لازال "الدب الروسي" يغازل العالم ويسعى لتعظيم موارده واستغلال ظروف الجائحة للاستفادة بأكبر مردود اقتصادي، فمن أزمة النفط مع دول الاتحاد الأوروبي إلى زيادة أسعار القمح ما دفع الهيئة العامة للسلع التموينية لإلغاء مناقصة عالمية للقمح لارتفاع الأسعار وكان من المقرر شحن الكميات المطلوبة في المناقصة خلال الفترة ما بين 23 نوفمبر و3 ديسمبر، وتعد تلك المرة الرابعة التي تلغي فيها مصر مناقصة خلال الأشهر الأخيرة، وهنا طالب الخبراء بمزيد من الإجراءات لدعم الفلاح والسعي لتحقيق نحو60% من الاكتفاء الذاتي وضرورة استنباط أصناف حديثة لزيادة الإنتاجية.
بحسب الأرقام المعلنة عن منظمة "الفاو" ارتفعت أسعار الحبوب بنحو 4% بزيادة عن 2% عن نسبتها في سبتمبر الماضي وذلك بسبب زيادة الطلب عليها وقلة الإنتاج. وهنا يقول الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعى، تبلغ المساحة المنزرعة في القمح بمصر نحو 3.2 مليون فدان تنتج ما يقارب نحو9.8 مليون طنًا من القمح، فيما بلغ حجم استهلاكنا لقرابة 22 مليون طنًا سنوياَ ما يعنى أننا ننتج 40% ونستورد60% من الخارج بإجمالي 12 مليون طنًا، كما يمتلك القمح الروسى نصيب الأسد بإجمالي 7 -8 مليون طنًا، فيما لا تتجاوز نسبة القمح الفرنسي والأوكراني والكندى واستراليا والولايات المتحدة الأمريكية عن 20%، ومن المفترض يكون لدينا مخزون استراتيجيا بالصوامع يكفى لمدة 6 شهور ما يعنى 10مليون طن سعة الصوامع والمخازن بمصر وذلك لتأمين رغيف العيش لنحو 110مليون مواطن.
ويضيف "صيام": لابد أن تصب الجهود المصرية خلال الفترة القادمة على تحقيق الاكتفاء الذات بنحو 60 إلى 70% عن طريق زيادة المساحات المنزرعة من القمح وزيادة دعم الفلاح الذى توقف مع توصيات صندوق النقد الدولى منذ 2016، حيث كان يتم دعم الأسعار للفلاحين بنحو 20إلى 30%.
ويواصل: ضرورة استنباط أصناف زراعية حديثة تكون لديها القدرة على مقاومة الأمراض والجفاف والموائمة للظروف والتغيرات المناخية القادمة، حيث تصل إنتاجية الفدان لدينا نحو 18 إردب بوزن 150 كجم بما يصل 2.6 طنًا وهذه الأرقام ثابتة من سنوات طويلة، كمايجب التوجه لرفع الإنتاجية إلى 24 أردبًا للفدان بقرابة 3.2طنًا وذلك يأتى عن طريق زيادة المخصصات المالية لمراكز البحوث الزراعية.
ويتابع "صيام": يبقى عودة الإرشاد الزراعي هو كلمة السر لتحقيق الدور الإشرافي للمزراع لتحقيق الانتاجية الأعلى والمساهمة في زيادة الرقعة المنزرعة على حساب المحاصيل الشتوية الأخرى مثل "البرسيم" وبذلك الخطوات وقد تستطيع مصر توفير من 2إلى 3 مليون طنُا ليزداد الإجمالي لنحو 10إلى 13 مليون طنًا من القمح وبذلك قد نصل لمؤشرات أكثر أمنًا.
ويذكر أن أسعار القمح قفزت بما يصل إلى 100 دولار للطن منذ بدء الموسم. وكانت الهيئة قد اشترت 240 ألف طن من القمح الروسي والروماني في مناقصة جرت في وقت سابق من هذا الأسبوع لشحنها النصف الثاني من نوفمبر، بمتوسط سعر 320.51 دولار للمليون طن تسليم ظهر السفينة، و351.61 دولار للمليون طن شاملة التكلفة والشحن.
وهنا يقول الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي: بعد جائحة كورونا يعانى العالم من حالة من زيادة الأسعار وغلاء وزيادة غير مسبوقة في التضخم، وهنا تحاول روسيا تحقيق أكبر قد من المكاسب وتعظيم مكاسبها الاقتصادية على حساب المجتمع الدولي.
ويضيف "الإدريسى": من المفترض أن تجرى الدولة عقود تحوط بمعنى تثيبت سعر متوسط للأسعار تجنبًا لارتفاع الأسعار ويتم تطبيقه بالتعاون بين "المصدر والمستورد" ويحقق الأمان للطرفين، وعادة تطبق في أسعار النفط والطاقة ويفضل في السلع الاستراتيجية، وقد تكون العقود التعاقدية بين مصر وروسيا قد انتهت وظهر الخلاف مع العقود الجديدة التى تحاول روسيا رفعها لتقوم مصر للبحث عن أسواق بديلة وأسعار أقل مثل بدائل الأقماح من الصين والهند وفرنسا وأوكرانيا.
ويواصل: يجب الوضع في الاعتبار زيادة المساحات المنزرعة من القمح خلال الفترات القادمة عن طريق وضع استراتيجيات مفادها تشجيع الفلاح المصري وإعطائه قيمة عادلة للأسعار على النحو الذى يساير الأسعار العالمية للقمح حتى لايهرب الفلاحين لزراعة المحاصيل ذات الجدوى الاقتصادية الأعلى مثل "الخضر والفواكه" ويذكر بحسب تقارير وكالة فيتش الدولية توقعت زيادة إنفاق المصريين على السلع الغذائية نحو 56% في 2025 عن 2020.