رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

القُدس بين القرآن والشعر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الله سبحانــه وتعالى وثّــق هـــويــة القُــدس، وأثبت عـروبيـتهـا وإسلاميتها بقولـه تعالى "سبحـان الذى أسـرى بعبــده ليــلا من المسجد الحـرام إلى المسجـد الأقصى الذى باركنــا حولـه"، فالمُســرى بـــه نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، والمُسرى إليه المسجد الأقصى.
تأملوا كلمة مسجد في الآية القرآنية الكريمة، فالمسجد هــو المكان الذى يمارس فيه المسلمون طقوسهم الدينية، وهذا دليل على ملكية المسلمين للقــدس حتى من قبـــل الإســراء بخاتــم الأنبيــاء، وهــذا يدحض مزاعم الصهيونية اليهودية، التى تحاول التدليل على أحقيتها في القدس، اعتمادا على وجــود هيكـل سليمـان تحت القـدس!!
فإذا كان الله سبحانـه وتعالى عندمـا أرسل اليهودية ثم المسيحية ثم أخيرا الإسلام، لم يلغ الديانـات السابقة، بل جعـل شرطــا من شــروط الإيمـان أن يـؤمن المـرء بما سبق، كما هــو وارد في قولة تعالى "آمن الرسول بما أنـزل إليه من ربه. والمؤمنـون كل آمـن بالله وملائكتــه وكتبـه ورسله. لانفرق بين أحـد من رسله"، فلم يقـل ملائكه أو كتابه أو رسوله، فكيف يقبل الله سبحانه وتعالى أن يقام المسجد الأقصى على أنقاض هيكل سيدنا سليمان عليه السلام؟
طبعـا هـذه افتراءات وأكاذيب صهيونية يدخلون بها من باب الدين، بينما هى في الحقيقة أطماع توسعية يطمح إليها الصهاينة!!
ومن نصوص القرآن إلى النصوص الأدبية
يقول الشاعر محمود درويش:
أيها المارون بين الكلمات العابرة
آن أن تنصرفوا
وتقيموا أينما شئتم، ولكن لا تقيموا بيننا
آن أن تنصرفوا
ولتموتوا أينما شئتم، ولكن لا تموتوا بيننا
فلنا في أرضنا ما نعمل
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الأول
ولنا الحاضر، والمستقبل
ولنا الدنيا هنا... والآخرة
فاخرجوا من أرضنا
من برنا.. من بحرنا
من قمحنا.. من ملحنا.. من جرحنا
من كل شيء، وأخرجوا
من مفردات الذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابرة.
ومن كلمـات محمـود درويش، إلى كلمات تميم البرغوتى:
نَحْنُ ذَوو المَوْتِ إذا المَوْتُ اْنْتَسَبْ
نَحمِى هَوَاءَ السَّرْوِ مِنْ أَنْ يُغْتَصَبْ
وَقُبَّتَيْنِ مِنْ رَصَاصٍ وَذَهَبْ
إرْثَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبْ
وإرثَنَا المأَثُورَ مِنْ أَبٍ لأَبْ.
ويقول البرغوتى أيضا:
والقدس تعرف نفسها،
اسأل هناك الخلق يدْلُك الجميعُ
فكلُّ شيء في المدينةِ
ذو لسانٍ، حين تَسأَلُهُ، يُبينْ
ويقول الشاعر سميح قاسم:
أنا ملكُ القدسِ. نجلُ يبوسَ. وريثُ سلالةِ كنعانَ. وحدي
خليفةُ روحِ النبى القديمِ الجديدِ محمَّدْ
أنا ملكُ القُدسِ. لا أنتَ، ريتشاردْ!
أنا ملكُ القُدسِ، فاسحَبْ فلولَكْ
مِيراثى صعبٌ. ولحمى مُرٌّ
فأطعِمْ قطيعَ جيوشكَ لحمَ الكلابِ،
وأطعِمْ قطيعَ الكلابِ.. خيولَكْ
هذه بعض نمـاذج مختـارة من شعـر شعــراء فلسطين، وستظل القـدس لما لهـا من أهمية عند المبدعين مصدرًا للإلهام، ولا يقتصر حب القدس على شعراء فلسطين بل تعداهم إلى العالم العربي، وفى هذا المضمـار كتب الشـاعر على محمــود طه:
أخى إن في القدس أختًا لنا
أعد لها الذابحون المدى
أخى قم إلى قبلة المشركين
لنحمى الكنيسة والمسجدا !!
لقــد حظيت القدس باهتمـام الشعــراء العرب، في أقطــار الــوطـن العربي حتى في المهجر، فنظـم الشعـراء أبهى القصائـد في التغني بهــا والدفــاع عنها، وتأكيد الأمـل في خلاصها من أذى العدوان الصهيوني، ولم يقصر الشعــراء شعرهــم على التغنى بالقــدس فقط، وتصـويـــر مـآسي الشعب الفلسطيني، وما لحق بــه من مجــازر وتهجيــر واحتلال لأرضـه وفضح شراســة العـدو الصهيوني في إلحاقــه الأذى بالشعب العربي في فلسطين واحتلاله الأرض، بل وصل الأمــر إلى التنديد بتقصيــر العرب في العمــل على تحرير القدس، والدفاع عن فلسطين كما جاء في شعر مظفر النواب الذى يتضح موقفه في قصيدته الشهيرة القـدس عروس عروبتكم.
وينـدد الشاعر القــروى رشيـد سليم الخورى من مهجره في أمريكا بوعد بلفـور فيقـول:
فاحسب حساب الحق يا متجبر، مهج العباد خسئت يا مستعمر
اليوم تفتخر العلى أن تثأروا، تأبى المروءة أن تنام ويسهروا
في النهـايـة نتمنى أن تتـوحــد كلمــة العرب لتخليص القــدس من مؤامرات المحتــل، وأن نردد مع الشاعـر عبدالوهاب البياتى:
أنا لن أموت
مادام في مصباح ليل اللاجئين
زيت ونار عبر مقبرة الحدود
حيث الخيام الباليات
كأنها في الريح لافتة تشير
إلى طريق العودة الدامي القريب
وأن نردد أيضا مع الشاعر نزار قبانى:
يا قدسُ.. يا مدينتي
يا قدسُ.. يا حبيبتي
غدًا.. سيزهر الليمون
وتفرحُ السنابلُ الخضراءُ والزيتون
وتضحكُ العيون..
وترجعُ الحمائمُ المهاجرة..
إلى السقوفِ الطاهرة
ويرجعُ الأطفالُ يلعبون
ويلتقي الآباءُ والبنون
على رباك الزاهرة..
يا بلدي..
يا بلد السلام والزيتون