أكد وزير الخارجية سامح شكري مجددًا أن مصر كانت وستظل داعمة للشعب الليبي، وللمساعي الدولية والإقليمية المتواصلة لتحقيق طموحاته وإنهاء أزمته، مشددا على أن مصر عملت - ولاتزال - على إيجاد أرضية مشتركة بين جميع الأشقاء الليبيين بهدف مساعدتهم على التوصل إلى رؤية تنفيذية وطنية متكاملة تعالج جذور الأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعاني منها ليبيا منذ عام 2011.
وقال وزير الخارجية - في كلمة أمام مؤتمر دعم استقرار ليبيا المنعقد في طرابلس اليوم /الخميس/ - إن الرئيس عبد الفتاح السيسي حرص على إيلاء الوضع في ليبيا اهتمامه من خلال المشاركة في جميع الفعاليات المعنية بالأزمة، ولقاء مختلف القوى السياسية والاجتماعية وزعماء القبائل من أجل الإسهام نحو استعادة ليبيا لاستقرارها ووحدة أراضيها وسيادتها والحفاظ على مقدراتها؛ مدفوعًا بما يربط الشعبين الشقيقين من أواصر الحوار والمصاهرة والمصير المشترك.
وأضاف أن مصر تعهد - عبر العديد من اللقاءات الدولية والإقليمية - بحماية سيادة ليبيا، واستقلالها، وسلامتها الإقليمية، كما أعلنت مصر التزامها بمساندة جهود الأمم المتحدة الرامية إلى إنهاء الصراع والانقسام من أجل استعادة الأمن والاستقرار، الذي ينشده الشعب الليبي أجمع.
وتابع "ها نحن نجتمع اليوم بطرابلس في لحظة هامة من عمر الأزمة الليبية، إذ يسير الأشقاء الليبيون بخطي واثقة نحو تنفيذ خارطة الطريق التي أقروها بأنفسهم للانطلاق إلى المستقبل من خلال عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المقرر في 24 ديسمبر 2021".
وثمن الوزير - في هذا السياق - الإجراءات المتخذة من جانب المجلس الرئاسي الليبي وحكومة الوحدة الوطنية في الإعداد للانتخابات، وجهود مجلس النواب الليبي وإصداره لقانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتنسيقه بشأنهما مع المفوضية العليا للانتخابات الليبية التي تبذل جهودًا كبيرةً حتى يتسنى عقد الاستحقاق الانتخابي في موعده بما يتيح لأشقائنا الليبيين المجال للتعبير عن إرادتهم الحرة في اختيار قياداتهم ورسم مستقبل بلدهم بعيدًا عن أي تأثير خارجي.
وأعرب وزير الخارجية سامح شكري عن التطلع إلى نجاح إتمام هذا الاستحقاق دون إقصاء أو تهميش في موعده بالشكل الذي يليق بقيمة وتاريخ الشعب الليبي الشقيق لكي تعود ليبيا إلى مكانتها ودورها العربي والإقليمي الفاعل.
وأكد شكري - في كلمته أمام مؤتمر دعم استقرار ليبيا المنعقد بطرابلس - أن للاستقرار متطلبات لا غني عنها؛ تبدأ بوقف العنف والتصعيد، وبناء جسور السلام، وفتح الآفاق لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة؛ بما من شأنه ضمان استدامة السلام الاجتماعي، والحفاظ على الهوية والنسيج الوطني في ليبيا، وهو المسار الذي توليه مصر اهتماماً بالغاً.
وشدد على ضرورة إيلاء الاهتمام بالتوزيع العادل للثروات؛ لتحقيق التنمية الشاملة في ربوع وأقاليم ليبيا، ودفع عجلة الاقتصاد.
كما أكد أن مصر مستمرة في جهودها بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي في رئاسة مجموعة العمل الاقتصادية المنبثقة عن مسار برلين بهدف تنفيذ أجندة الإصلاح الاقتصادي؛ لضمان الاستفادة المثلي من موارد ليبيا تلبيةً لآمال أبناء شعبها.
واوضح شكري أن مقتضيات المصارحة بين الأشقاء والشركاء، تُملي التأكيد على حتمية التعامل مع الإشكالية الرئيسية التي تقف حائلاً أمام استعادة ليبيا لسيادتها ووحدتها، والمتمثلة في تواجد القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب على أراضيها؛ وهو ما يؤثر سلباً على الأمن القومي لليبيا خاصة، وعلى أمن دول جوارها العربي والأفريقي عامة.
وأضاف أنه لا مجال للحديث عن تحقيق استقرار ليبيا - بصدق وجدية - إلا بالتنفيذ الكامل لما نص عليه قرار مجلس الأمن رقم 2570، والمخرجات المتوافق عليها دولياً وإقليمياً الصادرة عن مؤتمر برلين 2، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي، ودول جوار ليبيا، بشأن انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا بدون استثناء أو تفرقة، وهو ما سيمثل إنصاتاً واستجابةً لرغبة بل ومطالبة الشعب الليبي مما سيتيح الفرصة الحقيقية لبناء وتطور القدرات الذاتية الليبية بحيث يأخذ الليبيون مقدراتهم في أيديهم.
وجدد شكري استعداد مصر لتقديم كل سبل الدعم للأشقاء في ليبيا في هذا المجال، معربا عن تطلعه إلى تضافر جهود المُجتَمعين اليوم للخروج بتوافق على تحقيق: أولاً: تحديد أدوات تنفيذ ومراقبة إتمام خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا في إطار زمني واضح، وثانياً: تطبيق كل بنود اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك ما نص عليه بشأن تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية، وثالثاً: وضع البرامج الملائمة لنزع الأسلحة بحوزة العناصر المنخرطة في المجموعات المسلحة، وإعادة تأهيل من يصلح منهم، ورابعاً: قيام المجتمع الدولي بدوره في وضع الأطراف الساعية إلى التنصل من التزاماتها والالتفاف على المقررات الدولية ذات الصلة بعقد الانتخابات في ليبيا وخروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من أراضيها أمام مسؤولياتها ومحاسبتها.
ووجه شكري حديثه إلى "أشقائنا الليبيين أحفاد عمر المختار" بالقول : ثقوا تماماً أن مصر ستكون دائماً سنداً وعوناً لكم، داعمة لأمنكم، ولإعلاء مصلحة بلادكم العليا، ولخياراتكم، وآمالكم المشروعة في غد أفضل؛ لكي تعود ليبيا بفضل عزيمة أبنائها موحدة ومستقلة ومستقرة، كما نأمل أن نراها.. إن لكم في مصر إخوة حريصين على تقدمكم، مرحبين بنقل خبراتهم ومد يد العون في مختلف المجالات؛ إيماناً بوحدة المصير والهدف لنمضي سوياً على طريق البناء والتطوير واثقين من قدراتنا على اجتياز جميع التحديات".
وجدد شكرى الدعوة إلى جميع الأطراف الفاعلة داخل ليبيا وخارجها للارتقاء إلى مستوى الحدث، والتصرف بمسؤولية وبمنطق رشيد؛ بما يخرج ليبيا من أزمتها ويرفع المعاناة عن شعبها الشقيق.
وكان شكرى قد استهل كلمته بتوجيه الشكر لوزيرة خارجية دولة ليبيا نجلاء المنقوش، على الدعوة لعقد هذا الاجتماع، وعلى كرم الضيافة وحسن الاستقبال، لاستكمال التشاور حول تطورات الأوضاع في ليبيا الشقيقة، التي قال عنها "نأمل وصولها إلى بر الأمان في ظل ما يربطنا من صلات عديدة ومصير مشترك".