الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

كورونا تُحاصر عيد الفطر للعام الثاني.. البوابة نيوز ترصد اختفاء بعض العادات والتقاليد وميلاد أخرى جديدة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحتفل المصريون للعام الثاني على التوالي بعيد الفطر المبارك في وسط أجواء انتشار وباء "كورونا" كوفيد 19، ومع الموجة الثالثة من الفيروس، اتخذت الحكومة العديد من الإجراءات الاحترازية والوقائية لمنع التجمعات، ليمر عيد الفطر والمصريون تحت حصار الوباء.

لكن هذا العام وما يُخفف من أثر الوباء، سيحتفل المصريون بإقامة صلاة العيد بعدما انقطعت خلال العام الماضي بسبب الإجراءات الاحترازية، لكن ما سيُحرم منه المصريون أيضًا هي المتنزهات والحدائق العامة والشواطئ وقعدة كورنيش النيل والسينمات وغيرها من الأماكن الترفيهية التي ستُغلق بعد الساعة التاسعة مساءً، وهي التي اعتاد الكثير من الأسر المصرية الذهاب إليها، وإلى حد ما سيتم الاحتفال بعيد الفطر هذا العام في إطار عائلي محدود للحد من التجمعات الكبيرة، خاصة وأن الموجة الثالثة من الفيروس شديدة، ولا تُريد الحكومة الاتجاه لتشديد الإجراءات، لكنها تخشى من سيناريوهات انتشار الفيروس.
واستعدت جميع محافظات الجمهورية، لاتخاذ إجراءات صارمة بإغلاق الشواطئ والمتنزهات، ومنع التجمعات في الأماكن العامة وداخل القرى والمنتجعات السياحية، للتصدي لمحاولات بعض المواطنين الخروج للشواطئ، لما تُمثله التجمعات من خطورة في زيادة إمكانية انتشار فيروس كورونا.

عيد عائلي وزيارات للمقابر
يقول محمد خلف، رب أسرة، 31 سنة، إن هذه السنة ستكون مختلفة بشكل ما عن الماضية، وذلك لأن صلاة العيد ستكون حاضرة، وهي التي حُرم منها في العام الماضي، مضيفًا أنه سيصطحب سجادة الصلاة الخاصة به ويذهب إلى المسجد في الصباح الباكر كي يؤدي صلاة العيد، إضافة للكحول والمطهر، مؤكدًا على عدم اصطحاب طفلته رغم تعلقها بصلاة العيد وذلك حفاظًا عليها.
ويُضيف محمد خلف الذي يقطن في قرية نزلة المشارقة ببني سويف للبوابة، أنه سيحاول التقليل من زيارته العائلية واختصارها فقط على زيارة والدته فقط، مع اتخاذ كافة التدابير الاحترازية حرصًا على سلامتها، مشيرًا إلى أنه كان من عادة أهل قريته التزاور وتبادل التهاني بين كل منزل، لكن هذه العادة انقطعت لأول مرة العام الماضي، وسيتم قطعها خلال العام الحالي أيضًا.
ويُشير خلف إلى أن من عادة أهل القرية زيارة المقابر في صبيحة أول يوم العيد، وخاصة كبار السن من السيدات وبعض الرجال أيضًا، وكانت انقطعت هذه العادة العام الماضي، لكن أعتقد أنها ستكون متاحة خلال العام الحالي، مختتمًا حديثه بأنه ينصح جميع المواطنين بتلقي لقاح ضد فيروس كورونا أو اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية.
كما يقول عم صابر، يعمل مراكبي بإحدى المعديات على النيل، 55 عامًا، إنه حتى في ظل فيروس كورونا، لم تتخلى العائلات والأسر في قرية المطاهرة القبلية على زيارة المقابر الخاصة بهم والتي تقع في قرية النويرات، مشيرًا إلى أن أهالي قرية المطاهرة دأبوا على هذه العادة من سنوات طويلة، رغم أنهم يتحملون المشقة كونهم يضطرون إلى عبور المعدية عبر النيل للذهاب إلى المقابر الخاصة بهم.
ويلفت للبوابة، إلى أن فيروس كورونا تسبب خلال العام الماضي في خوف بعض الناس، لكن الأغلبية حرصت على عدم قطع هذه العادة، مشيرًا إلى أنه خلال العام الحالي انتشر ارتداء المواطنين الكمامات وإحضار الكحول معهم خوفًا على صحتهم من الفيروس.

لا صلاة للأطفال.. والمعايدات أونلاين
كما يقول خالد رزق، 45 عامًا، موظف بإحدى شركات قطاع البترول:" اعتدت أنا وزوجتي وأطفالي أداء صلاة العيد في الساحات، لكن حُرمنا منها في العام الماضي، وحتى العام الحالي ستتم الصلاة فقط في المساجد، لذا لن أصطحب أطفالي أو زوجتي".
ويُتابع للبوابة، أنه في ظل فيروس كورونا، تم فقدان الكثير من العادات ومظاهر الاحتفال التي تعودت عليها العائلة، أبرزها عدم التمكن من أداء الزيارات العائلية وتبادل التهاني، حتى أنه خلال العام الحالي لم نشتري ملابس جديدة للأطفال، موضحًا أنه خلال العام الحالي سيتم الاكتفاء بتبادل التهاني والمعايدات عبر الهاتف والموبايل وسنقضي العيد في البيت.
كما تُضيف صفاء جاد، ربة منزل، منطقة بولاق الدكرور، أن فيروس كورونا أجبرت معظم أفراد العائلة على قضاء وقت أطول في البيت، مشيرةً إلى أن عيد الفطر يتميز عن عيد الأضحى بأنه "عيد خروج" خاصةً إلى الحدائق العامة والمتنزهات أو أحيانًا السينما، وخلال العام الماضي تم الاستغناء عن الخروج والتزمنا بالمنازل واقتصرنا على الاستماع ومشاهدة الأفلام والمسرحيات.
وتُشير للبوابة إلى أن هناك إمكانية للاحتفال بهذا العيد هذا العام، خاصة في ظل فتح بعض المولات حتى الساعة التاسعة مساءً، وسوف نتخذ كل الإجراءات الاحترازية من أجل الحفاظ على أنفسنا وعلى الآخرين، لافتةً إلى شراؤها الكحول والمطهرات والكمامات من أجل أفراد عائلتها.

أناشيد صوفية.. وأزياء تقليدية
كما يقول محمد عُمير، أحد شيوخ قبيلة المساعيد بشمال سيناء، 40 عامًا، إن هناك تقاليد وعادات درج عوائل البدو والقبائل على إقامتها، وفي عيد الفطر تتلخص في تبادل المعايدات فور الانتهاء من صلاة العيد مباشرة بين الرجال في المسجد، وإن كان ذلك اختفى العام الماضي، لكن هذا العيد ستتم إقامة الصلاة في أحد المساجد الذي حددته وزارة الأوقاف.
ويُضيف للبوابة، أن العادة الثانية في احتفالات العوائل والقبائل هي التحرك في مجموعات نحو البيت الكبير للجد أو شيخ العائلة لمعايدته، ومن ثم معايدة من حضر، وبذلك يكون بيت الجد أو شيخ العائلة نقطة التقاء للجميع، وخلال العام الماضي، لم يتم إتباع هذه العادة، لكن العام الحالي سيتم اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية والالتزام بالكمامات من أجل الحرص على أداء هذه العادة مرة أخرى.
ويُكمل عُمير، أن هناك أيضًا المعايدات التي تتم في زوايا الطرق الصوفية، وخلالها يحضر المُنتسبين للطريقة الصوفية أو الزاوية فرادى أو في مجموعات نحو المقر الرئيسي لكل زاوية ومعايدة بعضهم، إضافة لتخصيص الوقت للمديح والإنشاد الديني، وخلال العام الماضي حُرم المُنتسبين من الطرق الصوفية من أداء هذه الشعائر الاحتفالية، وأعتقد أنه خلال هذا العام لن يتم الاحتفال بها إلا في المساجد الكبرى فقط، وسوف يتم الاقتصار على بعض الأفراد فقط من المُنتسبين للطريقة الصوفية.
ويُوضح، أنه في عيد الفطر يحرص البدوي على ارتداء زيه التقليدي المُكون من الثوب الأبيض، وأحيانًا يكون باللون الأصفر أو الأزرق أو غيرها من الألوان، إضافة لارتداء عمامة الرأس البيضاء أو المنقوشة بالأحمر وتسمى "العقده" و"الغترة" بالنسبة للرجل، أما السيدات البدويات فكن يحرصن قديمًا على ارتداء الأثواب المُطرزة محليًا، لكن حاليًا يرتدين العبايات السوداء الخليجي.

تدابير احترازية في العيد
وقد تضمنت قرارات مجلس الوزراء الصادرة خلال شهر مايو الجاري، للتعامل مع الموجة الثالثة من فيروس كورونا، تحديد مواعيد غلق لكل المحال والمولات التجارية والمقاهي والكافتيريات والمطاعم ودور السينما والمسارح وما يُماثلها في الساعة 9 مساء، بدأت في 6 مايو وتستمر حتى الـ20 من الشهر الجاري، وذلك للعمل على الحد بصورة كبيرة من التزاحم الكبير الموجود في هذه المنشآت.
وبحسب رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، فإن الحكومة اضطرت إلى اتخاذ مجموعة من القرارات والإجراءات، للتعامل مع جائحة كورونا خلال الأيام القليلة المُقبلة وهي فترة استثنائية، بعد ما رصدته من تزايد حركة المواطنين وترددهم على مختلف المحلات التجارية، وكذا لطبيعة العادات الاجتماعية المتعارفة خلال أيام الأعياد، والتي يُنتج عنها ازدحام في الشوارع، إضافة لما لوحظ من عدم التزام المواطنين بتطبيق الإجراءات الاحترازية.
وأشار مدبولي إلى أن هذه القرارات تأتي في إطار حرص الدولة على تجنب حدوث أي ظروف قد تمر بها الدولة في هذه المرحلة الاستثنائية خلال الأيام المقبلة، وكي يتم ضمان استمرار الأمور في نطاق السيطرة، وكي لاتحدث أزمة خلال هذه المرحلة، وتجنب الوصول إلى الحد الأقصى من طاقة المستشفيات والأسرّة.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن خلال إجازة عيد الفطر التي تم الاستقرار عليها من يوم 12 وحتى 16 مايو الجاري ولمدة 5 أيام، سيكون هناك إغلاق كامل للحدائق والمُتنزهات والشواطئ العامة، كما سيكون هناك حد من استخدام الحافلات الجماعية، وأتوبيسات الرحلات، التي تستهدف الذهاب إلى الشواطئ، حيث سيكون هناك حوكمة لعمل هذه الحافلات خلال إجازة العيد، بينما ستعمل وسائل النقل العادية والسيارات بصورة طبيعية.
وفيما يخص صلاة العيد، فإنه تم التوافق على أن يتم التعامل معها مثل صلاة الجمعة، حيث سيُسمح بصلاة العيد فقط في المساجد التي يقام فيها حاليًا صلاة الجمعة، وبنفس الإجراءات الاحترازية، التي تتم في صلاة الجمعة، وأيضًا مع حظر اصطحاب الأطفال، بحسب رئيس الوزراء، مؤكدًا أن هذه الإجراءات تم اتخاذها في هذه الفترة نظرًا للخصوصية التي يتمتع بها المجتمع المصري، وأنه سيتم تقييم الوضع الوبائي بعد انتهاء مهلة الأسبوعين، ثم يتم تحديد مدى الاحتياج لمد مثل هذه الإجراءات لفترات أخرى من عدمه.

قرارات مهمة للغاية
من جهته، يقول الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية، إن قرارات مجلس الوزراء مهمة للغاية وناتجة عن اجتماع اللجنة العليا لإدارة أزمة كورونا، موضحًا أنها تستهدف زيادة الحرص والوعي وتقليل احتمالية إصابة المواطنين بفيروس كورونا.
ويُضيف تاج الدين للبوابة، أن الإجراءات تصب في مصلحة الدولة وكل مواطن في مصر، مشيرًا إلى أن الدولة تتابع تنفيذها بكل دقة؛ لأنها في منتهى الأهمية خلال تلك المرحلة.
ويُشير إلى أن القرارات تشمل كل المحافظات على عموم الجمهورية وتخص كل المواطنين والأماكن في مصر، دون تخصيص لأي مكان بعينه، منوهًا إلى أن مصر في المرحلة التصاعدية للموجة الثالثة لفيروس كورونا.
وعن الوضع الوبائي لفيروس كورونا بمحافظات الصعيد، يلفت مستشار الرئيس للصحة إلى أن إصابات كورونا تشهد زيادة تعم كثيرًا من المحافظات في مقدمتها القاهرة الكبرى، مؤكدًا أن الوضع تحت السيطرة، فضلًا عن توافر كل الإمكانيات والطاقات اللازمة لرعاية الموقف في تلك المرحلة.
الجميع يتحمل المسئولية
كما يقول الدكتور عادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، إنه خلال العام الحالي الحظر جزئي، إذ تم التوافق على ميعاد معين لإغلاق المحال والمقاهي والكافيهات وغيرها من المُتنزهات، بخلاف العام الماضي الذي كان حظرًا كليًا استمر طوال شهر رمضان وعيد الفطر.
ويُضيف للبوابة، أن اللجنة العليا لإدارة أزمة كورونا اتخذت هذه الإجراءات حفاظًا على صحة المواطنين، خاصة وأن أعداد المُصابين ارتفعت من تحت الـ500 حالة يوميًا إلى أكثر من ألف في اليوم، وهذا ما استدعى القلق على الوضع الوبائي في البلاد.
ويُشير عامر إلى أن الحكومة لجأت لهذه الإجراءات وإن كانت ليست بحدة العام الماضي مراعاة للحالة الاقتصادية للمواطنين، ففي عيد الفطر العام الماضي أغلقت المحال والمولات والمقاهي وغيرها لأكثر من 12 ساعة يوميًا، لكن في عيد الفطر الحالي سيكون الإغلاق لمدة 10 ساعات فقط بدءً من الساعة التاسعة مساء وحتى السادسة صباحًا.
ويُشيد مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، بقرارات الحكومة التي راعت الوضع الوبائي للبلاد، والحالة الاقتصادية أيضًا، خاصة وأن هناك زيادة في أعداد الحالات المصابة بفيروس كورونا، وتخشى الدولة من انهيار النظام الصحي الذي يعدّ حائط الصد المباشر أمام انتشار فيروس كورونا.
وعن تأثير مثل هذا الإغلاق على المحال والمولات وغيرها، يرى عامر، أن هذه مثل "حالة الحرب" والتي حتمًا سيكون فيها خسائر، وبالتالي فإن الدولة ستتحمل جزء والمواطن جزء وأصحاب الأعمال جزء من أجل عبور هذه الأزمة العنيفة. مضيفًا أن هذه ضريبة مخففة وعلى الجميع الالتزام والحرص على كل الإجراءات الاحترازية، لأن أي مماطلة أو عدم مراعاة للتدابير الاحترازية ستعود على الجميع بخسائر كبيرة سواء على الحكومة أو المواطنين.

تأثيرات سلوكية ونفسية
من جهته، يقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي بجامعة القاهرة، إنه بلاشك ستكون هناك تأثيرات سلوكية ونفسية على حياة المواطن نظرًا لقضائه عيد الفطر للعام الثاني على التوالي في أجواء الحظر والإغلاق التي فرضتها أجواء وباء فيروس كورونا.
ويُضيف للبوابة، أن التقاليد والعادات المصرية لن تتأثر بغيابها عام أو عامين، ولكن تأثيرات الإغلاق ستكون لها تبعات على سلوكيات الإنسان، ذلك لأن العمل باستمرار وفي أجواء شهر رمضان إضافة لارتفاع درجات الحرارة تتطلب حصول الإنسان على إجازة وقضاء وقت لطيف سواء في المتنزهات أو الحدائق أو على الشواطئ، ولكن هذا سيُحرم منه المصريين بسبب الوضع الوبائي.
ويُشير فرويز إلى أن ذلك قد يتسبب في ارتفاع بعض أعراض الاكتئاب على الإنسان وبعض الخمول نظرًا لعدم حصوله على ما يكفي من الإجازة من العمل، كما أن سوف تُؤثر على العلاقات داخل الأسرة، لذا لا بد من العمل على التخلص من الشعور النفسي بالضيق أو الاكتئاب عن طريق الحوار الأسري أو ممارسة الرياضة داخل المنزل أو الانشغال بأي شيء يبعد الإنسان عن السلوكيات السيئة.
ويلفت استشاري الطب النفسي إلى إغلاق المتنزهات والحدائق بشكل دائم خلال إجازة العيد، والمولات والمسارح والسينما والشواطئ في التاسعة مساء، سوف يشجع الأسر على القيام بالزيارات العائلية. وينصح فرويز المواطنين بضرورة إتباع الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا، خاصة وأن الموجة الثالثة خطيرة وسريعة الانتشار بصورة كبيرة.