كانت الأم تجهز وجبة الغداء لزوجها الذي سوف يخرج في غضون دقائق من المسجد عقب صلاة الجمعة، وبينما كانت الأم داخل المطبخ تقوم بإعداد الطعام كانت طفلتاها "ملك" الكبرى و"مي" الرضيعة في البلكونة يلعبان مع بعضهما، وكانت الأمور طبيعية في بداية الأمر، حتى حدثت الفاجعة، عندما سقطت البنتان وراء بعضهما من شرفة الطابق السادس.
وكشفت التحقيقات عن أن الطفلة الكبرى ملك صاحبة الـ"٧سنوات" كانت ممسكة بشقيقتها الصغري "مي" والتي تبلغ من العمر "١٠ أشهر"، وتقوم بمداعبتها وفجأة سقطت الطفلة وأثناء محاولة شقيقتها إنقاذها سقطت خلفها، الحدث هز أرجاء مدينة ١٥ مايو أقصي جنوب القاهرة، وخيم الحزن على جميع أرجائها، خاصة مجاورة ٣٥- حي الرواد التي وقع بها الحادث.
الأمر لم ينته إلى هنا وحسب بل عم الصراخ أرجاء المكان، لتتفقد الأم الشرفة كي تعرف ماذا يجري بالخارج وما سبب كل هذا الصراخ، لتلقي نظرة أسفل بلكونتها لتجد بنتيها ساقطتين وغارقتين في دمائهما.. الحدث جلل ومصابه كبير فالأم أصيبت بذهول وانهيار تام ولم تفكر في شيء، وانهارت الأم انهيارا تاما وألقت بنفسها خلفهما بعدما شاهدت المنظر البشع.
"إمام المسجد ينهي خطبة الجمعة".. مشهد آخر لا يقل قساوة عن الأول وقع بالتزامن مع صلاة الجمعة، وبينما كان الإمام على المنبر يخطب خطبة الجمعة، أشار إليه أحد الأشخاص، لينهي الإمام الخطبة فجأة، بعد أن همس له الرجل في أذنه قائلا "لقد وقعت كارثة يا شيخنا في العمارة القريبة من المسجد- سقطت أم وطفلتاها من الطابق السادس- ووالد الأطفال خلفك في الصف الأول ماذا سنفعل؟".
وعقب الانتهاء من صلاة الجمعة اصحب المصليون "والد الأطفال" ولم يكن يعرف بالحادث، ليتفاجأ بالمشهد الكارثي عقب خروجه من المسجد ليري زوجته وطفلتيه غارقين في دمائهم، يعم الصمت على الجميع ولم يرتفع إلا صوت الدعاء، الجميع كان يردد "لا حول ولا قوة إلا بالله"، "ربنا يرحمهم".
الزوج الذي يعمل محاسبا بإحدي الشركات، والذي كان يستعد لتناول وجبة الطعام التي كانت تعدها له زوجته، أصيب بانهيار تام وفقد الوعي من هول الموقف فلقد توفيت أسرته كاملة في لحظات.
وقال شهود العيان، إن تلك الأسرة كانت تقطن بالطابق السادس والمعروف عنهم أنهم لا يفتعلون المشكلات ويعيشون في هدوء تام، كما أشار أحد شهود العيان إلى أنه عقب سقوط الأم وراء أطفالها كانت الأم تردد بعض الكلمات القليلة "الحقوا بناتي"، وأكد الجيران أنهم قاموا بتلقينها الشهادة قبل وفاتها.
وانتقلت جهات التحقيق بنيابة ١٥ مايو، إلى موقع العثور على ٣ جثث لسيدة وطفلتيها بأحد شوارع المدينة، كما أمرت بسرعة تحريات المباحث حول الواقعة، وإعداد تقرير طبي شامل حول حالة الجثامين بعد توقيع الكشف الطبي عليهم، ومناقشة شهود العيان، وفحص كاميرات المراقبة الموجودة بالقرب من موقع الحادث، واستدعاء أسرتهم للاستماع إلى أقوالهم حول الواقعة.
وعثرت الأجهزة الأمنية بالقاهرة على ٣ جثث لسيدة وطفلتيها بأحد الشوارع بمنطقة ١٥ مايو.
وكانت البداية بتلقي أجهزة الأمن بالقاهرة بلاغا من الأهالي بوجود جثتين في إحدى المجاورات بمنطقة ١٥ مايو، وعلى الفور انتقلت أجهزة الأمن وعثر على جثة أمانى م، ٣٤ سنة، وملك أ، ٦ سنوات، ونجلتها الأخرى.
وبفحص أجسادهم تبين وجود كسور وكدمات بمختلف أنحاء الجسم نتيجة السقوط من علو، وبالمعاينة تبين أنهم سقطوا من الطابق السادس بأحد العمارات السكنية وجار الوقوف على ملابسات الواقعة والتأكد من وجود شبهة جنائية من عدمه. وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة.