يعد معرض الكتاب أحد أهم الفعاليات الثقافية الكبرى في مصر والوطن العربي، ويشهد صدور أعمال جديدة للكتاب والأدباء والمفكرين.
وأجرت «البوابة» حوارًا مع الكاتب علاء فرغلي، الذي حصل مؤخرًا على جائزة نجيب محفوظ للرواية لعام 2021، عن رواية «وادي الدوم»، والصادرة عن «دار العين» للنشر والتوزيع.فكان نص الحوار على النحو التالي..
* يعتبر معرض القاهرة الدولي للكتاب حدثًا ثقافيًّا مُهما على مستوى الوطن العربي ومصر؟ فماذا يمثل معرض الكتاب لك؟
** في الحقيقة أن معرض الكتاب يُعد بمثابة مناسبة احتفالية، ويغلب عليه الطابع الاحتفالي، وملتقى للكتاب من جميع الفئات العمرية سواء الشباب والكبار، كما أعتبر أيضا هو فرصة لاقتناء الكتب التي يصعب الحصول عليها في الأوقات العادية، فهناك بعض الإصدارات التي قد تتكلف مبالغ طائلة بسبب ظروف الشحن وغرها ويتم توفيرها أيام المعرض.
كما أعتبره أيضًا فرصة عظيمة لتلاقي الأفكار من مختلف الاتجاهات، وذلك من خلال الندوات واللقاءات الفكرية التي تحدث أثناء المعرض، وللأسف سنفتقد الفعاليات في المعرض هذا العام.
* هل تشارك في المعرض بإصدار جديد في هذه الدورة؟
** في الحقيقة لا أشارك بإصدار جديد، لكن من المتوقع أن يتم إصدار طبعة جديدة من روايتي "وادي الدوم"، خاصة بعد حصولها على جائزة نجيب محفوظ. وأحب هنا أن أوضح بعض الأمور ومنها ظاهرة انتشار اعتذارات لبعض الكتاب الشباب بأنه ليس لديهم إصدارات جديدة في المعرض لهذا العام، وأن هذا الأمر قد يشوبه نوع من القلق.
وهنا أقول أن الإبداع الحقيقي ليس مرتبط بوقت معين أو موسم معين، وأنه يجب على كل كاتب أو روائي أن يصدر إبداعه بالتزامن مع حدث أو وقت بغض النظر عن محتواه أو عن الافكار التي يريد طرحها، وأن الإبداع الحقيقي يرتبط بالأساس باكتمال التجربة الإبداعية لدي المؤلف، وليس باقتراب موعد أو معرض أو غير ذلك.
فقد يكون هناك نص مكتوب ومكتمل، لكن المبدع يرى أنه ليس الوقت المناسب لعرض أفكاره على الناس، ومن الممكن أن يؤجل خروجه للطباعة والنشر في الوقت الذي يراه مناسبًا، وان التفكير بأنه لا بد أن يكون للكاتب عمل إبداعي بالتزامن مع وقت معين هذا خطأ يقع فيه الشباب يجب الانتباه إليه.
* المسألة هنا تتعلق بنضج التجربة، وهل هذا هو الوقت المناسب للتعبير عنها؟.
** أما عن أعمالي الجديدة، فأنا أوشكت على الانتهاء من كتابة رواية جديدة، وكان من الممكن أن تلحق الدورة الحالية من معرض الكتاب، ولكنني فضلت أن اوجل عملية النشر حتى أنتهي من مراجعتها بشكل أرضى عنه.
* كيف ترى ظاهرة الكُتاب أصحاب "البيست سيلر"، أو الكاتب صاحب أعلى نسبة من المتابعين "القراء الفانز"، وكيف يؤثر ذلك في الحياة الإبداعية؟
** في الحقيقة أنني أرى أن هذه الظاهرة ملائمة جدًا لطبيعة العصر الذي نعيش فيه، والذي أصبح فيه كل شيء متاح، فأصبح النشر سهلًا والوصول للناس أسهل، فقديمًا كان الوصول للنشر من أصعب ما يكون، وكتابنا الكبار الآن يعلمون ذلك حق المعرفة، فعندما يكان ينشر لهم نص مهما كان صغير في جريدة أدبية أو غير ذلك من منافذ النشر في ذلك الوقت، فكان الكاتب وكأنه قد تلقى بهذا النشر «صك الاعتراف» بوجوده ككاتب، أو الكارت الذي يعتمد به نفسه.
أما الآن فأصبح النشر أسهل ما يكون، بغض النظرعن المضمون الذي يقدم، أو المحتوى، فهناك شخص ارتضى لنفسه أن يحصل على لقب «كاتب» بغض النظر عما يقدمه، أو يروج له، وهناك شخص آخر أقنع نفسه بأن يحصل على لقب «ناقد» بغض النظر عما يمكله من أدوات نقدية، أو تجربة فكرية، وهناك أُناس ارتضوا أن يطلقوا على أنفسهم قراء بغض النظر عمَّا يقراون، فهذا الثالوث أحدث مجتمع ثقافي موازي.
فنحن أمام أشباه كتاب لهم إصداراتهم ونقاد يكتبون عنهم وقراء وهذا المجتمع سعيد بنفسه ومتعايش معها على هذا الوضع، ولكن الخطر هنا أنه من الممكن أن يحدث خلط بين ما يحدث في هذا العالم الموازي وبين حقيقة ما يقدم، فالقارئ في هذا العالم لا يعرف بأنه يقرأ أدب ردئ، والناقد ليس لديه أدواته النقدية، وهذا النوع من الممكن أن يستمر وياخذ أشكال مختلفة.
فنحن نعيش في عالمين الأول يمثله هذا النوع من الأدب «الردئ» أو المجتمع الموازي لا يعرف شيء عن الإبداع أو الأدب وان ما يقدمه ما هو إلا عبارة عما يشبه الكتابه السينمائية، مجرد مشاهد قد رأها وتاثر بها وقام بالتعبير عنها، والعالم الآخر هو العالم الذي فشل في تذوق النوع الأول من هذا الأدب باعتباره أدب ركيك للإبداع، فالأدب هو استبصار للتجربة الإنسانية والمعايشة، وكاتب يمتلك أدوات التعبير المرهفة التي تمس التجربة الإنسانية، ففن الكتابة قائم على فكرة التأمل، وهو الأمر الذي لا يعلمه العالم الموازي للأدب.
* عن جائزة نجيب محفوظ.. كيف استقبلت خبر حصولك عليها؟
** في الواقع أن القيمة الحقيقية للجائزة تكمن في أنها تحمل اسم نجيب محفوظ، لأنني أعتبره مُعلم في هذا هذا الفن، ومجدد له، وسعادتي زادات ليس فقط بالحصول على الجائزة وإنما أيضًا بعدما علمت أعضاء لجنة التحكيم وأسمائهم، فهناك 13 مُحكمًا قرأوا وتوصلوا إلى أن هذا النص جدير بأن يكون في قمة الإبداع لهذا العالم، وهذا أمر يدعوا للفخر.
* كان لك رأي خاص بخصوص غلاف المسحة المسيئة بل قمت بإعلان رفضك لمثل هذه النوعية من الاغلفة لماذا؟
** ساكرر هنا ما كتبته على صفحتي الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وهو انا لي الحق في رفض غلاف أشرف الخمايسي المسيء لخالد منتصر من حيث المبدأ، لأني أرفض اي إساءة أو سخرية أو تنمر ضد أي شخص في أي ثقافة أو دين أو عرق، حتى لو بحجة إبداء الرأي وحرية التعبير، لكن هل يحق لخالد منتصر نفسه أن يرفضه؟، خالد منتصر الذي اعتبر مرارا وتكرارا أن الإساءة للنبي محمد برسومات بذيئة هي من قبيل حرية التعبير!!، دون أن يعبأ بمشاعر مئات الملايين!!، ولو افترضنا إنه رفع قضية على الخمايسي لرد الإساءة، أليس كلامه هو نفسه سيكون صك براءة الخمايسي؟!
وأعتقد جزء كبير من ردود الأفعال الغاضبة على الغلاف سببها الأساسي "شخص أشرف الخمايسي نفسه" الذي افتعل معارك وخصومات أضرت باستقبال كتاباته لدى فئة كبيرة من المتلقين، لكن الغلاف لا يستحق كل هذا التشنج والصراخ.. الغلاف مرفوض من حيث المبدأ، لكنه مقبول في إطار الخناقات المفتعلة والشرشحة الثقافية التي اعتدنا عليها مؤخرا.