تشهد القدس المحتلة أزمة جديدة، بعد أن بدأ الاحتلال الصهيوني في قصف المنازل بحي الشيخ جراح الذى يقع خارج أسوار البلدة القديمة مباشرة بالقرب من باب العامود الشهير.
ويزعم المستوطنون أنهم اشتروا الأراضي من سكان حي الشيخ جراح الأصليين وهم الفلسطينيون، آملين في زيادة أعداد الإسرائيليين بالقدس؛ بينما في حقيقة الأمر فإن سكان "الشيخ جراح" يسكنون هذه المنطقة من خمسينيات القرن الماضي، وأبوا أن يغادروا منازلهم مهما كان الأمر لو كلفهم ذلك حياتهم.
ويزخر التاريخ الأدبى بما هو شاهد على مقاومة الأدباء والشعراء للاحتلال الصهيوني، فكلمات كل أديب وشاعر تمثل طلقات نارية في وجه هذا العدو الجائر.
فنجد الأديبة المصرية رضوى عاشور في روايتها "الطنطورية" نسبة إلى قرية الطنطورة الواقعة على الساحل الفلسطينى جنوب حيفا، والتى تعرضت في عام 1948 لهجوم كبير من العدو الصهيوني. في هذه الرواية، تذكر قصة حياة عائلة عاشت تجربة التهجير من قريتها فنجد رقية الطنطورية التى عانت وتحملت فقدان والدها وشقيقها وتزوجت في المنفى، حتى إنها يوم زواجها تغنت ببعض الأبيات "قولوا لامه تفرح وتتهنا/ وترش الوسايد بالعطر والحنا والفرح إلنا والعرسان تتهنا/والدار دارى والبيوت بيوتي/ واحنا يا عدوى موتي.
لم يقف الأمر عن الأديبة رضوى عاشور فقط، بل كان الروائى الفلسطينى الكبير غسان كنفانى من أشهر الكتاب، الذين ظلت أعماله محفورة في عمق الثقافة الفلسطنية والعربية، ففي رواياته "رجال في الشمس"، وصف كنفانى تأثيرات النكبة عام 1948على الشعب الفلسطيني، وتناول فيها عددا من الشخصيات، ومنهم رجل فقد كل ما يملك عقب الحرب ليعيش في المخيمات، ولكنه لم يجرؤ على التفكير في المخيمات، والآخر الذى ارتبط ببلده ويحلم بعودة ما كان، لكنه لا يعرف كيف يمكن أن تحدث هذه العودة بعد ضياع كل شيء وشاب آخر تطارده السلطات بسبب نشاطه السياسي، ولا ينسى أحد كلمته الشهيرة «لماذا لم يطرقوا جدران الخزان؟ والتى صورت موت ثلاثة أشخاص داخل خزان سيارة دون محاولة للمقاومة، بين فيها كنفانى روح الفلسطينيين وكيف كانوا يجدون صعوبة في مقاومة العدو الصهيوني.
وعلى الجانب الآخر، كتب المسرحى السورى سعد الله ونوس مسرحيته الشهيرة "طقوس الإشارات والتحولات" جاء فيها شخصية فخرى البارودى الذى يعتبر واحدا من أشهر شخصيات المقاومة ضد الاستعمار الفرنسى في سوريا وتروى القصة أن خلافا قد نشب بين نقيب الإشراف ومفتى الشام أيام الوالى راشد باشا وتجاوز المفتى الخلاف الشخصى ومد يد العون للنقيب حين أوقع به قائد الدرك وقبض عليه فهذه الحكاية بنى عليها الكاتب قصته، وكانت نكسة 1967 بمثابة الطعنة المسددة لشخص ونوس عن قصد، إصابته بحزن شديد خاصة أنه تلقى النبأ وهو بعيد عن وطنه وبين شوارع باريس فكتب مسرحيته الشهيرة "حفلة سمر من أجل خمسة حزيران" ثم مسرحية عندما يلعب الرجال".
أيضا نجد أن رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، يعتبر من أهم الفنانين الفلسطينيين الذين استطاعوا التعبير عن القضية بالفن، فرسم "العلي" عددا من الشخصيات التي ابتدعها منها شخصية "حنظلة" وهي شخصية ابتدعها لتمثل صبيا في العاشرة من عمره، ظهر رسم "حنظلة" في الكويت 1969، في جريدة السياسة الكويتية، أدار ظهره في سنوات ما بعد 1973، وعقد يديه خلف ظهره، وأصبح "حنظلة" بمثابة توقيع ناجي العلي على رسوماته.
وقد لقي هذا الرسم وصاحبه حب الجماهير العربية كلها وبخاصة الفلسطينية، لأن "حنظلة" هو رمز للفلسطيني المعذب والقوي رغم كل الصعاب التي تواجهه فهو شاهد صادق على الأحداث ولا يخشى أحدا. لذلك قال العلي: "إن حنظلة هو بمثابة الأيقونة التي تمثل الانهزام والضعف في الأنظمة العربية".
كان لدى "العلي" شخصيات أخرى رئيسية تتكرر في رسوماته، وهي شخصية المرأة الفلسطينية التي أسماها ناجي "فاطمة" في العديد من رسومه، وهذه الشخصية لا تهادن، رؤياها شديدة الوضوح فيما يتعلق بالقضية وبطريقة حلها، بعكس شخصية زوجها الذي ينكسر أحيانا، في العديد من الكاريكاتيرات يكون رد فاطمة قاطعا وغاضبا، كمثال الكاريكاتير الذي يقول فيه زوجها باكيا: "سامحني يا رب، بدي أبيع حالي لأي نظام عشان أطعمي ولادي".. فترد فاطمة قائلة: "الله لا يسامحك على هالعملة".
الشعر أيضا له نصيب كبير في مقاومة الاحتلال حيث كتب الشاعر الفلسطينى محمود درويش معظم قصائده واصفا فيها حبه لدولته وما يجرى في فلسطين والمعاناة التى يشهدها أهلها من جراء الاحتلال الصهيوني، ومن أبياته: أيها المارون بين الكلمات العابرة /منكم السيف ومنا دمنا /منكم الفولاذ والنار ومنا لحمنا منكم دبابة أخرى/ ومنا حجر منكم قنبلة الغاز- ومنا المطر/ وعلينا ما عليكم من سماء وهواء /فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا / وادخلوا حفل عشاء راقص/ وانصرفوا وعلينا، نحن، أن نحرس ورد الشهداء.
والشاعر السورى نزار قباني، كتب الأشعار التى رفضت الاحتلال الصهيونى ومن أشعاره: إذا خسرنا الحرب لا غرابة لأننا ندخلها/بكلِ ما يملك الشرقى من مواهبِ الخطابة/بالعنتريات التى ما قتلت ذبابة لأننا ندخلها/ بمنطق الطبلة والربابة/ السر في مأساتنا/ صراخنا أضخم من أصواتنا/ وسيفنا أطول من قاماتنا.
ويعد إبراهيم طوقان أحد أهم الشعراء الفلسطينيين الذين نجحوا في جمع شتات الشعوب العربية حول القضية بقوة الكلمة فقد كتب قصيدته المشهورة "موطني" التى أصبحت النشيد الرسمى لفلسطين موطني.. موطني../ الجلال والجمال والسناء والبهاء /في رباك... في رباك / والحياة والنجاة والهناء والرجاء/ في هواك... في هواك / هل أراك... هل أراك../سالما منعما وغانما مكرما؟/ هل أراك... في علاك / تبلغ السماك؟... تبلغ السماك؟ /موطني... موطني.. موطني.. موطنى / الشباب لن يكل همه أن يستقل أو يبيد.