استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الاثنين، كيرياكوس ميتسوتاكيس، رئيس وزراء جمهورية اليونان، وذلك بحضور سامح شكري وزير الخارجية، والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة والمهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية، والدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة.
وقال السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن اللقاء شهد عقد مباحثات ثنائية تلتها مباحثات موسعة بين وفدي البلدين، حيث رحب الرئيس برئيس الوزراء اليوناني مشيدًا بالمستوى المتميز للعلاقات الثنائية الإستراتيجية الممتدة والآخذة في التنامي بين مصر واليونان في جميع المجالات، ومؤكدًا حرص مصر على تعزيز آليات التعاون المشترك بين البلدين الصديقين على مختلف الأصعدة، خاصةً على الصعيد السياسي والعسكري والتجاري والطاقة، فضلًا عن الارتقاء بالتعاون القائم في إطار الآلية الثلاثية مع قبرص، وذلك على نحو يحقق المصالح والأهداف المشتركة لهم في منطقة شرق المتوسط وكذلك مواجهة التحديات المختلفة في المنطقة.
من جانبه؛ أعرب رئيس الوزراء اليوناني عن اعتزاز بلاده بما يربطها بمصر من علاقات تعاون وثيقة، والتي تمثل نموذجًا للتعاون البناء بين دول المتوسط، خاصةً في ظل ما تتمتع به مصر من مكانة متميزة وثقل إقليمي ودور محوري في المنطقة بقيادة الرئيس، مؤكدًا أن اليونان ستظل أحد الداعمين لمصر داخل الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن الاهتمام اليوناني المتبادل بتعزيز مسيرة التعاون المشترك بين البلدين، وكذا تطوير آلية التعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص، والتي تعد آلية ناجحة وفعالة للتنسيق والتعاون المؤسسي المنتظم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول الثلاث.
وأضاف المتحدث الرسمي أن اللقاء شهد التباحث حول سبل تعزيز آفاق التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين، حيث تم التوافق حول أهمية العمل على تدعيم الروابط الثقافية المشتركة لإلقاء الضوء على عراقة العلاقات بين الدولتين، بالإضافة إلى تأكيد الجانبين على أهمية استمرار تعزيز التعاون مصر واليونان، خاصةً في مجالات الربط الكهربائي والتبادل التجاري والسياحة، لا سيما في ظل ما يشهده العالم من أضرار اقتصادية بسبب جائحة كورونا، ومن ثم ضرورة تضافر الجهود لمواجهة التداعيات السلبية لهذه الجائحة على شتى الأصعدة.
كما شهد اللقاء تبادل الرؤي ووجهات النظر حيال القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، في ضوء ثبات المواقف المشتركة بين البلدين واتساق مصالحهما في منطقة شرق المتوسط، مع التأكيد على أن منتدى غاز شرق المتوسط يمثل أحد أهم الأدوات في هذا الإطار، والذي من شأنه أن يفتح آفاق التعاون والاستثمار بين دول المنطقة في مجال الطاقة والغاز.
كما تم التباحث بشأن تطورات القضية الفلسطينية؛ حيث أعرب رئيس الوزراء اليوناني عن خالص تقدير بلاده للجهود المصرية بقيادة الرئيس، والتي أفضت إلى وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فضلًا عن المبادرة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، وفي هذا السياق أكد الرئيس أهمية سرعة العمل على إحياء مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على أساس قرارات الشرعية الدولية وقواعد القانون الدولي.
وتم أيضًا مناقشة مستجدات الأوضاع في ليبيا؛ حيث تم التوافق على دعم المسار السياسي القائم وصولًا إلى إجراء الاستحقاق الانتخابي المنشود في موعده المقرر نهاية العام الجاري، بالإضافة إلى أهمية خروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية عودة ليبيا لأبنائها، واستعادتها لسيادتها ووحدة أراضيها واستقرارها.
كما تم التباحث كذلك حول موضوع مياه النيل، وآخر المستجدات فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة، حيث تم التوافق بشأن أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني عادل ومتوازن حول ملء وتشغيل سد النهضة، بما يحقق مصالح الدول الثلاث، ويحافظ على الاستقرار الإقليمي، مع التأكيد على ضرورة المجتمع الدولي بدور جاد في هذا الملف، فضلًا عن إبراز حسن النية والإرادة السياسية اللازمة من كافة الأطراف في المفاوضات الحالية.
وفي ختام المباحثات، عقد الجانبان مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا.
والقي الرئيس السيسي كلمة خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع اكيرياكوس ميتسوتاكيس رئيس وزراء اليونان نصها:
يُسعدني أن أرحب بكم اليوم ضيفًا كريمًا خلال زيارتكم الرسمية إلى جمهورية مصر العربية، والتي تأتي في إطار حرصنا المستمر على تبادل الرؤى ووجهات النظر حول سُبل تطوير وتعميق أوجه التعاون الثنائي بين بلدينا الصديقين في مختلف المجالات، فضلًا عن التشاور حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المتبادل.
وكما تعلمون، فإن مصر واليونان تجمعهما روابط صداقة مميزة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، فالتواصل بين الحضارتين الفرعونية والإغريقية بدأ منذ نحو ثلاثة آلاف عام وكان له إسهام فريد في تطور الحضارة الإنسانية عبر العصور.
وقد شهدت السنوات الماضية تناميًا ملحوظًا في حجم التعاون والتنسيق المشترك حيال العديد من الموضوعات والقضايا على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، سواء كان ذلك على المستوى الثنائي أو في إطار آلية التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان، على نحو جعل من هذا التعاون الفريد نموذجًا يحتذى به في كيفية تحقيق التعاون والتكامل على المستوى الإقليمي.
لقد استعرضت مع دولة رئيس الوزراء مختلف أوجه التعاون الثنائي، واتفقنا على أهمية تحقيق طفرة نوعية في كافة جوانب العلاقات بين بلدينا، خاصةً زيادة قيمة التبادل التجاري وتشجيع تدفق الاستثمارات اليونانية وتفعيل التعاون في قطاع الطاقة سواء فيما يتعلق بمشروعات الربط الكهربائي أو في مجال الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى دعم التعاون السياحي والاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى البلدين في هذا القطاع الهام، والعمل على استئناف حركة البواخر السياحية بين موانئنا في أقرب فرصة.
وكان لقاؤنا اليوم فرصة مهمة لتبادل الرؤى وتنسيق المواقف حول القضايا الإقليمية محل الاهتمام المتبادل، حيث أكدت لدولة رئيس الوزراء على الموقف المصري الثابت إزاء الوضع في منطقة شرق المتوسط والقائم على ضرورة التزام كافة الدول باحترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، خاصةً مبادئ عدم التدخل في الشئون الداخلية واحترام السيادة والمياه الإقليمية للدول، مشددًا على تضامننا مع اليونان حيال أية ممارسات من شأنها انتهاك سيادتها.
وفي هذا السياق، توافقت ودولة رئيس الوزراء حول أهمية تعزيز آلية التعاون الثلاثي القائمة بين مصر وقبرص واليونان لمواصلة التنسيق السياسي والتعاون الفني بين الدول الثلاث، وضرورة العمل على تحقيق الاستفادة القصوى من هذه الآلية التي تجمع دولنا الثلاث تحديدًا بحكم تفرد تلك العلاقة وتلاقي المصالح المشتركة نحو تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وتناولت المباحثات آخر تطورات القضية الفلسطينية، حيث أكدت لدولة رئيس الوزراء اليوناني على ضرورة تضافر الجهود الدولية لتقديم الدعم اللازم لقطاع غزة المتضرر بشدة من جراء الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، مع الأخذ في الاعتبار مبادرة مصر لإعادة إعمار غزة بالتنسيق الكامل مع السلطة الفلسطينية، والعمل على عودة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي مجددًا إلى مائدة المفاوضات للتوصل إلى تسوية نهائية، وفق قرارات الشرعية الدولية.
وبحثنا كذلك آخر التطورات ذات الصلة بالملف الليبي، حيث توافقنا على دعم أشقائنا الليبيين في إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده المقرر نهاية العام الجاري، وتذليل أية عقبات قد تحول دون إجراء الانتخابات في موعدها، مع التشديد على أهمية خروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية دون مماطلة، وتفكيك المليشيات المسلحة بما يضمن استعادة عودة ليبيا لأبنائها، واستعادتها لسيادتها ووحدة أراضيها واستقرارها.
كما أحطت دولة رئيس الوزراء علمًا بما آلت إليه المفاوضات الثلاثية حول ملف سد النهضة، مع التأكيد على أهمية سرعة التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، وضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بدور جاد في هذا الملف حفاظًا على استقرار المنطقة.
أرحب بكم مجددًا في القاهرة، وأتطلع إلى أن تشهد الفترة القادمة مزيدًا من التعاون والتنسيق بين البلدين بما يحقق الرخاء والازدهار لشعبينا الصديقين.