن ظهور متحور أوميكرون أثار مخاوف المستثمرين على مستوى العالم، الذى قد يكون مضادًا للقاحات الحالية، مما يمثل ضربة جديدة للاقتصاد العالمى، بعدما قد وصلت كثير من دول العالم إلى مرحلة التعافي، أو التعايش مع الجائحة إلى حد ما، حيث تراجعت الأسهم الأوربية بأكثر من ٣٪، فقد أنهى المؤشر ستوكس ٦٠٠ التعاملات، مُنخفصًا بنحو ٣.٧٪ ليسجل أسوأ أداء منذ يونيو ٢٠٢٠، وبلغت خسائر المؤشر خلال أسبوع بنحو ٤.٥٪، كما انخفض المؤشر فايننشال تايمز ١٠٠ البريطانى بمعدل ٣.٦٪، وتراجع المؤشر داكس الألمانى بمعدل ٤.٢٪، كما هبط المؤشر كاك ٤٠ الفرنسى ٤.٨٪، بينما هوت أسهم السياحة والسفر والترفيه بمعدل ٨.٨٪ ليسجل أكبر خسارة منذ مارس ٢٠٢٠، وخسر قطاع النفط والغاز بمعدل ٥.٨٪ بينما تراجعت أسهم التعدين بمعدل ٥٪.
وأضاف الجرم: على جانب آخر وثيق الصلة؛ استقرت أسعار الذهب، بعدما ارتفعت أسعاره أكثر من ١٪، خلال يوم الجمعة ٢٦ نوفمبر الجارى، ليسجل ١٨٠٠ دولار للأوقية، بينما صَعد المعدن النفيس فى المعاملات الفورية بمعدل ١.٢٪ إلى ١٨١٠.٢٠ دولار للأوقية، مدعومة بإقبال المستثمرين على الاستثمار فى المعدن النفيس، باعتباره من أهم الملاذات الآمنة فى الأزمات المالية، بينما قفزت العقود الأمريكية الآجلة للذهب بمعدل ١.٧٪ إلى ١٨١٣.٨ دولار.
وتابع: وفى ظل حالة عدم اليقين، والضبابية التى تسيطر على كامل المشهد، وفى ظل الاعتماد على معلومات أولية، فضلًا عن رد فعل الأسواق العالمية، الذى قد يكون مُبالغا فيه، على خلفية حالة الهلع التى تسيطر على توقعات المستثمرين، فإن هذا الوضع ستكون له انعكاسات سلبية إضافية خطيرة على الاقتصاد العالمى بشكل غير مسبوق، وستخلق حالة الهلع والزُعر، غير المُستند على معلومات دقيقة، مزيدًا من الانهيارات فى أسواق المال العالمية، ربما تكون الأكبر فى تاريخ البشرية، نتيجة عودة الأمور إلى مربع رقم صفر، فى ظل وجود أزمة حقيقية لدى كبرى شركات الأدوية، جراء احتمالية عدم فاعلية اللقاحات التى تم اعتمادها خلال الفترة الأخيرة، والتى سوف تكون لها تداعياتها السلبية على قطاع الأدوية والقطاعات الأخرى المرتبطة.
وأكد الخبير الاقتصادى، أن هناك تخوفا وقلقا شديدين لدى المؤسسات المالية الدولية، من عدم قدرتها على تخصيص أو اعتماد حزم من القروض العاجلة، التى تساعد الاقتصادات المتضررة من المتحور الجديد، مما سيزيد الأمر صعوبة، كل ذلك، فى ظل وجود أزمات أخرى مرتبطة، تُهدد أكبر الاقتصادات العالمية، أهمها أزمة الطاقة فى الصين، وأزمة الديون فى الولايات المتحدة الأمريكية، بخلاف أن العالم كان مازال يواجه أزمة جائحة كورونا (دلتا).
ولفت الجرم إلى أن حالة التوتر التى سيطرت على المشهد خلال الأيام القليلة الماضية، قد أدت إلى انخفاض أسعار النفط بأكثر من ٢٪، مما آثار مخاوف من تضخم فائض المعروض العالمى فى الربع الأول من العام المُقبل، نتيجة الإفراج عن احتياطيات أمريكية جديدة لمواجهة أزمة أسعار النفط العالمية، بالإضافة إلى تقويض الطلب حال انتشار السلالة الجديدة من متحو كورونا.