الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فتحية طنطاوي.. والفن والمحليات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

توفيت الفنانة فتحية طنطاوي بنت السويس الأسبوع الماضي بعد رحلة كفاح طويلة من العمل الدءوب فى الفن ومنذ حياتها العملية التى بدأتها باعتبارها معلمة للتربية الموسيقية واتجاهها للعمل فى الفن على مسرح قصر الثقافة القديم بالسويس فترة السيتينات.

انتقلت للقاهرة بعد هزيمة يونية 1967 والتهجير بعيدًا عن اعمال التدمير التى اصابت السويس بفعل العدوان الاسرائيلي لتستقر وتعمل بالمسرح القومي ومسرح الطليعة على مسارح الدولة والعمل فى الاذاعة المصرية وقدمت خلال تلك الفترة من العمل ما يزيد عن 140 عملًا فنيًا فى الادوار الثانوية والمساعدة كان ابرزها فى السينما المصرية فى افلام " ذيل السمكة – اضحك الصورة تطلع حلوة – لحم رخيص – السجينة 67 – المحكمة – الطوق والاسورة ودم الغزال ".

كما شاركت فى المسلسلات التليفزيونية الشهيرة منها " الشهد والدموع – سوق العصر – الليل واخره – الناس فى كفر عسكر – يونس ولد فضة – سلسال الدم – تحت الارض وابو جبل وغيرها... ".

وكانت تقوم بالادوار الثانوية المساعدة حيث حبسها المخرجين فى ادوار المرأة المكافحة الريفية وبائعة الطرشي ودور الام.. وقد استمرت لسنوات طويلة تعمل فى الاذاعة المصرية من خلال برنامج الى ربيات البيوت واغرب القضايا...

ورغم طول كفاحهها الفني لم تحصل او تقوم بأي دور للمثل الاول او البطولة حتي وفاتها وظلت نموذجًا لكثير من الفنانات والفنانيين ابناء المحليات والمحافظات البعيدة عن العاصمة.

وللاسف الشديد رغم امتلاك بلادنا بطول مصر وعرضها داخل المحافظات " 27 " والمراكز " 188 " والمدن " 288 " والاحياء " 93 " وما يقرب من " 4 الاف " قرية مصرية بها كنوز وقدرات بشرية من خيرة الشباب والشابات يمتلكون الكثير من القدرات الفنية والادبية والثقافية.. ولكن للاسف لا يتم الاستفادة بها وتظل حبيسة الاسقف المنخفضة فى المحليات حيث الاهمال وضعف الامكانيات المالية وانحسار شروط النجومية وقلة الحيلة بعيدا عن الشلالية او الاكتشاف الحقيقي.

وتفقد بلادنا الكثير من المبدعيين فى المحافظات من المهتمين بالموسيقي والغناء والتمثيل والرسم والنحت والاخراج الفني والمسرحي فضلا عن الادباء والكتاب... بسبب عدم الاهتمام بهؤلاء حيث حيث يحاصرون بالاحباط والانزواء وقلة الحظ والمرض والنسيان حتي الموت.

ورغم نجاح القليل جدا منهم للوصول الى النجومية والشهرة ستظل فتحية طنطاوي نموذجا للكثير من الحالات المشابهة فى المحافظات والمحليات..

ولعل ذلك يرجع للمناخ السياسي الذي مرت به بلادنا بسبب التطرف والارهاب والجماعات المتاجرة بالدين التى نشرت تحريم الفن والثقافة والابداع وكفرت كل الفنون فضلا عن اغلاق دور العرض السينمائية بالمحافظات واغلاق المسارح رغم ندرتها ودفع جيل طويل ثمن الحرمان من الخدمات الثقافية.

وهنا يحق لنا ونحن نتطلع الى مستقبل افضل لبلادنا مجموعة من النقاط منها:

• لماذا ظل نصيب الفرد فى الخدمات الثقافية متواضعًا باقل من 8 قروش فى العام ؟!
• ويكفي أن نشير أن وزارة الثقافة باجنحتيها الست " المجلس الاعلي للثقافة – الهيئة العامة للكتاب – قطاع الانتاج الفني – قطاع التنمية الثقافية – المهرجانات الدولية وهيئة قصور الثقافة " اصبحت غير قادرة على القيام بمهامها كاملة أذا عرفنا ان موازنة وزارة الثقافة لا تتعدي 2. % من أجمالي الموازنة العامة للدولة ؟!
• اي بئس الخدمات الثقافية التى اصبحت معدومه وفي ذيل المطالب للاحتياجات الاهم للمواطنين الذي يعانون غلاء المعيشة وازدياد الحاجه للاساسيات وأصبح الحديث عن " الثقافة " باهتًا من المثقفين والنخبة والاحزاب وحتي داخل البرلمان ومن قبل الحكومة التى تنظر للثقافة للاسف الشديد باعتبارها عديمة الاهمية فى اولوياتها، حتي تم نسيان وزير الثقافة فى عضوية تشكيل المجلس الاعلي لمكافحة الارهاب والتطرف وهو ما يعني الاهمال.

ويكفي ان نشير أن الكثير من محافظات الجمهورية ومدنها ومراكزها وقراها لا يوجد بها قصور او بيوت ثقافة وأن وجدت باستثناءات محدودة فانها مهملة.. مع اختفاء مكتبات الاطفال المتخصصة ناهيك عن ما تعرضت له بعض المؤسسات الثقافية للحريق والتدمير " مكتبة السويس - المنصورة".

حتي دور العرض السينمائية فى المحافظات مغلقة ضبه ومفتاح وانخفاض عددها من 425 دور عرض الى 69 سينما فى القاهرة وحدها 29 دار عرض بنسبة 42 % و32 عرض فى 8 محافظات فقط " الاسكندرية – الجيزة – دمياط – الغربية – بورسعيد – كفر الشيخ - الاسماعيلية والسويس" بينما توجد 10 محافظات لا توجد فيها دار سينمائية.

والسؤال الذي يطرح نفسه كيف نعيد بناء الانسان المصري بكل مؤشرات الفقر الثقافي الذي لا يقل اهمية باعتبارها الثقافة اشباع هام واحتياج نحو البناء الفكري والتعليمي من اجل بناء الجمهورية الجديد ومصر التى نريدها الافضل.