شاركت الباحثة الموسيقية الدكتورة ميشال الشمالي، من "لبنان"، مساء اليوم الأربعاء، بورقة بحثية بعنوان "البيانو في الموسيقى العربية، تغريب أم تطويع؟ ضمن ندوة مؤتمر ومهرجان الموسيقى العربية في دورته الـ30، بالمسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية.
وقالت الشمالي: لقد انتقلت الموسيقى العربية الحديثة والمعاصرة من استخدام التخت الموسيقي التقليدي إلى الأوركسترا الكبيرة، مرورا بالتخت الموسع، بينما اكتفت بعض الفرق الموسيقية بإضافة العشرات من عائلة الكمان المختلفة والعديد من آلات الإيقاع إلى التخت العربي، عمد البعض الآخر إلى إدخال مختلف آلات الموسيقى الغربية إلى فرقهم، خاصّة مع انتشار التوزيع الموسيقي الأوركسترالي في الموسيقى العربية.
وتابعت: أن فرض البيانو نفسه في الموسيقى العربية، إما كآلة منفردة تعزف بداية بعض سلالم الموسيقى العربية، وإما كآلة تعزف ضمن الأوركسترا العربية الكبيرة، وتنوعت أساليب الكتابة للبيانو بين كتابة لحنيّة بصوت واحد، إلى كتابة هارمونيّة لأصوات متعددة، وإلى مرافقة لحنية - إيقاعية للغناء، إلخ، وبات البيانو آلة أساسية في أغاني وموسيقى بعض كبار المطربين والمطربات الذين اعتمدوا التوزيع الموسيقي في أعمالهم، وتمت إعادة كتابة عدد كبير من الأغاني العربية لعزفها على آلة البيانو.
وواصلت: عمل بعض الموسيقيين على إنجاز آلة بيانو يمكنها عزف كلّ السلالم العربيّة، وأسموه "البيانو العربي"، وقد عُرضت نماذج من تلك الآلة في مؤتمر الموسيقى العربيّة الأوّل سنة 1932. وفي لبنان، وبعد البيانو الذي وضعه وديع صبرا وبشارة فرزان وتمّ عرضه في مؤتمر 1932، عمل عبدالله شاهين سنة 1954 على تصنيع بيانو غربي/عربي مع شركة هوفمان في فيينا "النمسا"، بالإشتراك مع شركة رينر في شتوتجارت بألمانيا، وقد سجل سنة 1962 أسطوانة تقاسيم عربية على بعض المقامات الشرقية.
وأوضحت الشمالي، أن دخول البيانو إلى الموسيقى العربية أعطاها أبعاداً جديدة سواء في الغناء أو التأليف الموسيقي، ولكن مع إنتشار البيانو وأيضاً الكيبورد الغربي- الشرقي في الموسيقى العربية، وبالتالي مع تثبيت الدرجات المتحركة في السلالم العربية، إن كان في البيانو أو في الكيبورد "الشرقيين"، ألا تفقد الموسيقى العربية بعض خصائصها؟ ألا يؤثر ذلك على قدرة المؤدين والسامعين، على حد سواء، على تمييز الأبعاد الصغيرة والتفريق بينها؟
كما يعتبر الكثيرون بأن استخدام آلة البيانو في الموسيقى العربية يعطيها صبغة كلاسيكية بالنسبة للغربيين، ومهما قيل ويُقال حول تآلف البيانو مع الموسيقى العربية، وحول الأكورديون والكيبورد المتفرعين عنه والذين باتا مستخدَمين على صعيد واسع في مجمل التوزيعات الموسيقية الحديثة، فقد أصبح رقماً صعباً في الموسيقى العربية المعاصرة إن كان بنسخته الغربية أو بنسخته العربية، ويمكن استخلاص الأدوار المعطاة له كالآتي: أداء فردي (soliste) بصوت واحد في أغنية كاملة أو في مقطع منها يبرز اللحن العربي بإطار جديد؛ أداء فردي متعدد الأصوات في أغنية أو مقطوعة؛ مرافقة هارمونية أو كونترابونتية لآلة أخرى أو لغناء منفرد أو كورالي؛ العزف اللحني أو المرافقة في المقامات غير المعدلة مع استثناء الدرجات المتحركة؛ مصاحبة إيقاعية للحن ما من خلال التركيز على جمله اللحنيّة والإيقاعية الأساسية؛ أداء تلاوين هارمونية وتآلفات متتابعة وزخرفات لحنية ظاهرة أو خلف الغناء.
وأضافت الشمالي، أن هناك من استخدم البيانو في مؤلفاته وطوع تقنياته ليتآلف مع الموسيقى العربية، وهناك من يستخدم بعض آلات التخت العربي ليعزف بتقنيات لا تمت بصلة إلى الموسيقى العربية، فالمشكلة ليست في الآلة بل في العازف والمؤلف، وكما استفادت الموسيقى العربية من تفاعلها مع باقي الموسيقات، يمكنها أن تستفيد من آلات الموسيقى الغربية وتطوعها إذا أحسنت توجيه موسيقيها.
يذكر أن فعاليات الدورة الـ30 لمهرجان الموسيقى العربية، انطلقت أول أمس بحضور الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة، والدكتور مجدي صابر رئيس دار الأوبرا المصرية، ولفيف من الوزراء من بينهم: السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، والدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، والفنانين.
وتستمر فعاليات المهرجان حتى 15 نوفمبر الجاري، وتضم 33 حفلا غنائيا وموسيقيا بمشاركة 101 فنان من 10 دول عربية هى: مصر، ولبنان، والمغرب، والسعودية، والعراق، وسورية، وتونس، وفلسطين، والأردن، وعمان، وتقام على 6 مسارح، بثلاث محافظات القاهرة النافورة، والصغير، والجمهورية، ومعهد الموسيقى العربية، وتخرج فعالياته إلى أوبرا دمنهور، ومكتبة الاسكندرية التى تستضيف الحفلات لأول مرة حفلاته بسبب سعة المسرح التى تعد ضعف مسرح سيد درويش أوبرا الإسكندرية.
كما تهدى إدارة المهرجان هذه الدورة إلى روح كل من الموسيقار جمال سلامة، والموسيقار عبده داغر.