أثار فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ما سمي بالدين الإبراهيمي الجديد، وذلك خلال احتفالية بيت العائلة المصرية بمناسبة مرور 10 سنوات على تأسيسه، والذي أكد في تصريحاته أنَّه محاولة للخلط بين التآخي والتسامح بين الأديان وإلغاء الفروق بين الأديان، وهو ما أثار مجموعة من التساؤلات عن ماهية الدين الإبراهيمي الجديد، وما هو الهدف منه؟ ومن يقف وراءه؟
وأول ما أطلق هذا المصطلح كان بغرض سياسي بحت من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي علق على العلاقات الإماراتية الإسرائيلية بمصطلح سُمع للمرة الأولى، حيث وصف الاتفاق بين الجانبين بـ "الإتفاق الإبراهيمي".
كما ظهرت موجة متقطعة من جانب دوائر فكرية أمريكية أبرزها - معهد بيس آيلاندز- اتخذت من دعوتها لـ بلدان عربية للتطبيع مع إسرائيل، منفذًا للدعوة إلى توحيد الأديان السماوية تحت دين واحد يسمى بالإبراهيمي.
ويظهر من خلال الدعوات للدين الإبراهيمي الجديد، نوايا سياسية خفية أو معلنة عند البعض ترتكز في أساسها على التطبيع الكلي الذي تسعى إليه إسرائيل مع البلاد العربية.
تعتبر جمعية «اللقاء بين الأديان» أو ما تعرف اختصارًا بـ (III) الجهة الداعمة بشكل رئيسي لتلك الديانة الموحدة والتي تسعى لتأسيس دولة واحدة تحت عقيدة واحدة تجمع كل شعوب المنطقة، لكن الأغراض السياسية لمثل تلك الدعوات باتت مشبوهة.
أما مصدر الدين الإبراهيمي الجديد هو مراكز بحثية ضخمة وغامضة، انتشرت مؤخرًا في ربوع العالم، وأطلقت على نفسها اسم "مراكز الدبلوماسية الروحية"، وتم إطلاق هذا المصطلح بغرض سياسي، حيث أخذت هذه المراكز التي تعمل في إطار نشر المحبة والتسامح على عاتقها مهمة دعوة كبار رجال الدين في الأديان الإبراهيمية الثلاثة، من أجل إيجاد قيم عامة مشتركة بين الأديان، مثل: المحبة، والتسامح، المساواة، والتعايش وتقبل الآخر.
وتدعي مراكز الدبلوماسية الروحية، التنوير والتدين، وتأخذ في إعادة تأويل النصوص الدينية، ونصوص التفسير لتمهيد الطريق لعمل مراكز الدبلوماسية الروحية التي تنتشر في مراكز الصراع، وتركز على قيم الود والتسامح، وخاصة ما يختص بالقضايا الشائكة في الشرق الأوسط.
ولا علاقة لهذه الدعوة بالدين فهي غير منطقية، وأنها مجرد دعوة سياسية تهدف لاختراق العالم العربي والإسلامي، ويزعمون أنها نوع من التوحد والدعوة للسلام والمحبة، ولكن كل الأديان بالفعل تدعو للسلام وقبول الآخر.
كما أن مثل هذه الدعوات دعاوى العولمة ونهاية التاريخ، وهى دعوة مسيسة تحت مظهر مخادع واستغلال الدين، فكل الديانات أقرت بوجود شريعة وعقيدة أخرى، ففي القرآن الكريم يقول الله تعالى: "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين". فالإنسان يحاسب حسب شريعته، فإذا كان الله سبحانه وتعالى يريد أن يجعل الجميع بديانة واحدة لكنا خلقنا بها.
ولا أنسى في ذلك الموقف ما قاله الفنان عادل إمام في مسرحية "الواد سيد الشغال".. "إنهم يدعون لدين جديد فماذا نحن فاعلون"!! هذه المقولة خطرت ببالي عندما سمعت عن ما يسمونه بالدين الإبراهيمي، فنرجو ممن يحاولون اللعب بمشاعر الناس عبر كلمات براقة ومحاولة بث فتن داخل المجتمعات والأديان الكف عن هذه الأعمال، فلن تفلحوا في ذلك.