تناولت وسائل الإعلام العبرية، المواجهات الحالية والتصعيد المتوالي من إسرائيل تجاه القدس وبالأخص في حي الشيخ جراح، وبين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، والتنديدات العربية لما يحدث بالقدس والاراضي المحتلة، مؤكدين على أن جولة التصعيد الحالية أنهت محاولات "كتلة التغيير" بتشكيل الحكومة الجديدة.
رأى محللون أن الأحداث كسرت القواعد بإنذارها إسرائيل بسحب قواتها من المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وإطلاق سراح المعتقلين، خلال ساعتين، وبإطلاق صواريخ باتجاه القدس.
وبحسب محلل صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، فإن "الفصائل المسلحة في غزة شرعت عمليا بمعركة إقليمية ضد إسرائيل، وهي لا تشمل غزة فقط وإنما أجزاء من الضفة الغربية، عرب شرقي القدس وقسما من عرب إسرائيل، وهي لا تهدد بتجنيد لعمليات إرهابية الفصائل في القطاع فقط، وإنما المجتمع الفلسطيني كله، وبكافة أذرعها في المنطقة".
وأضاف أن "حلم رئيس حركة حماس يحيى السنوار في غزة يجب تحطيمه قبل أن يولد، فقد خطط زعيم حماس في غزة للمعركة الحالية من أجل كسب إنجاز سياسي ووضع حماس، ونفسه، على رأس الأمة الفلسطينية وينبغي منع ذلك، وهذا هو هدف الكابينيت"، أى الحكومة الإسرائيلية المصغرة للشئون السياسية والأمنية.
وأضاف فيشمان أنه "إذا انتهت المواجهة الحالية خلال يوم أو اثنين، وحتى لو تم خلالها تدمير عشرات الأهداف، ولكن تبقى حماس واقفة على رجليها، فإن هذه ستكون عملية عسكرية انتقامية وحسب، لن تحقق إنجازا سياسيا ولا ردعا عسكريا، ويحظر على الكابينيت الاستسلام لضغوط دولية، وعليه أن يسمح للجيش الإسرائيلي إنهاء هذه العملية التي لربما تعيد بناء الجدار الحديدي مقابل غزة".
وحسب فيشمان، فإن هذا يعني "استهداف شديد للغاية لقدرات حماس العسكرية: قيادتها، ناشطيها، البنية التحتية والقدرات، وبضمن ذلك الأنفاق، والهدف الثاني هو منع إصابات في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بواسطة حماية فعالة وعناية صحيحة بالسكان في مناطق القتال، وبضمن ذلك الاستعداد لإخلائهم، وثمة هدف إستراتيجي: إنشاء وضع يعود فيه توازن القوى بين السلطة الفلسطينية وحماس إلى وضعه الطبيعي، وإسرائيل تجري مفاوضات مع الفلسطينيين بواسطة السلطة".
واعتبر أن "هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها بيوم ولا بيومين، ومنذ صعود حماس إلى الحكم في القطاع، فضلت إسرائيل حلولا مريحة لأمد قصير، ولم يكن لديها النفس الطويل المطلوب من أجل تحقيق نتائج أكثر استقرار لأمد طويل، واليوم أيضا، لا توجد حكومة لتتخذ القرارات التي تسمح بمعركة تحقق إنجازات كبيرة".
كذلك اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن "خطوات حماس غير مألوفة للغاية، الإنذار وإطلاق الصواريخ باتجاه القدس".
ورأى هرئيل أنه "توجد تسويات ذات وزن ثقيل ضد الانجرار إلى عملية عسكرية واسعة، على غرار الجرف الصامد، أولا، العملية العسكرية الأصلية قبل سبع سنوات لم تحقق الكثير، مثلما يعلم الأشخاص الذين قادوها، بنيامين نتنياهو وبيني جانتس وافيف كوخافي.
ثانيا، إسرائيل التي تهدد الآن بالانتقام من حماس، هي التي رعتها طوال سنين في القطاع، من خلال معاملة تتنكر لخصومها في السلطة الفلسطينية، وثالثا، الجهة التي ستتخذ القرارات هنا هي حكومة متخاصمة، ونصف الجمهور على الأقل فقد الثقة بشكل كامل برئيسها".
وأضاف هرئيل أن "نتنياهو سيصطدم بمصاعب المناورة مقابل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي أيضا، واهتمت إدارة بايدن بالتعبير عن استيائها من الخطوات الإسرائيلية الأخيرة في القدس، في الشيخ جراح، وبايدن لن يكون غير مبالٍ لإطلاق المقذوفات على مواطني إسرائيل، لكنه لن يدعم بشكل أعمى أيضا أي خطوة عسكرية إسرائيلية".
وأشار هرئيل إلى أن الرجل المركزي من وراء أحداث الأسبوع الأخير هو قائد كتائب القسام، محمد ضيف.
وأضاف أن السنوار، الذي كان بين قادة القسام، وأصبح يوصف في إسرائيل بأنه معتدل، "لكن شيئا ما تغير على ما يبدو في توازن القوى الداخلي في حماس، وربما أنه بعد الانتخابات على قيادة حماس أيضا، التي انتهت بفوز ضعيف جدا للسنوار وحماس، وخلافا لتوقعات الجيش الإسرائيلي من الأمس، عملت بصورة واسعة ومستفزة ضد إسرائيل".
وتوقع هرئيل أن تشدد الشرطة الإسرائيلية عدوانها ضد المقدسيين في المسجد الأقصى، بعدما قال المفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، منذ أيام، إن الشرطة كانت "لينة جدا" في المواجهات في المسجد الاقصى في الأيام الماضية.
ووصف المحلل السياسي في صحيفة "معاريف"، بن كسبيت، إطلاق الصواريخ من القطاع إلى القدس بأنها "صورة الانتصار الفصائل المسلحة"، وأضاف أنها تأتي "نتيجة مباشرة لسياسة نتنياهو، وبدلا من تنفيذ تعهده واستئصال أوكار الإرهاب في غزة، جعل حماس شريكا إستراتيجيا، وهو نما ودافع عن حماس بيد، وأهان وحقر وأقصى السلطة الفلسطينية باليد الثانية، لقد زرع مطرا، ونحن نحصد عاصفة الآن".
وأضاف أنه "ليس مؤكدا أن نتنياهو نفسه ذرف دمعة. ففي نهاية الأمر، حماس لجمت أمس تشكيل حكومة التغيير، وليس واضحا إذا كان هذا متعمدا أو منسقا، لكن هذه حقيقة. ولا يمكن للقائمة الموحدة ومنصور عباس إبرام صفقات سياسية فيما الحزب الشقيق (حماس) تخوض حربا مع إسرائيل، ونتنياهو يعلم ذلك بشكل ممتاز، ولو كان التفويض بتشكيل الحكومة بيده الآن، لأطلق حملة إعلامية لنفسه لتشكيل حكومة طوارئ بشكل ما".
وأردف كسبيت أن "التفويض ليس بيد نتنياهو، بحيث إنه يوجد خطر واضح وحقيقي أن تستمر جولة القتال التي ندخل إليها حتى نهاية مهلة التفويض الممنوح ليائيرلبيد، وليس دقيقة واحدة قبل ذلك. ففي نهاية المطاف، شراكة نتنياهو الإستراتيجية مع حماس أثبتت نفسها حقا. ليس لمصلحة الدولة، وإنما لمصلحة نتنياهو".
وأشار كسبيت إلى أن الحكومة الإسرائيلية تجاهلت تحذيرات جهاز الأمن بأن التوتر في القدس سيشعل غزة أيضا، "ومشعل الحرائق المدعو أمير أوحانا (وزير الأمن الداخلي)، امتثل أمس في مداولات تقييم الوضع وطالب بإجراء مسيرة الأعلام بمسارها الأصلي، والمفتش العام للشرطة الذي ينصاع لإمرته، اضطر إلى التجاوب".
وأضاف كسبيت أنه "مثلما حدث في العام ٢٠١٤ بالضبط، تأخر الجيش الإسرائيلي هذه المرة أيضا برصد محفزات حماس لإشعال الميدان وغرموا بالنظرية السابقة والتي تقول إن (حماس لا تريد الحرب)، وحماس فاجأت، وليس للمرة الأولى، وما تبقى لإسرائيل الآن هو محاولة إعادة الردع الذي فقدته، من دون التدهور إلى حرب. أو أنه يوجد أشخاص هنا الذين ستسرهم حربا صغيرة".
ورأى كسبيت أنه "ينبغي مراقبة أداء المحور بين رئيس الحكومة ووزير الأمن، بيني غانتس، في الأيام القريبة. فهذا ما تبقى من "المستوى السياسي"، الذي يفترض أن يوعز للمستوى العسكري بالمهمات ضد غزة. وتوجد مصلحة لدى غانتس بالتهدئة من أجل استبدال نتنياهو أخيرا. وما هي مصلحة نتنياهو؟ في الأيام العادية يسعى نتنياهو إلى التهدئة ويبتعد عن الحرب مثلما يبتعد عن النار. وهذه الأيام ليست عادية. هذه أيام رهيبة، يكون نتنياهو فيها مستعدا لفعل كل شيء، من أجل إنقاذ نفسه".