كانوا على بعد ٢٠٠ متر فقط من الشاطئ المغربي متجهين إلى جيب سبتة الإسباني، إلا أن السباحة بملابس كاملة أمر مرهق، طلب الكثيرون منهم المساعدة من قارب إنقاذ تابع للشرطة قرب الوصول إلى الشاطئ حيث نزلوا مع أحلامهم في حياة أفضل بملابس مبللة ترهقهم ومستقبل غامض يقبض قلوبهم.
بدأ ضوء النهار في مغازلة شاطئ تاراجال على الحدود الجنوبية لسبتة مع المغرب وعلى بعد نحو ٥٠ مترًا، تتمايل عشرات الرؤوس في المياه، بعضها في مجموعات، والبعض الآخر بمفرده، يحاول كل منهم السباحة إلى سبتة، وهي زاوية صغيرة من أوروبا تقع على الطرف الشمالي من أفريقيا على أمل محاكاة نجاح ٨٠٠٠ مهاجر عبروا في بداية الأسبوع.
قال عبدالعزيز بلاوي البالغ من العمر ٣٧ عاما، لوكالة الأيه بي سي الفرنسية، والذي وصل يوم الإثنين الماضي، في ذروة تدفق اللاجئين "دخلت المياه في كاستيليوس وسبحت إلى سبتة" في إشارة إلى بلدة مغربية صغيرة على بعد عدة كيلومترات جنوبي الحدود.
وأضاف لوكالة الأنباء الفرنسية "أتيت للعمل، ليس في وطني ما آكله ولا يوجد أي وظائف أو عمل"، مشيرا إلى أن إغلاق الحدود المغربية بسبب أزمة كورونا تركه مفلسًا وجائعًا.
تحت أشعة الشمس الحارقة، تتجول مجموعات من الشباب بلا هدف في أنحاء سبتة، لقد كانوا هنا منذ يومين ويبدو أن النشوة الأولية للدخول قد تلاشت، لكنهم الآن يحاولون الهروب من أعين الشرطة التي تعيدهم من حيث أتوا حين تلقي القبض عليهم.
بالملل والجوع، انجذب الكثيرون إلى حديقة وسط المدينة الخضراء حيث ينتشرون على العشب بلا حول أو قوة، على الرغم من أن العديد من المنظمات غير الحكومية تعمل على توزيع الطعام، يقول الكثيرون إنهم اضطروا إلى الاعتماد على مساعدات الناس في الشارع للحصول على شيء يأكلونه.
قال عمر، البالغ من العمر ٢١ عامًا، الذي ينحدر من مدينة طنجة الساحلية الشمالية، إنه أمضى أربع ساعات في الماء قبل أن يصل إلى اليابسة.
وأضاف لوكالة الأنباء الفرنسية "نحن هنا نعيش في الشارع وليس لدينا ما نأكله"، مشيرا إلى أن طلب الطعام أو المال من الناس "أمر مخز وصعب على النفس". وسأل الجريدة في استنكار وضجر "هل ترى كيف نعيش هنا؟ لا يوجد شيء، لكنني لا أريد العودة للوطن".
بالنسبة لمعظم الناس، قد تكون الحياة في سبتة صعبة لكنها أفضل من الواقع في الوطن، مضيفا الحياة لا معنى لها في الوطن، لكنها بالنسبة لنا تستحق الكثير.
عودة إلى الشاطئ، يستمر التدفق على الرغم من أن الأعداد أقل بكثير مما كانت عليه يوم الاثنين الماضي، وتنتشر الشرطة والجيش الآن بكثافة على طول الشواطئ الجنوبية لسبتة.
عند عبور حاجز الأمواج حيث يندفع السياج الحدودي إلى البحر، يحاول بعض السباحين الأقوى عبور الشاطئ لأول مرة لكن ينظر إليه بعناد عشرات الجنود الذين يحملون دروع مكافحة الشغب والهراوات.
معظم السباحين يرتدون ملابس كاملة على وجه الحصر تقريبًا من الشباب، على الرغم من أن بعضهم يرتدي سراويل قصيرة، ويتم اقتيادهم جميعًا بسرعة إلى السياج الحدودي القريب ليتم إعادتهم.
بينما يسير من نجح باتجاه المدينة، لم يحالف الحظ العشرات من الشباب الآخرين، حيث كانوا يتجولون بلا هدف بينما ينتظرون إعادتهم.
من بين حشود الشباب، رشيد العزوزي، البالغ من العمر ١٥ عامًا من تطوان، وهي بلدة تقع على بعد ٤٠ كيلومترًا أسفل الساحل، ولا تعرف عائلته حتى أنه هاجر وطنه في رحلة خطرة قد تودي بحياته. يتحدث بهدوء، يعترف بأنه كان خائفًا، لكن ليس من الاضطرار إلى السباحة.
وصرح "لقد شاهدت الكثير من الاشخاص يسبحون في الماء، أفزعتني ذلك". اتصل بأسرته، وتحدث إلى والده الذي كان غاضبًا في لكنه مرتاح، وتعهد بإرسال بعض المال إليه.
تنتشر قوات الشرطة والجيش بكثافة على طول الشواطئ الجنوبية لسبتة. عند عبور حاجز الأمواج حيث يندفع السياج الحدودي إلى البحر، يحاول بعض السباحين عبور الشاطئ الأول حيث ينظر إليهم بعناد عشرات الجنود الذين يحملون دروع مكافحة الشغب والهراوات.
معظم السباحين يرتدون ملابس كاملة، على الرغم من أن بعضهم يرتدي ملابس سباحة، يتم اقتيادهم جميعًا إلى السياج الحدودي القريب ليتم إعادتهم. لا يُسمح لأي منهم بالوصول إلى الطريق المؤدي إلى سبتة - باستثناء واحد، يبلغ من العمر ٢٩ عامًا يحمل الجنسيتين المغربية والفرنسية ويحمل وثائقه في كيس بلاستيكي.
قال محمد الرزوقي، وهو حافي القدمين ومغطي بالرمال، إنه ذهب إلى المغرب خلال شهر رمضان لكنه لم يتمكن من العودة إلى المنزل لزوجته وبناته الذين يعيشون في أجين، ومع إغلاق كورونا، تم إغلاق الحدود ولم يكن لدي خيار آخر سوى السباحة.
سمحت له الشرطة بالذهاب بعد رؤية رخصة قيادته الفرنسية، وأضاف الرزوقي "إنه أمر خطير للغاية لأنك خائف، ومتوتر للغاية". "لا أعرف كيف أسبح جيدًا لذا اشتريت لنفسي سترة نجاة وهذا ما ساعدني في الوصول إلى هنا.