ينفتح الشعر على التجربة الإنسانية اللانهائية، متحركًا في فضاء الخيال والدهشة، محاولا إعادة بناء الوجود عبر أصواته الحميمية القريبة من روح المتلقي، ويُعد الشعر هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس التي تجوب الوعي الإنساني واللاوعي أيضًا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر.
تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.
واليوم تنشر قصيدة بعنوان "هذا الجمال" للشاعر السعودي الدكتور أسامة عبد الرحمن عثمان، تزامنا مع ذكرى وفاته، التي تحل اليوم الأحد.
"هذا الجمال"
من أين جئت بهذا السّحرِ ينسكبُ
وكيف فيه تلاقى البردُ واللهبُ ؟
من أي عاصمة للحسن.. رائعة
هذا الجمال الذي للفكر يصطحب ؟
هل زارها الشعر.. حتى في مخيلة
وهل تنبه من قبلي .. لها العرب؟
من أين جئت بهذا الحسن أجمعه ؟
يذيب كل شغافي.. حين يقترب
وحين يبعد عني.. لا يفارقني
واد من السهد.. فيه القلب يغترب
من أين جئت بهذا الحسن باسقة..
نخيله.. وعليه غرد الرطب؟
وأي فكر أتى من عبقر.. غدقا ؟
وليس في عبقر.. لهو ولا لعب
النيّران.. ولم أحضر زفافهما
هل أنجَباك.. فطاب الأصل والنسب ؟
وجنة الخلد هل من حورها بعثت
حوراء.. كاللؤلؤ المكنون.. تختلب ؟
يا فتنةً.. لو بدت كالشمس سافرة
لما بدت.. من حياء.. بعدها شهب
ولا اعتلت للقوافي كل ناصية
من المطالع.. فيها أشرق الأدب
تطارح الشاطيء النجوى.. فيلثمها
والبحر.. تلهبه النجوى.. فيضطرب
وأي أفق.. عليه الريح غاضبة
لو ضاحكته.. فلن يبقى به غضب
ولو تمر.. على الصحراء ظامئة
لزعزع الصمت.. في أرجائها الصخب
ولو روت جملة للشوق مجملة
لأورق السحر.. فيها وهو منجذب
ولو أطلَّت.. ووجه الأفق مكتئب
ما عاد للأفق وجه وهو مكتئب
ولو دنا ثغرها البسّام.. من قدح
لراح يرقص في شطآنه الحَبَب
والبحر.. لو فيه مدت بعض أشرعة
لأرعش البحر من أشواقه العبب
والبر ..لو أرسلت فيه قوافلها
لهز كل حصاة فوقه الطرب
ما القطب.. يكسو جليد كل صفحته
لو أقبلت من بعيد راح يلتهب
وما الجبال الرواسي.. لو تلامسها
منها الأنامل.. مادت وهي تنشعب
وما النجوم على الآفاق.. سارية
إلا إلى نورها المسكوب.. تنتسب
ما بين أجفانها للحلم عاصمة
وكل حلم عليه العشق.. ينتخب
وفي جوانحها.. سلسال عاطفة
بالسحر والعطر فتانين ينسكب
وفوق جبهتها للفجر منبلج
من دربه الليل بعد الليل ينسحب
وبين أعطافها.. عدْن وأنهرها
والتين.. والورد والأشواق.. والعنب
أجلْت طرفي.. ما صدّقْتُ فتنتها
حتى هوت في سفوح الفتنة.. الريب
كم لوحة.. نبضت بالحب رائعة
تكاد صم الأماني.. فوقها تثب
كم قصة .. في شغاف القلب.. قد كتبت
لو لامست كتباً.. خرت لها كتب
مُنِّي عليَّ بوعد سوف أرقبه
وإن تمطى على أيامه الكذب
كم تنعش النفس آمال.. وإن بقيت
طيَّ السراب.. ولم ينجز لها طلب
وكم تسافر في الآراب.. عاطفة
وإن نأى أرب من بعده أرب
لولا الرجاء.. يُمنِّي النفس كل غد
لأجهض الشوق في ترحاله.. التعب
إني أصدق منك الآل.. يخدعني
وإن يكن من خداع.. نالني النَّصَب
لو تجمعين من الأسباب أجمعها.. أسباب
حبي.. فلي من فوقها سبب
ثقافة
الشعر يجمعنا.. "هذا الجمال" للسعودي أسامة عبد الرحمن
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق