طالبت لجنة حقوق الإنسان العربية "لجنة الميثاق" التابعة للجامعة العربية، جميع آليات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية بالتحرك العاجل للتصدي للإجراءات الإثيوبية الأحادية بشأن سد النهضة، والتي تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وفي مقدمتها اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والتي يقع على عاتقها زمام المبادرة في حماية حقوق الإنسان في القارة الإفريقية ومراقبة مدى امتثال الدول لأحكام الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
وشددت لجنة حقوق الإنسان العربية في بيان لها اليوم، على أنَّ نهج حقوق الإنسان في التعامل مع قضية سد النهضة وتداعياتها المختلفة، يفرض على اثيوبيا أن تبرر عدم امتثالها للالتزامات الأساسية المنصوص عليها في المنظومة الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، وهي التزامات لا يمكن الخروج عنها، ووفقاً للقانون الدولي، فإن عدم التصرف بحسن نية لاتخاذ تدابير الوفاء بالالتزامات يعتبر بمثابة انتهاك لحق الإنسان في الماء.
وأكدت اللجنة أنَّ حق الإنسان في الماء هو حق مقترن بالحقوق الأخرى المجسّدة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وأهمها الحق في الحياة والكرامة الإنسانية، وهو شرط مسبق لإعمال حقوق الإنسان الأخرى، وضرورة لا يمكن الاستغناء عنه للعيش عيشة كريمة، مشيرة إلى أنَّه بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان يقتضي الالتزام باحترام الحق في الماء وإعماله، أن تمتنع الدول عن التدخل - بصورة مباشرة أو غير مباشرة - عن المشاركة في أي ممارسة أو نشاط يحرم من الوصول على قدم المساواة إلى الماء الكافي أو يحدُّ من ذلك، أو التدخل التعسفي في الترتيبات العرفية أو التقليدية لتخصيص المياه، أو القيام بصورة غير مشروعة بإنقاص أو تلويث الماء، أو أن لا تحترم التمتع بهذا الحق في دول أخرى. ولذلك تقرُّ الدول بالدور الأساسي للتعاون والمساعدة الدوليتين وباتخاذ إجراءات مشتركة لبلوغ الإعمال الكامل للحق في الماء، كما ينبغي ألا تؤدّي أيَّة أنشطة تتخذ ضمن الولاية القانونية للدولة إلى حرمان دولة أخرى من القدرة على إعمال الحق في الماء للأشخاص الخاضعين لولايتها.
وقالت لجنة حقوق الإنسان العربية (لجنة الميثاق) إنها تتابع ما تقوم به جمهورية اثيوبيا بشأن بناء وتعبئة سد النهضة من مياه نهر النيل دون التوصل إلى اتفاق قانوني ناظم لقواعد الملء والتشغيل مع كل من جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان، وهو ما من شأنه المساس بكافة الحقوق والحريات التي كفلتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحق في الحياة لملايين البشر الذين يعيشون على مياه نهر النيل، فضلاً عن أنَّ الاجراءات الاثيوبية الفردية والقسرية تنتهك الحقوق المائية التاريخية والمستقرة للشعبين المصري والسوداني، وتؤدّي إلى تشكيل ظروف بيئيَّة خلَّاقة لتهديد الحق في السلم والأمن الدوليين إضافة الى الآثار المتعلقة بالتهجير القسري المحتمل جراء الجفاف الذي سيلحق بمساحات واسعة من الأراضي مما يمس بشكل مباشر حق السكان الأصليين فى عدم مغادرة أراضيهم الذين نشأوا عليها أو فى طمس هويتهم أو إرثهم الثقافي، كما أن أثيوبيا تخالف بذلك الاتفاقية رقم169 بشأن الشعوب الأصلية والقبلية فى البلدان المستقلة والتى اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية عام 1989 ومجموعة الحقوق الوارد في إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية / عام 2007 وهى الحقوق التى كفلها العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما تعتبر المواد 7، 8 من نظام روما الأساسى جريمة التهجير القسرى جريمة حرب .
وأضافت أنَّ لجنة حقوق الإنسان العربية بصفتها الآلية العربية الاقليمية التعاقدية لحقوق الإنسان، وانطلاقاً من تعاونها مع الآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، والتزاماً بمبدأ عالمية حقوق الإنسان وتكاملها وترابطها وغير قابليتها للتجزئة، واقراراً بالارتباط الوثيق بين حقوق الإنسان والسلم والأمن العالميين وفقاً لنصوص الميثاق العربي لحقوق الإنسان، تذكَّر بالإلتزامات القانونية التي يقع على عاتق كل من أثيوبيا ومصر والسودان الوفاء بها، ويأتي في مقدمتها تلك الالتزامات الوفاء باحكام الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والذي تعتبر الدول الثلاثة اطرافاً به، إذ نصَّ الميثاق الإفريقي على حق الشعوب الإفريقية في العيش بسلام وآمان، وعلى أنَّه ليس هناك ما يبرر سيطرة شعب على شعب آخر. كما أكَّد على أنَّ مبادئ التضامن والعلاقات الودية هي التي تحكم العلاقات بين الدول الإفريقية، وحثَّها على التعاون على أساس الاحترام المتبادل والتبادل المنصف ومبادئ القانون الدولي لما فيه مصلحة الشعوب الإفريقية، وبخاصة إعمال الحق في التنمية دون المساس بحقوق الشعوب الأخرى. كما شدد الميثاق الإفريقي على تعهد الدول الإفريقية بصفة فردية أو جماعية بأنَّ تكون ممارسة حق التصرف في ثرواتها ومواردها الطبيعية هادفة إلى تقوية الوحدة الإفريقية والتضامن الإفريقي.
وأشادت لجنة حقوق الإنسان العربية بكافة التحركات المصرية والسودانية والعربية في اطار معالجة قضية سد النهضة، وبما يكفل حقوق جميع الاطراف وفقاً لقواعد القانون الدولي، وخاصة اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية لعام 1997، فإنها تدعو السودان ومصر إلى استخدام أدوات حقوق الإنسان الدولية والاقليمية في مواجهة التعنت الاثيوبي في قضية سد النهضة، كما رحبت بتصريحات وزارة خارجية السودان بشأن احالة القضية إلى المجلس الدولي لحقوق الإنسان؛ وذلك بالنظر إلى تداعياتها الجسيمة على حقوق الإنسان الفردية والجماعية للشعبين المصري والسوداني.