بعد 6 سنوات من الجدل حول قانون المسئولية الصحية، أعلنت لجنة الصحة بالبرلمان عن أنه سيكون ضمن أولوياتها ومن القوانين المهمة خلال دور الانعقاد الحالي للمجلس.
إصدار القانون سيكون بمثابة انفراجة كبيرة ليس فقط للطبيب بل للمريض أيضا، للتفرقة بين الخطأ الطبي والمضاعفات الناتجة عن أي تدخل جراحي ونسبة الفشل بين المصابين.
كما أنه سيكون الأداة القانونية لمحاسبة المخطئين دون التحجج بعدم وجود نص تشريعي وقانوني يوشح ماهية الخطأ الطبي.
حوادث المشاهير
حتى الآن تعاني الإعلامية إيمان الحصري من وضع صحي خطير بسبب خطأ طبي ومضاعفات جراء عملية جراحية تعرضت لها من ستة أشهر، وكان هناك تكتم شديد على حالتها، ثم خضعت لسبع عمليات جراحية لتصحيح هذا الخطأ، وهو ما اضطرها الي السفر لألمانيا بعد فشل تعافيها من مضاعفات هذا الخطأ.
وبحسب تصريحات مقربين منها أكد الطبيب المعالج لها في ألمانيا أكد أن العملية نجحت بمعجزة طبية، وكان مذهولًا بسبب كمية الأخطاء الطبية التي وجدها من العمليات السابقة.
كما أكدوا أن الطبيب اعتذرًا لإيمان الحصري بالنيابة عن أطباء العالم عما حدث سابقًا، وهي بدأت تتحرك لرفع قضية على الطبيب الذي تسبب في ذلك".
كما أعلنت محاميتها مها أبو بكر عن تقديم بلاغ للنائب العام ضد الطبيب الذي تسبب في هذا الخطأ الطبي، كما أكدت خضوع "ايمان الحصري" لكشف من قبل الطب الشرعي قبل أن تسافر لألمانيا لإثبات حالتها الصحية.
كما تعرضت أيضا ياسمين عبدالعزيز لغيبوبة ووعكة صحية كبيرة بعد خطأ طبي نتج عن عملية ببطانة الرحم، وعلى اثرها سافرت لسويسرا.
وأعلن زوجها الفنان أحمد العوضي عن ملاحقة الطبيب المتسبب في هذا الخطأ والذي كاد أن يودي بحياتها الا أن عناية السماء أنقذتها.
تفاصيل المشروع المقدم
أحال المستشار أحمد سعد الدين، وكيل مجلس النواب، مشروع القانون المقدم من الدكتور أيمن أبو العلا، وكيل لجنة حقوق الإنسان، بشأن المسئولية الطبية إلى لجنة الشئون الصحية بالمجلس.
وكشف الدكتور أيمن أبو العلا، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية، تفاصيل مشروع قانون المسئولية الطبية والذي تقدم به رسميا للبرلمان في بداية أعمال دور الانعقاد الثاني للمجلس.
وتابع في مسودة قانونية المقدم " أنه خلال الفترة الماضية، شهد العالم، اكتشاف العديد من الأمراض في ظل التقدم التكنولوجي وكذلك تم اكتشاف طرق ووسائل حديثة للعلاج والتدخلات الجراحية، كما نتج عن ذلك وجود تدخلات طبية غاية في التعقيد، وهذه الممارسات قد يحدث عنها مضاعفات يصعب على الطبيب العادى أو أجهزة القضاء التمييز بين كونها مضاعفات محتملة لممارسات طبية أو أخطاء مهنية".
واستكمل "الأمر الذى دعا إلى وجود تشريع جديد ينظم تحديد المسئولية الطبية، وحماية المريض من أي أضرار يتعرض لها، خلال تلقيه الخدمة الطبية أو الصحية، وكذلك يضمن حماية الطبيب الذى يؤدى دوره المهنى على أكمل وجه، ولاسيما في ظل عدم وجود تشريعات تواكب ذلك التطور التكنولوجى في مجال الطب"
وأشار أبو العلا إلى أنه مازال قانون مزاولة المهن الطبية الصادر عام ١٩٥٥ هو المنظم للعمل في ذلك المجال الطبي، ونظرا لما شهده المجتمع المصرى خلال الفترة الماضية، من وقائع وأضرار نتيجة أخطاء طبية، كان من الضرورى الإسراع بإعداد تشريع جديد ينظم ذلك التداخل في المسئولية الطبية ويحقق الحماية لكل من المريض والطبيب، بحيث يحدد المسؤولية الطبية في تلك الوقائع.
وأكد أن مصر تأخرت كثيرًا في إقرار هذا القانون؛ لا سيما أن دولًا كثيرة سبقتنا في ذلك، وبينها العديد من الدول العربية مثل ليبيا والإمارات، موضحا حرص مشروع القانون على تنظيم تحريك الدعوى الجنائية ضد الأطباء، في مثل هذه الوقائع، حيث منع تحريكها إلا بموجب قرار من النائب العام، كما منع مشروع القانون حبس الأطباء احتياطيا الا في حالات الجنايات.
العقوبات التي نص عليها مشروع القانون
تحدثت المواد التالية عن العقوبات التي تنتظر فرد المنظومة الطبية المخطأ:
مادة (28): ـ يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد عن سنة، كل من زاول أي مهنة من المهن الطبية أو الصحية دون التأمين ضد الأخطاء الطبية والصحية من المسئولية الطبية، لدى إحدى شركات التأمين المرخص لها في الدولة، أو بالغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد عن مائة ألف جنيه.
مادة (29): ـ يعاقب المسئول عن المنشأة الطبية بالحبس أو بالغرامة التي لا تقل عن خمسون ألف جنيه، ولا تزيد عن مائتي ألف جنيه، إذا زاول النشاط دون تقديم وثيقة تأمين ضد المسئولية أو تجديدها وفقا لنص المادة ٢٣ من ذات القانون.
المذكرة الإيضاحية أكد الدستور المصرى في المادة 18 منه على أن لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة، وفقًا لمعايير الجودة، الأمر الذى يلزم بتقديم أفضل رعاية صحية للمواطن، وبالتالي لابد من الاهتمام بصحة المواطن وحمايته من أي أضرار يتعرض لها نتيجة أي إهمال أو رعونة من جانب مقدمى الخدمة الصحية.
كما حرص مشروع القانون على تنظيم مسألة التأمين والتعويض لا سيما وأن مصلحة المضرور تقتضى أن يكون هناك شخص مليء الذمة يستطيع الرجوع عليه بقيمة التعويض في حالة تعثر أو إفلاس مؤدى الخدمة الطبية وهو ما جعل اقتراحنا بالتأمين ضد المسئولية الطبية جديرا بالقبول، فضلا على أنه يحقق عنصر الأمان لمؤدي الخدمة الطبية فيجعله أكثر جراءة في التعامل واتخاذ القرار الطبي المناسب دون الخوف من الوقوع في أخطاء يترتب عليها تعويض.
هيئة المسؤولية الطبية
وأضافت أكدت الدكتورة هناء سرور، عضو لجنة الصحة بالنواب أنه بموجب مشروع القانون المعروض على مجلس النواب، فإنه سيتشكل "هيئة المسؤولية الطبية" للتفرقة بين الخطأ الطبي والإهمال الجسيم ومضاعفات الحالة، لافتةً إلى أن المقصود بالمسؤولية الطبية، أنه لا يجوز حبس الأطباء أثناء التحقيق في الأخطاء الطبية، وأن القبض على الأطباء أو حبسهم يتم بأمر النائب العام فقط، ويلزم مقدمي الخدمات الطبية بالتأمين الإجباري لتعويض المرضى، كما أنه لا يجوز إنهاء حياة المريض أيًا كان السبب، ولا يجوز إخراج المريض من المنشأة الصحية، وحظر إجراء عمليات استنساخ للبشر، وأنه لا يجوز إجراء عمليات الإجهاض إلا في حالات معينة.
وبحسب المادة ( 14 ) من مشروع القانون: ــ تشكل بقرار من رئيس مجلس الوزراء لجنة طبية فنية دائمة تسمى " اللجنة العليا للمسئولية الطبية" على النحو الآتى:
- الوزير المختص بالصحة أو من ينيبه بحيث لا تقل درجته عن الفئة الممتازة (رئيسًا).
- نقيب الأطباء أو من ينيبه.
- رئيس إحدى الجامعات الحكومية يرشحه وزير التعليم العالى.
- عميد كلية طب ويرشحه المجلس الأعلى للجامعات.
- رئيس الطب الشرعى.
ويجوز للجنة العليا أن تستعين بمن تراه من ذوى الخبرة والتخصص دون أن يكون له صوت معدود في المداولات وتعين اللجنة أمانة فنية لها.
ويمكن تشكيل لجان فرعية في المحافظات الكبيرة أو الأقاليم على أن يمثل بها وكيل وزارة الصحة، نقيب الأطباء لإحدى النقابات الفرعية، عميد كلية طب إقليمية، ممثل عن الطب الشرعى.
بعض مواده تعارض الدستور وتخل بمبدأ المساواة امام القانون
وتوقف القانون عدة مرات أخرها بسبب الملاحظات التي أبداها قطاع التشريع بوزارة العدل، من قبل حول مشروع القانون احتوائه على مخالفة لنص المادة 97 من الدستور التي حظرت تحصين أي عمل أو قرار من رقابة القضاء، وأن إلزام القاضي بالاستعانة بخبير فنى بعينه والالتزام بما انتهى إليه تقرير الخبير من شأنه الإخلال بالمبادئ القانونية، وكذلك الاعتراض على العقوبات السالبة للحرية حال ثبوت الخطأ الموجب للمسئولية الطبية، وهو ما يعد إخلالًا بمبدأ المساواة المنصوص عليه بالمادة 53 من الدستور، وكذلك خلط بين الغرامة كعقوبة جنائية والتعويض المدني.
الطبيب بشر يصيبه الإجهاد
يوضح منذر لطيف، ممثل منظمة الصحة العالمية، أنه من أهم الأخطاء الشائعة ربط سلامة المريض بمهارة الطبيب؛ فالطبيب إنسان قد يصيبه الإجهاد والنسيان، لذلك لا بد من منظومة تسهِّل تفادي الخطأ، كما هو الحال بالنسبة لقائمة التحقق من السلامة في العمليات الجراحية، ووضع المنظومة الصحيحة التي تكفل وضوح الإجراءات اللازم توافرها لضمان سلامة المرضى، وحذف أي إجراء ليس له فائدة.
وتابع "منذر" أن النتائج تشير إلى أن 20% من الأخطاء المتعلقة بسلامة المرضى ترجع إلى أسباب بشرية لا يتسبب فيها المريض فقط، ولكن قد يتسبب فيها أحد أعضاء الفريق الطبي، أما نسبة الـ80% الأخرى فترجع إلى أخطاء بسبب النظم المتبعة داخل المستشفيات.
"الحبس الاحتياطي" يثير جدلا بين البرلمان والاطباء ومجلس الدولة
كان هناك جدلا كبيرا في القانون من قبل نقابة الأطباء حول اعتراضها على الحبس لأعضائها وانه لا يجب التعامل معهم بصفتهم مجرمين ، ولكن مجلس الدولة رفض إلغاء الحبس الاحتياطي وذلك بقوله أنه لا أحد معصوم منه.