تمثل مشكلة إهدار الغذاء قضية حيوية تهدد استدامة السلاسل الغذائية، وبالتزامن مع احتفالات عيد الأضحى، خرجت دراسة بحثية تحذر من الاستمرار في إهدار الغذاء وبخاصة في هذه الأيام التي يرتفع فيها معدل الهدر.
ويرتفع حجم الإنفاق الغذائي العربي بنسبة 23% خلال أيام عيد الأضحى مقارنة بباقي أيام العام، كما أن الوطن العربي يعاني من الإهدار الشديد للغذاء، حيث يلقي العرب 52% من استهلاكهم الغذائي في سلال المهملات خلال عيد الأضحى، بحسب الدراسة البحثية التي أعدها الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة المحلية والبلديات بالجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا.
ولفتت الدراسة إلى أن إهدار الغذاء يحدث نتيجة لسوء الاستهلاك أو سوء الحفظ والتخزين وكذلك عدم تقدير الاحتياجات وخاصة من اللحوم، مشيرة إلى أنه نتيجة لعدم توفر مرافق الذبح في بعض البلدان النامية يتم فقد كميات كبيرة من اللحوم دون مبرر، بالإضافة إلى خسارة المنتجات الثانوية الثمينة الناشئة من ذبائح الحيوانات مثل الجلود.
400 ألف طن لحوم خلال العيد
وبالحديث عن مصر، ذكرت الدراسة أن المصريين استهلكوا 400 ألف طن من اللحوم خلال عيد الأضحى المبارك، بواقع 5.4 مليار جنيه، حيث إن معدل استهلاك مصر من اللحوم الحمراء بلغ 900 ألف سنويا في المتوسط العام موزعة ما بين 430 ألف طن مستورد و470 ألف طن منتجة محليا.
وأكدت الدراسة أن الفرد في العالم العربي يهدر متوسط 240 كيلوجرام سنويا من الغذاء، بحسب الأرقام التي رصدتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، وأنه على الرغم من أن سكان العالم العربي يمثلون 4% من تعداد سكان العالم، إلا أنهم يستوردون حوالي 25% من فائض اللحوم العالمي.
استراتيجية للحد من إهدار الطعام
وفي هذا الشأن قال الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة المحلية والبلديات بالجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا، إنه يجب العمل على الفور على وضع خطة استراتيجية للحد من الهدر الغذائي لما يمثله من خطورة على مستقبل الأمن الغذائي العالمي.
وأضاف عرفة، في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" أنه على الرغم من اتباع العديد من دول العالم نظم غذائية تحافظ على ندرة الموارد وتحد من إهدار الأغذية إلا أنه لا يزال الوطن العربي يتصدر دول العالم في الهدر الغذائي، مشيرا إلى أنه يجب تفعيل توصيات المنتدى العربي للبيئة والتنمية "أفد"، الذي شدد على ضرورة أن تكون نظم الإنتاج الحيواني في العالم العربي مستدامة وتراعي حماية البيئة من خلال تخفيف التلوث وتعزيز كفاءة استخدام المياه، والاستخدام المستدام للأراضي.
وأوضح عرفة، أن ما يدفعنا للتحذير المستمر هو أن الوطن العربي لديه مساحات واسعة من الأراضي الجافة والظروف الطبيعية التي تعد قاسية وغير مناسبة لتربية الحيوانات، حيث تبلغ المراعي بالوطن العربي 256 هيكتار وتمثل الثروة الحيوانية في كل من الصومال والسودان 50% من نسبة الثروة الحيوانية على مستوى العالم العربي، ونتيجة لحرارة الجو تعمل على تصدير الحيوانات حية وتستورد في مقابلها مشتقات الألبان وتواجه الثروة الحيوانية في العالم العربي مجموعة من المعوقات التي وقفت دون وصول الوطن العربي إلى حالة الاكتفاء الذاتي، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة الاهتمام بتربية الأغنام لأنها تستطيع أن تتكيف في تربيتها في أنواع مختلفة من المراعي؛ لما لها من قدرة كبيرة على تحمل قلة المياه وقلة الطعام، كما تستطيع أن تعيش في الظروف البيئية المختلفة.
وقال عرفه: "تبلغ حصة الفرد الواحد في العالم العربي 25 كيلوجرامًا في السنة، وهو ما يعني ضعف حصة الشخص في أفريقيا، حيث يبلغ المعدل 12.4 كيلوجرام، فالدول الخليجية، إلى جانب لبنان والأردن، تستهلك اللحوم بكميات تفوق المعدل العالمي، وقد تجاوز الاستهلاك في الكويت والسعودية خلال سنوات محددة أكثر من 100 كيلوجرام للشخص في السنة بحسب تقارير منظمة الفاو".
ودعا عرفة، إلى ضرورة التقليل من استهلاك اللحوم، والتحوّل إلى استهلاك المزيد من الخضراوات والفاكهة والحبوب، من أجل حماية البيئة والصحة العامة في وقت واحد، وذلك في ظل تحديات ندرة الموارد المائية المتاحة، ومحدودية الأراضي الصالحة للرعي، وزراعة الأعلاف.
نصائح للحد من هدر الطعام
وفي السياق ذاته، قالت خبيرة التغذية ماريال منصور، إن مشكلة هدر الطعام أصبحت أزمة عالمية متواصلة ومن أجل التوصل إلى حلول جذرية يجب العمل على تغيير مجموعة من السلوكيات في التعامل مع الغذاء في وجباتنا اليومية.
وأضافت "منصور" إن كمية الأغذية التي يهدرها البشر حول العالم أصبحت ضخمة وتتجاور الـ 1.3 مليار طن سنويا، مشددة على أن هذه الكمية الضخمة تكلف العالم فاتورة باهظة تزيد عن 980 مليار دولار.
ومن أجل الحل، قالت خبيرة التغذية إن التعامل مع الأغذية يجب أن يكون أكثر وعيا من خلال شراء الأغذية على قدر الحاجة والمتابعة بعناية لتاريخ صلاحية هذه الأغذية، والاهتمام البالغ بطرق الحفظ سواء في الثلاجة أو خارجها بطريقة آمنة لضمان بقائها أطول فترة صالحة للاستعمال.