في الذكرى 69 لثورة 23 يوليو.. كيف تغيرت أوضاع مصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟
يومان فقط، على قدوم الاحتفال بالذكرى الـ 69 لثورة 23 يوليو 1952 المجيدة، التي قامت ضد الفقر والجهل، وإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية وطرد الاحتلال البريطاني، وأذيع البيان الأول للثورة، الذي شمل مبررات قيام الثورة، حيث تم تأسيس تنظيم "الضباط الأحرار" في الجيش بعد هزيمة العرب في حرب 1948.
في يوم 26 يوليو، تنازل الملك فاروق عن حكم البلاد لابنه أحمد فؤاد الثاني، بعد تحرك الجيش وتحت ضغط الضباط الأحرار قادة الثورة، فأصبح ملكا للبلاد وعمره لم يكن يتجاوز وقتها خمسة شهور، وشكلت لجنة الوصاية على العرش، ولكن إدارة أمور البلاد كانت في يد قيادة الثورة المكونة من 13 ضابطًا، ثم ألغيت الملكية وأعلنت الجمهورية، وحدد الضباط 6 مبادئ قامت عليها ومن أجلها ثورتهم، منها القضاء على الإقطاع، وعلى الاستعمار، وعلى سيطرة رأس المال، وبناء حياة ديمقراطية سليمة، وجيش وطنى، ومما يحسب لهذه الثورة أنها كانت بيضاء كما كان تشكيل الضباط الأحرار في توليفته لا يمثل اتجاها سياسيا واحدا، بل ضم مختلف الاتجاهات السياسية، كما حظيت بتأييد شعبى واسع.
اتخذ مجلس قيادة الثورة قراراً بحل الأحزاب، وإلغاء دستور 1923 بعد 6 أشهر من الثورة، وحدد فترة انتقالية مداها 3 سنوات يقوم بعدها نظام جمهورى جديد، ومما عجل باندلاع الثورة فوز مرشح الضباط الأحرار اللواء محمد نجيب في انتخابات نادى الضباط وخسارة مرشح الملك فاروق، فقام الملك بحل مجلس النادى، ووقعت مجزرة الإسماعيلية في ٢٥ يناير (عيد الشرطة لاحقا)، ثم حريق القاهرة وصولًا إلى تلقى عبد الناصر أخبارا عن نية القصر القبض على ١٣ من ضباط التنظيم.
اجتمع الضباط وأقروا الخطة التي وضعها زكريا محيى الدين بتكليف من عبد الناصر ومعاونة عبد الحكيم عامر، وقرروا أن تكون ساعة الصفر الواحدة ليلة الأربعاء ٢٣ يوليو ١٩٥٢ غير أن خطأ في إبلاغ يوسف صديق، قائد ثان الكتيبة ١٣، بساعة الصفر أسهم في نجاح الثورة، حيث وصل بقواته قبل الموعد المقرر بساعة، وسيطر على قيادة القوات المسلحة، واعتقل القيادات التي كانت موجودة فيها، وتم الاستيلاء على الإذاعة والمرافق الحيوية.
عقب نجاح الثورة تم تكليف على ماهر باشا بتشكيل وزارة جديدة بعد استقالة وزارة الهلالى، واتصل الثوار بالسفير الأمريكي لإبلاغ رسالتهم إلى القوات البريطانية بأن الثورة شأن داخلى، وأن كل الأجانب آمنين وبمنأى عما يحدث، تفاديا لتدخل القوات البريطانية لدعم القصر.
غيرت ثورة ثورة 23 يوليو أوضاع مصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية تغييرا جذريا، فكانت لصالح الأغلبية العددية من المصريين، حيث دعمت المصريين وخاصةً الطبقة التي عانت من الظلم والحرمان والعدالة الاجتماعية، كما كان تشكيل الضباط الأحرار لا يمثل اتجاها سياسيا واحدا، بل ضم مختلف الاتجاهات السياسية، كما حظيت بتأييد شعبى واسع، والتي حققت نقلة نوعية لمصر.
قانون الملكية
في يوم 9 سبتمبر 1952، تم إصدار قانون الملكية، فقضت على الأقطاع وأنزلت الملكيات الزراعية من عرشها، وحررت الفلاح بإصدار قانون الإصلاح الزراعي، وأممت التجارة والصناعة التي استأثر بها الأجانب، وألغت الطبقات بين الشعب المصري، وأصبح الفقراء قضاة وأساتذة جامعة وسفراء ووزراء وأطباء ومحامين وتغيرت البنية الاجتماعية للمجتمع المصري، وقضت على معاملة العمال كسلع تباع وتشترى ويخضع ثمنها للمضاربة في سوق العمل، وقضت على السيطرة الرأسمالية في مجالات الإنتاج الزراعي والصناعي.
تأميم القناة وإحياء الثقافة
كما تم تأميم قناة السويس، استرداد الكرامة والاستقلال والحرية المفقودة على أيدي المستعمر المعتدي، وتم توقيع "اتفاقية الجلاء" بعد أكثر من سبعين عاما من الاحتلال، وبناء حركة قومية عربية للعمل على تحرير فلسطين، كما تم إنشاء الهيئة العامة لقصور الثقافة وإنشاء وقصور الثقافة، والمراكز الثقافية لتحقيق توزيع ديمقراطي عادل للثقافة، وتعويض مناطق طال حرمانها من ثمرات الإبداع الذي احتكرته مدينة القاهرة، وإنشاء أكاديمية تضم المعاهد العليا للمسرح والسينما والنقد والباليه والأوبرا والموسيقى والفنون الشعبية، ورعاية الآثار والمتاحف ودعم المؤسسات الثقافية التي أنشاها النظام السابق ثقافي، وسمحت الثورة بإنتاج أفلام من قصص الأدب المصري الأصيل بعد أن كانت تعتمد على الاقتباس من القصص والأفلام الأجنبية.
التعليم
وفيما يخص التعليم، بعد ثورة 23 يوليو أصبح هناك مجانية التعليم العام والتعليم الجامعي، وضاعفت من ميزانية التعليم العالي، وأضافت عشر جامعات أنشئت في جميع أنحاء البلاد بدلا من ثلاث جامعات فقط، وأنشأت مراكز البحث العلمي وطورت المستشفيات التعليمية.
الوحدة العربية
ومن ضمن إنجازات ثورة يوليو، توحيد الجهود العربية وحشد الطاقات العربية لصالح حركات التحرر العربية، حيث أكدت للأمة العربية من الخليج إلى المحيط أن قوة العرب في وحدتهم، يجمعهم تاريخ واحد ولغة مشتركة ووجدان واحد، وكانت تجربة الوحدة العربية بين مصر وسوريا في فبراير 1958 نموذجا للكيان المنشود.