رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

مائة بيت من الشعر العربي القديم.. خلف بن خليفة"46"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في تراث الشعر العربي، منذ ما قبل الإسلام إلى نهاية العصر العباسي، كنوز وجواهر لا ينبغي للأجيال الجديدة أن تجهلها. نقدم كل يوم بيتا من عيون الشعر القديم، مصحوبا بإضاءة قليلة الكلمات، في محاولة لتحقيق التواصل الضروري والاستمتاع بعصير الحب والحكمة والموت.
46 – خلف بن خليفة
" أعاتبُ نفسي أن تبسمتُ خاليًا
وقد يضحك الموتورُ وهو حزينُ "
التوافق الكامل بين الظاهر والباطن ليس واردا، والتناغم المشبع في حياة الإنسان حلم صعب المنال. إنه يخضع بالضرورة لحسابات وتوازنات شتى، تدفعه إلى سلوك يغاير حالته المزاجية، ولا شيء يملكه في مواجهة المفارقة الحتمية إلا العتاب الهادىء الذي لا يصل إلى الوقوف على حافة الغضب، ذلك أن التبرير قائم لا يغيب عن الوعي، ولا غضاضة في الضحك الذي لا يزيح بركان الحزن القابع داخل النفس المستعمرة بأطنان الهموم والأوجاع.
عتاب النفس غاية الممكن المستطاع، وهو عتاب معتدل وديع بسيط، يبتعد عن الإسراف غير المنطقي في جلد الذات وإدانتها وإضافة المزيد من التمزقات الروحية التي لا تُحتمل. محكوم على البشر بحتمية التعايش مع الخلل المزمن الذي لا مهرب منه ولا نجاة، والعزاء الوحيد يتمثل في إدراك الضاحك الباكي أنه لايمثل الاستثناء والنشاز، فهو لا ينفرد وحده بالثنائية المزعجة التي لا يكون الإنسان إنسانا سويا إلا بها.
يهيمن الشجن على بيت خلف، وأعمق ما فيه أنه يمتزج بقدر هائل من البساطة وروح الاستسلام التي تشبه الرضا. لا متسع عند الشاعر للمكابرة، ولا معنى لادعاء ما يفوق قدراته المحدودة المقيدة، فما أكثر الذين يظهرون غير ما يبطنون، ذلك أن الحياة لا تسير إلا هكذا.