بين الضرورة والإجحاف وتعزيز المناعة، ثار جدل كبير خلال الآونة الأخيرة، بشأن بدء عدد من الدول توزيع الجرعة الثالثة من لقاح فيروس كورونا المستجد "كوفيد- 19" على الأشخاص الذين تلقوا جرعتين من اللقاح في بعض الدول، على الرغم من أن بعض البلدان لم تكمل توزيع الجرعة الأولى من الفيروس الذي أرعب العالم.
كانت منظمة الصحة العالمية قد أبدت معارضتها التلقيح الشامل للجميع، حيث اعتبرت أن تلك الخطوة مجحفة للدول الفقيرة ولا أساس علمي لها، حيث طالب تيدروس أدهانوم جيبريسوس مدير منظمة الصحة العالمية، تجميد منح الجرعة الثالثة من لقاح كورونا، حتى نهاية سبتمبر الجاري.
وعلى الرغم من معارضة "أدهانوم" للجرعة الثالثة فإن الدكتورة كاثرين أوبراين، مسئولة اللقاحات والمناعة بمنظمة الصحة العالمية، أوردت ثلاثة أسباب، تدعو إلى توزيع الجرعة الثالثة، وأولها إذا كانت هناك فئة من الأشخاص لم تستجب بشكل كافٍ لأول جرعتين تم تلقيهما.
وبعض المعلومات الواردة لمنظمة الصحة العالمية أفادت بأنه ربما يكون من الضروري تلقي الأشخاص، الذين يعانون من نقص المناعة جرعة ثالثة، طالما أن جرعتى اللقاح لم تحققا نفس النتائج، التي يعانيها الأشخاص الطبيعيين والأصحاء.
وأضافت "أوبراين" خلال برنامج "العلوم في خمس"، الذي تبثه منظمة الصحة العالمية على موقعها الرسمي أن السبب الثاني هو أن تبدأ المناعة التي اكتسبها الشخص نتيجة تلقي التطعيم، في التضاؤل والتدهور بمرور الوقت، إلا أنها أوضحت أن الأدلة تؤكد أن اللقاحات تصمد بشكل جيد للغاية فيما يتعلق بالحماية من المرض الشديد أو الحالة التي تستدعي تلقي العلاج في المستشفى أو حتى الوفيات.
وأشارت مسئولة اللقاحات والمناعة بمنظمة الصحة العالمية، إلى أنه لذلك لا يرى خبراء الصحة العالمية أن هناك أدلة قوية تؤدي إلى الحاجة إلى توفير جرعة ثالثة للأشخاص الذين تم تطعيمهم بالفعل.
أما السبب الثالث، على حد قول دكتور أوبراين، فهو أن يكون أداء اللقاحات أقل أو غير كافٍ ضد بعض المتغيرات المثيرة للقلق التي ظهرت مؤخرًا، وأضافت أنها تكرر مجددًا التأكيد على أن اللقاحات المتاحة حاليًا مضادة للمتغيرات وأن منظمة الصحة العالمية تراقب بعناية شديدة صمود اللقاحات بشكل جيد للغاية عمل اللقاحات ضد التعرض لحالة كوفيد شديدة، موضحة أنه بشكل عام، تعمل اللقاحات بشكل جيد للغاية.
من جهتها؛ تبدأ الولايات المتحدة خلال الأسبوع الجاري في توزيع اللقاح على الأشخاص المسنين، حيث أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، في نهاية الأسبوع الماضي أنه سيتم توزيع الجرعة المعززة من لقاح كورونا، على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على ٦٥ عامًا والأشخاص المعرضين لخطر كبير؛ مضيفًا: "لدينا الأدوات للتغلب على كوفيد إذا اجتمعنا كدولة واستخدمنا الأدوات التي لدينا"، ومؤكدًا أن جرعة ثالثة من اللقاح ستوفر أعلى مستوى من الحماية. وأشار "بايدن"، إلى أن هناك ٢٠ مليون شخص مؤهلين للحصول على الجرعة المعززة، وما يصل إلى ٦٠ مليون أمريكي، مؤهلين للحصول على الجرعات المعززة، خلال الأشهر المقبلة.
ويأتي قرار إدارة بايدن، بعد أن صادقت الوكالات الصحية الأمريكية، على الجرعة الثالثة من لقاح فايزر ضد كورونا.
وفي منتصف سبتمبر الماضى؛ انطلقت حملة الجرعة المعززة للقاح في دور رعاية المسنين في فرنسا باعتبارهم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالجائحة، ويبلغ تعداد الأشخاص الذين سيتلقون الجرعة المعززة في فرنسا ١٨ مليون شخص ما بين المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة.
وتسعى بريطانيا إلى توزيع الجرعة الثالثة من لقاح كورونا، على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم علي ٥٠ عامًا، على أن يكون اللقاح الأساسي فايزر، ويكون البديل هو موديرنا، وأعلنت السلطات الصحية منتصف سبتمبر الجاري، أن الجرعة الثالثة من لقاح فايزر المضاد لفيروس كورونا المستجد "كوفيد١٩" تنتج أجساما مضادة ١٠ مرات أكثر من الثانية.
وفي مستهل أغسطس الماضي أعلنت الإمارات أنها ستبدأ في تقديم جرعة ثالثة من لقاح كورونا، لجميع الأفراد الذين حصلوا على جرعتين في البلاد، حيث أوضحت الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث الإماراتية، أن "الجرعات الداعمة ستُقدَّم لجميع الأفراد المطعَّمين بالجرعتين بعد مرور ٦ أشهر من أخذ الجرعة الثانية، ويمكن إعطاؤهم بعد ٣ أشهر من تاريخ الجرعة الثانية للأفراد ذوي المخاطر".
يذكر أن الإمارات من أوائل الدول في العالم، التي منحت مواطنيها الجرعة الثالثة؛ حيث تلقى عدد قليل من السكان الجرعة المعززة خلال شهر مارس الماضي.
فيما بدأت إسرائيل في يوليو الماضي، توزيع الجرعة المعززة، من لقاح فايزر للفئة الأكثر تعرضًا للخطر.
وعلى نفس المنوال سار الأردن؛ حيث أقرت الجرعة المعززة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة؛ مثل السرطان، ومرضى زراعة الأعضاء، ومرضى زراعة الخلايا الجذعية، والإيدز، ومرضى غسيل الكلى.
وأوضحت شركة جونسون آند جونسون الأمريكية، أن الحصول على جرعة معززة، بعد مرور نحو شهرين على تلقي الجرعة الأولى، أدى إلى حماية بنسبة ١٠٠٪، ضد التعرض للإصابة الشديدة بكورونا، وحماية بنسبة ٩٤٪ للوقاية من أعراض المرض. وأشارت الشركة إلى أن الجرعة المعززة التي أعطيت بعد ستة أشهر من الحصول على الجرعة الأولى زادت مستوى الأجسام المضادة إلى تسعة أضعاف والتي ارتفعت إلى ١٢ ضعفًا في غضون أربعة أسابيع من التطعيم بغض النظر عن السن.