يمر الإعلام بفترة ارتباك غير مسبوقة، وتسوده برامج بلا معنى أو مضمون، تخلو من القيمة الحقيقية أو المعنى المعلوم عن الإعلام، فلا يعلمنا أو يؤثر في أحد منا إلا بما يسىء لمجتمعنا، ولا أعرف أين ذهب المعدون المتخصصون في الإعداد لبرامج لها مضمون وهدف تحاول الوصول إليه؟!.. فلم نعد نر إعدادا جيدا إلا قلة قليلة من البرامج، والباقون يملأون الوقت بالتفاهة والسخافة، وغابت البرامج المخصصة للأطفال والتى كانت تنمى الفكر، وتحث على حب الوطن وحمايته والانتماء للكيان الأسرى واحترامه، كما غابت البرامج العلمية والثقافية والإنسانية وحل محلها برامج الطهى!.. وكأن البشر لا يعنيهم من الحياة إلا ملء بطونهم ومحو عقولهم!..وأمام كل هذه المهازل ظهر البرنامج القيم (ماما دوت أم) برنامج خفيف الروح عظيم التأثير والأهمية.. ورغم أن محتوى البرنامج جاد وثرى إلا أنه يرتدى ثوب الترفيه، ويعتمد البرنامج على ما يصله من رسائل الأمهات وشكوتهن مما يتعرضن له مع أبنائهن، والذى لا يخلو من مشكلات نفسية أو صحية أو خلل في أساليب التربية، فيتلقف البرنامج الشكاوى، ويناقشها من جميع الزوايا، ويستخدم في ذلك الرسومات والأفلام التوضيحية لسرعة توصيلها للمشاهدين بسلاسة وشرح المعلومات بطرق مبسطة ومحببة، ويعتمد على عرض وجهة نظر الأطفال وهم المعنيون بطرح القضايا، وكذلك طرح رأى الأمهات ومعاناتهن مع أبنائهن المختلفين عنهن كليا، كذلك الآباء، ثم الدور الأهم وهو عرضها على المتخصصين من أطباء نفسيين أو خبراء تربية وعلماء اجتماع بجانب أطباء الأطفال.. فيتناول بشكل تربوي وترفيهي كافة الموضوعات المتعلقة بالأسرة والطفل، ويقدم استشارات مكثفة ومتخصصة لمساعدة الأمهات في التغلب على التحديات المستمرة التي تواجههن في تربية الأطفال والمراهقين سواء كانت نفسية أو تربوية أو صحية.. ويعرض البرنامج المشكلات الحياتية بخفة ظل وبساطة تهون عذابات الأمهات والتى تأكلهن الحيرة مع أطفالهن.. فأطفال زمن الإنترنت يختلفون كليا عن كل من سبقوهم، فرغم شدة الذكاء والانفتاح مبكرا على العالم إلا أنهم أكثر استغناء عن الترابط الأسرى، فلهم عالمهم الخاص، والذى يستغنون به عن أقرب المقربين، وازدادت المشكلات والظواهر السلبية بعد ظهور وباء كورونا، والذى تسبب في تواجد الأطفال في المنازل ودخولهم باب الدراسة (أون لاين) بعيدا عن أصدقائهم ومعلمينهم، مما أصابهم بما يشبه التوحد سواء في صورة بسيطة أو شديدة الأعراض، لذلك تعانى الأمهات من نقص المعرفة بالطرق المثلى للتربية وتحتاج فعليا إلى متخصصين أكفاء، وهو ما يجعلنى أعول على هذا البرنامج الجميل.. تقدم البرنامج الإعلامية فاطمة مصطفى، خريجة كلية الإعلام بجامعة القاهرة، والتى بدأت كمخرجة برامج تليفزيونية ثم كمقدمة برامج راديو على "الراديو 9090"، وبالتوازي مع تقديمها لبرنامجها التليفزيوني، تقدم أيضا برنامج"الراديو بيضحك" على راديو 90 90.. ظهرت لأول مرة على شاشة التليفزيون في برنامج تشارك في تقديمه مع دكتور محمد رفعت.. وكانت هادئة مستكينة دورها هامشى أمام الدكتور المالك لزمام المادة العلمية التى يطرحها من خلال الحلقة، وكنت أشفق عليها من هذا التواجد الهامشى، ولم أدرك أنها بذكاء شديد تعاملت مع تلك التجربة بأسلوب الإسفنجة التى تمتص ما حولها لتزداد ثقلا، فاكتسبت خبرة وقدرة على الانفراد بالبرنامج الذى أشيد به، وأدعو كل الأمهات إلى مشاهدته.. تتسم مقدمة البرنامج بصفات أتمنى أن تكون في كل مقدمات البرامج، ومنها عدم مقاطعة الضيف نهائيا، والهدوء والبشاشة، بجانب وجه مصرى أصيل به سمرة وملامح دقيقة، وكأنها خرجت من أحد المعابد المصرية القديمة.. ومخرج البرنامج غاية في الذكاء لمنحه البرنامج خفة ظل بلا تكلف أو استخفاف، إلى جانب الإيقاع السريع والتنوع في الفقرات، مما يمتع المشاهدين وتزداد رغبتهم ألا تنته الحلقة.. أما ما يسبب الانزعاج فهو كثرة الإعلانات التى تفسد المتابعة والتركيز، رغم أهمية البرنامج وضرورة اكتمال الفكرة التى يطرحها!.. وهو ما يجعلنى أطالب من بأيديهم الأمر أن يعرض البرنامج بلا إعلانات، وعلى أكثر من قناة لزيادة نسبة المشاهدة..كما أطالب بزيادة وقت الحلقة، لأن البرنامج مهم للغاية، وينبغي أن ندرك أهمية ما يقدمه من رسائل ومساعدات للأمهات كى يقمن بدورهن وسط المعوقات التى تفرضها الظروف المحيطة بهن، وتحملهن كامل المسئولية بعد توقف الذهاب إلى المدارس والاعتماد على الدراسة أون لاين، وهو ما يستوجب دراسات مستفيضة من مراكز البحوث الاجتماعية حتى ننجو بأطفالنا ونصل بهم إلى بر الأمان.
آراء حرة
ماما دوت أم
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق