لا أدري إن كان ما أكتبه الآن هو بالفعل رثاء لك، أرحلت بالفعل؟!، ألم تعد موجودًا بيننا حقًا؟!، ألن يدق التليفون وأجدك تحدثني؟!، انتظرت من وقت أن سمعت خبر رحيلك أن يخرج علينا أحد ويقول قد حدث خطأ أسامة لا زال بيننا، ولكن يبدو أنك قد اتخذت قرارك بالرحيل، لترك هذا العالم الصاخب لعالم آخر أكثر هدوءًا، قررت أن تترك كل معاركك التي كنت تحارب فيها كفارس لا يهمه إلا الحق مهما كان صوت الفساد عاليا.
تعرفت على أسامة من خلال مكالمة عمل لدعوته لحضور صالون ثقافي تنظمه جمعية النهضة العلمية والثقافية جزويت القاهرة والذي كان يديره آنذاك الأستاذ\ سليمان شفيق، وتواصلنا منذ ذلك الوقت عبر وسائل الاتصال والسوشيال ميديا، عرفته مشجعًا، معلمًا، خدومًا، حلو اللسان، ثم بعد ذلك التقينا في مناقشة رسالة ماجستير للباحث / نجاح بولس فهو صديقنا المشترك، وجلسنا نتبادل أطراف الحديث في عدة مواضيع ولعل أذكر أهم هذه الموضوعات هو مقتل الأنبا ابيفانيوس، الذي كان أسامة يحبه بشدة، وخاض بسبب قضيته صراعا كبيرا مع من كانوا شامتين في مقتله، لم يرهبوه ولم يخف منهم مع كل ما فعلوه من غلق صفحته عدة مرات وتهديده بشكل خاص ومباشر، كان يخوض هذه المعركة عن علم ومعرفة وإخلاص، كان صلبًا لا يخشى تهديدا أو وعيدا، مخلصا لوطنه وقضيته ورسالته التي كان يأمل وكنا نأمل معه أن ينهيها، وربما قد أنهاها.
أسامة عيد، حينما تقرأ هذا الاسم على أي مقال أو خبر أو تحقيق فعليك أن تتأكد أن ما ستقرأه صادق ودقيق ومحايد، نعم... فأسامة كان دقيقا جدًا في كل كلمة يكتبها، في اختيار مصادره، في اختيار أسلوبه، جريئًا، صادقًا، حقيقيًا.
لقد لاقيت منه كل التشجيع حينما علم بشغفي وحبي للكتابة، شجعني جدا واهتم بما أكتب واهتم بنشره في المواقع المختلفة، واهتم أيضًا أن يأخذ الملاحظات وحتى لا أكرر الخطأ، حقًا فقدت صديقا..
وبعيدًا عن الجانب المهني، كان أسامة مرحًا، اجتماعيًا، تشعر عندما تجلس معه لأول مرة انك تعرفه منذ زمن، لا يتوقف عن الحديث الشيق الجميل الذي يجعلك لا تمل، على جانب كبير من الاحترام، كلامه لا يشوبه أي شبهة، تتحدث معه وانت مطمئن، وإن قصدته في خدمة ما انه فقط لا يفعلها بل ويظل يتابع الامر حتى يطمئن، حقًا فقدت صديق.
كان اسامة بارًا بأهله وأهل بلدته، لو مررتم فقط بصفحته على الفيس بوك، تجدونه يشارك العزاء والافراح لأهل بلدته كبيرًا كان أم صغير، ينشر صورًا له وهوفرحًا بوجوده وسط أهله مع أمه التي نطلب لها العزاء والصبر فالفقيد غالي، كان يريد ان يفرح قلبها ويتزوج وطالما قال لي"ماتشوفيلي عروسة" يعز علي يا صديقي اني لم أحقق لك طلبك وهو الطلب الوحيد الذي طلبته مني. حقًا فقدت صديق
أسامة عيد، تأكد سنردد اسمك ونتذكرك كثيرًا، بقدر قلبك الطيب المليء بالحب والنقاء، الذي لم ألمح فيه أي شر، من الممكن أن تكون عدد سنوات معرفتنا قليلة، فهم على الأكثر أربع أو خمس سنوات، لكني أشعر وكأننا نعرف بعضنا البعض منذ زمن بعيد، كان بيننا عدة أصدقاء مشتركين، لم أسمع من أحد منهم شكوى منه أو ما شابه، بل كان يتكلم عنه الجميع بكل احترام وتوقير، كنا نود أن نجتمع في فرحك، لا أن نكتب رثاءك، حقًا فقد صديق.
ليتك هنا يا أسامة، ليتك تستطيع أن تقرأ ما كتب عنك منذ داهمك هذا الفيروس اللعين وذهبت إلى المستشفى، ليتك تستطيع أن تقرأ كم الدعوات والصلوات التي رُفعت من أجلك من كل محبيك، مسلمين ومسيحيين، الكل حزين، الكل يشعر بأنه قد فقد عزيزا وغاليا، ليتك هنا يا صديقي لترى ثمار المحبة التي زرعتها في أرضك الطيبة وهي تنبت، فقد كنت أرضا خصبة للمحبة وقبول الآخر، والكلمة الحسنة.
أسامة، يصعب علي أن أنعيك وأرثيك وأكتب "الله يرحمك" فقد سبقت دموعي كلماتي، وخانني الأسلوب فلم أجد كلاما يليق بك أو يوفيك حقك.. سبقتنا صديقي وسنراك حتما، حقا يا أسامة لقد فقدت صديقا.
البوابة القبطية
هناء ثروت تكتب: أسامة.. لقد فقدت صديقا
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق