إطلاق حملة «100 مليون» لتوفير الدعم الغذائى للمحتاجين والفئات الأقل دخلًا فى 30 دولة.
التبرع بـ10 ملايين دولار كمساعدات عينية لمنظمة الصحة العالمية.
تقديم 2.154 طن إمدادات لـ135 دولة.. وإنشاء 6 مستشفيات ميدانية فى دول بالخارج .
تجهيز عيادة متنقلة فى تركمانستان.. وإرسال مساعدات إلى 117 دولة من مخازن المنظمات الدولية بدبى.
إجلاء أكثر من 800 شخص من إقليم هوبى فى الصين إلى أرض الإمارات وتقديم كل الدعم والفحص الطبى لهم.
محمود الحضرى
فى مقال مهم للدكتور فاطمة الصايغ، الأستاذة بكلية العلوم الإنسانية بجامعة الإمارات، حول الإمارات والمسئولية الدولية، قالت إن معدن الدول، كالإنسان، يظهر عند الشدائد والمحن، ويتفاعل مع الظروف المحيطة به تفاعلًا إيجابيًا ومؤثرًا، الظروف الصعبة التى مر بها العالم مؤخرًا والتى أثرت فيه بأسره، وعلى مختلف الصعد، وضحت معدن الناس والدول، موضحة أن إحساس الدول المسئولة بأن العالم كله فى مركب واحد معرض للغرق فى أى لحظة وأن هناك لحظات مصيرية تفصل بين الحياة والموت، جعلها تسارع إلى فعل الخير بروح إنسانية عالية وعقل وقلب مفتوحين متخطين كل حواجز السياسة وتفاعلاتها.
وأكدت أن دولة الإمارات جسدت هذا المعنى، فقد تعودت على فعل الخير ومد يد العون للعالم، لم تكن هي وأهلها بعيدين عن تلك الروح الإنسانية، فقد ظهرت أمثلة كثيرة خلال هذه الفترة بينت لنا المعدن الأصيل لشعب الإمارات وقيادته.
كان شعب الإمارات بكل أطيافه ومكوناته، متحدًا ومسئولًا وملتزمًا فى اتخاذه الإجراءات الاحترازية لتجنب فيروس «كوفيد- 19» القاتل، نجد حكومة الإمارات تظهر كل معانى المسئولية الدولية والالتزام بوثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعت بحضور الشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبوظبى، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فى أبوظبى فى فبراير 2019.
وتجسّد ذلك مجددًا مع ظهور جائحة «كورونا» وهو ما يؤكّد المعدن النقى لقيادة وشعب الإمارات، فشعور الإمارات بأنه ليست كل شعوب العالم محظوظة وقادرة بمفردها على مواجهة الوباء جعلها تبادر بمد يدها إلى كل محتاج وضعيف فى شتى بقاع الدنيا، فلم تؤثر متغيرات السياسة العالمية ولا تموجاتها على مواقف الإمارات الإنسانية ومسئولياتها الدولية.
10 مليارات دولار مساعدات الجائحة
وتشير الأرقام إلى أن إجمالى عدد المساعدات الطبية، والأجهزة التنفسية، وأجهزة الفحص ومعدات الحماية الشخصية، والإمدادات التى قدمتها الإمارات للعالم بلغ 2.154 طن تم توجيهها إلى 135 دولة حول العالم، كما بلغ إجمالى رحلات المساعدات الطبية المرسلة 196، وتم إنشاء 6 مستشفيات ميدانية فى السودان، وغينيا، كوناكرى، ومورتانيا، وسيراليون، ولبنان، والأردن، وتجهيز عيادة متنقلة فى تركمانستان، وتم إرسال مساعدات إلى 117 دولة من مخازن المنظمات الدولية المتواجدة فى المدينة العالمية للخدمات الإنسانية بدبى، تم أيضا التبرع بـ10 ملايين دولار كمساعدات عينية من دولة الإمارات إلى منظمة الصحة العالمية.
وساهم صندوق أبوظبى للتنمية ضمن تعهد مجموعة التنسيق العربية بتخصيص 10 مليارات دولار أمريكى لمساعدة الدول النامية على التعافى من الركود الناجم عن تداعيات الجائحة وتأثيراتها السلبية على القطاعات الاقتصادية المتنوعة، مع إطلاق مبادرة ريادية تم بموجبها السماح بتأجيل سداد الديون المستحقة على الدول النامية المستفيدة من قروض الصندوق خلال عام 2020.
ولاشك أن هذا كله يتماشى مع موقف حكومة دولة الإمارات الداعم لقرار مجموعة العشرين «G20» والرامية إلى تعليق مدفوعات الديون المستحقة على البلدان النامية لمساعدتها على تلبية احتياجاتها التنموية، وتخفيف أعباء ديونها وتمكينها من معالجة تأثيرات الجائحة دون ضغوط مالية.
ومدت الإمارات يدها إلى سوريا تساندها في محنتها، فهي مدركة بأن ظروف الحرب والحصار قد حدت من قدرة هذه الدولة على مقاومة الوباء وعرضت حياة الكثير من المدنيين للخطر.
ولا شك اتصال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبوظبى، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بالرئيس السوري بشار الأسد، ثم بعد ذلك الزيارة التي قام بها الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولى، كلها بادرة إنسانية طيبة من ضمن مبادرات الإمارات الإنسانية الكثيرة التي جاءت لتخفف من آلام البشرية وترفع المعاناة عن الأبرياء.
ومواقف الإمارات الإنسانية امتدت إلى الكثير من الدول مثل إيران وموريتانيا ودول أخرى فى أفريقيا وأوروبا، إما لتقديم الدعم أو المواساة، إنها دولة الإنسانية التي وضع أسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وسار على نهجه الأبناء.
ومبادرات الإمارات الإنسانية لم تقتصر على الدول بل امتدت إلى الأفراد، فها هي ترسل طائرة خاصة لإجلاء إحدى رعايا دول الخليج العالقين والذين تقطعت بهم السبل نتيجة لإغلاق الأجواء الدولية، بادرة أخرى تمثلت فى إجلاء أكثر من 800 شخص من إقليم هوبى فى الصين إلى أرض الإمارات وتقديم كل الدعم والفحص الطبى لهم، في وقت بدأ العالم كله مشغولًا بتدبير أمور رعاياه فقط، بخلاف أن الهلال الأحمر، ذراع الإمارات الإنسانية، لم يتوانَ خلال هذه الفترة من تقديم العون والمساعدة للعديد من دول العالم المحتاجة والمتضررة من جراء الأزمات والأوبئة. وهو خير دليل على توجه الإمارات الإنسانى من حيث تقديم الدعم للمحتاجين عبر العالم دون النظر إلى طوائفهم وخلفياتهم.
والمؤكد ويتفق عليه جميع المراقبين، أن الإمارات عندما تسارع لفعل الخير لا ترجو من ذلك دعاية سياسية ولا منفعة أنية وإنما تنفيذًا لأوامر القيادة السياسية العليا وقيم الإمارات الأصيلة التى أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد، فمنذ تأسيس الدولة وحتى الآن كانت الإمارات عونًا لكل محتاج وضعيف وفقير، فأيدى الإمارات البيضاء تجدها فى كل بقاع العالم وأينما وجدت الحاجة إلى المساعدة.
مبادرة دولية للإطعام
ومن هذا المنطلق أطلقت الإمارات حملة 100 مليون وجبة إلى تمكين أهل الخير من الأفراد والمؤسسات والشركات داخل دولة الإمارات وخارجها من التبرع لتوفير الدعم الغذائى للمحتاجين والفئات الأقل دخلًا فى 30 دولة، فى 4 قارات من بينها السودان، ولبنان، والأردن، وباكستان، وأنغولا، وأوغندا، ومصر.
وتؤكد الأرقام أن الحملة نجحت فى أولى مراحلها خلال 2021، في جمع مشاركات إجمالية توفر 216 مليون وجبة، عبر قنوات تلقى التبرعات الرسمية التي شارك فيها 385 ألف متبرع، والعديد من المؤسسات الحكومية والخاصة ورجال الأعمال والمزادات.
وأهمية هذا الحملة أنها تعمل تحت مظلة دولية، بالتعاون بين مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، وبرنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة، والشبكة الإقليمية لبنوك الطعام، ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، بالإضافة إلى عدد من المؤسسات والجمعيات الخيرية والإغاثية فى الدول التى تغطيها الحملة فى القارات الأربع، بحيث يتم إيصال الطرود الغذائية القابلة للتخزين للمستفيدين من أفراد وعائلات مباشرةً إلى أماكن سكنهم أو مواقع تواجدهم عبر شركاء الحملة.
ولم تقتصر الإمارات على المال بل الغذاء والدواء والكساء، بالإضافة إلى ذلك فقد قامت الإمارات مؤخرًا بتقديم الفحص المجانى لفيروس «كورونا» لكل المواطنين والقاطنين فى دولة الإمارات، متخطية بذلك كل دول العالم.
ولاشك أن دولة الإمارات لم تقتصر على تقديم المساعدات العينية بل والمساعدة المعنوية للدول المتضررة على الدوام، فوقوفها إلى جانب الدول الكبرى الصديقة مثل الصين وإيطاليا وألمانيا واستراليا والفاتيكان والهند وروسيا كلها أمثلة تدل على المواقف الإنسانية لدولة الإمارات، وتعبر صراحة عن قيم الإمارات الأصيلة ومبادئها الراسخة القائمة على العدل والأخوة الإنسانية القادرة على إزالة الحدود وعبور الأجواء بكل حرية. إنها الدولة التى تحمل هم الآخرين بكل مسئولية.
وفى إطار دورها في مساندة الوحدة والسلام، لم تدخر دولة الإمارات جهدًا في توظيف دبلوماسيتها وإعلامها وإمكاناتها الاقتصادية فى خدمة القضايا العربية والإسلامية، بما يعكس اهتمام صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة بمعالجة هموم وقضايا العرب والمسلمين فى مختلف أنحاء العالم والعمل في إطار وحدة الصف ومنطق الجماعة، الأمر الذي يفسر الاحترام الذى تحظى به دولة الإمارات والمكانة التي تتبوؤها فى المحافل الإقليمية والدولية.
ولا تقتصر جهود دولة الإمارات على العمل الدبلوماسي والإعلامي فحسب، بل تساند ذلك الهيئات والمؤسسات الخيرية الإماراتية التي استطاعت أن تقدم الدعم المادى والمعنوى إلى العديد من دول العالم، وعلى الرغم من ترامى أطراف العمل الإنسانى الإماراتى، فإن الدور الذى لعبته فرق الإغاثة والإعمار الإماراتية فى كوسوفا وفلسطين وأفغانستان والصومال يعد نموذجًا فريدًا لهذا العمل، وخلال العقود الثلاثة الماضية قدمت الإمارات ما يقارب مائة مليار درهم، أو ما يعادل 4% من دخلها القومى، كمساعدات ومنح للدول النامية.
وتأكيدًا على حرص الدولة وموقفها الثابت تجاه قضايا الوحدة والسلام، تأتي مشاركات القوات المسلحة فى حفظ السلام والاستقرار فى العديد من الدول، ومن ذلك الدور المشهود الذى لعبته فى إقليم كوسوفا الذى جعلها محط تقدير واحترام المجتمع الدولي، ودورها فى رفع المعاناة عن الشعب الصومالي، وشاركت فى عملية «إعادة الأمل» ذلك بتقديم العديد من المساعدات العسكرية والعينية والخدمية المتميزة.
دولة سلام
وتثق دولة الإمارات فى أن المستقبل سيكون لصالح السلام وتعزيز العلاقات الإنسانية بين الشعوب، فخلال ترحيب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبى، - وبحضور الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، بعدد من السفراء فى حفل استقبال لتقبل أوراق اعتماد عدد من سفراء الدول الجدد المعينين كسفراء غير مقيمين لدى الدولة-، أكد على ثقته بأن المستقبل سيكون لصالح السلام وتعزيز العلاقات الإنسانية بين الشعوب وأن العالم لن يكون بعد جائحة «كورونا» كما كان قبلها.
وأكد لدى تسلمه في قصر الوطن في أبوظبي أوراق اعتماد عدد من سفراء الدول المعينين لدى الإمارات، أن هؤلاء السفراء سيحظون بكل الرعاية والاهتمام وجميع أشكال المساعدة اللازمة لتمكينهم من أداء مهامهم على أكل وجه خدمة لمصالح بلدانهم وبما يحقق المنافع المشتركة لدولة الإمارات ودولهم والتعاون الإنسانى والثقافى والصحي والاقتصادى والتجارى وغيرها من مجالات التعاون التي تعود على الجميع بالخير والمنفعة.
وقال لهم: «أنتم في دولة السلام والتعايش.. سوف تحاطون وعائلاتكم بكل مظاهر الترحيب والعيش الكريم الأمن فى كنف مجتمع متسامح ومتعدد الثقافات والأعراق حيث يعيش الجميع بتناغم وانسجام وتواصل إنسانى لا مثيل له.. وجميع أبواب المسئولين والوزراء مفتوحة لكم خاصة وزارة الخارجية والتعاون الدولى وعلى رأسها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولى».
ومن الهام هنا أن تشير إلى كلمات الشيخ محمد بن راشد خلال قمة قادة مجموعة العشرين أعمالها، والتى عبرت عن ثوابت دولة الإمارات، حيث قال إن مواقف دولة الإمارات ستبقى واضحة وثابتة ومستمرة فى دعم كافة الجهود الدولية للتغلب على هذه التحديات، وأن توجهات الدولة ستظل راسخة حيال ما يتم بذله عالميًا من جهود غايتها تخطي التحديات الراهنة وتفادي المستقبلي منها، انطلاقًا من التزام الإمارات الكامل تجاه مساندة كل جهد هدفه تحقيق مصلحة الإنسان أينما كان، ومعاونة البشرية على العبور إلى مرحلة جديدة عامرة بالأمل فى أعقاب التغلب على جائحة تسببت فى عرقلة جهود التنمية العالمية.