مطلوب إنشاء بورصة عربية موحدة.. ومركز دراسات اقتصادية لاستكشاف الثروات
التكامل الاقتصادى العربى ضرورة لمواجهة أزمات المنطقة وخفض الاستيراد.. وجهاز التسويق العربى سيزيد الصادرات ويحسن من تنافسية المنتجات.
طالب السفير محمد الربيع، الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية في حوار خاص لـ"البوابة نيوز" بضرورة إنشاء بورصة عربية موحدة تساهم في جذب استثمارات عربية ودولية ومحلية وتعمل على إنشاء مشروعات عملاقة في مجال الصناعة والتجارة والزراعة.
وأكد الربيع أهمية التكامل والتكاتف العربى في شتى المجالات والتى يأتى في مقدمتها استكشاف الثروات والمعادن والخامات في الدول العربية التى تعتبر ركيزة أساسية لأى صناعة متميزة في العالم، مشددا على ضرورة التفاف الشعوب العربية حول قياداتها وتعميق التجارة البينية بين الدول العربية بشكل يساهم في ترويج وتسويق المنتج العربي.
وطالب بضرورة تبنى شعار صنع في الوطن العربي، مؤكدا أنه من غير المعقول أن يكون حجم التجارة البينية بين الدول العربية لا يمثل إلا 6%، في حين نستورد 94 % من احتياجاتنا من خارج الوطن العربي، مطالبًا بالتكامل العربى في الاستثمار والصناعة والتجارة وتطوير الأيدى العاملة العربية من أجل بناء اقتصاد عربى قوى.
■ في البداية.. لماذا لم يتم إنشاء بورصة عربية موحدة حتى الآن؟
- للأسف الشديد لم يتم إنشاء بورصة موحدة حتى الآن، نظرا لاختلاف الظروف والإمكانيات الاقتصادية بكل دولة عن شقيقتها العربية، فضلا عن ذلك فإن هناك ٧ دول عربية ليس لديهم بورصات محلية بالرغم أن وجود بورصة على الأقل لكل سلعة أصبح ضرورة ملحة للغاية للكيان العربى في ظل التكتلات الاقتصادية الدولية والتحكمات التى تقوم بها الشركات متعددة الجنسيات في الاقتصاد الدولى ونشر ثقافة الاستهلاك التى لا تخدم إلا مصلحة هذه الشركات فقط.
■ ماذا عن ثروات الدول العربية وكيفية الاستفادة منها؟
- الدول العربية تمتلك ثروات هائلة وضخمة ومتنوعة لكن رغم ذلك لم نستفد بالشكل المطلوب والايجابى حتى الآن، حيث تقوم الدول الخارجية باستيرادها كمواد خام وبأسعار زهيدة للغاية ثم تصدرها لنا بعد إعادة تصنيعها بمائة ضعف سعرها الذى بيعت به، وهو ما يجعل الدول التى تملك الخامات لا تستفيد من مواردها وتستمر في تردى حالتها الاقتصادية وفقرها الشديد وهو ما يستلزم مراجعة هذه التصرفات بقدر الإمكان وتحقيق أقصى فائدة من هذه الخامات.
■ ولكن كيف ترى الإستراتيجية العربية للتكامل الاقتصادى بين الدول العربية؟
- في الحقيقة هناك قوى خارجية تعرقل الاتفاق على هذه الاسترتيجية وتستفيد من التفرقة بين الدول العربية وهو ما حدث بالفعل في السوق العربية المشتركة التى لم تتم حتى الآن، ولذلك أنادى وأناشد الشعوب والقيادات العربية من أجل التوصل لإستراتيجية تخدم كافة الدول العربية وتعمل الاستفادة من ثرواتها وزيادة نسبة التجارة البينية والرجوع لقول الله تعالى "واعتصموا بحل الله جميعا ولا تفرقوا" كما لا يوجد لدينا مركز لرصد الأزمات، ولا يوجد لدينا مركز بحوث ودراسات اقتصادية تعمق الرؤية أمام القادة والحكومات والقطاع الخاص للدخول في صناعات دقيقة وعملاقة تحقق الاكتفاء الذاتى للشعوب العربية وترفع من القدرة التنافسية لمنتجاتها، فعندنا السليكا التى تدخل في صناعة عدد كبير جدًا من الإلكترونات والطاقة الجديدة والمتجددة، تذهب من دولنا بـ ٢٠ دولارًا للطن ثم تعود إلينا مصنعة بـ ٢ مليون دولار.
■ ماذا عن دور الجهاز العربى للتسويق التابع لمجلس الوحدة الاقتصادية؟
- الجهاز العربى للتسويق يستهدف تسوق المنتجات والسلع العربية سواء كان ذلك داخل الدول العربية أو في أسواق الدول الخارجية فضلا عن ذلك فإن هذا الجهاز سيعمل على استكشاف متطلبات الأسواق الخارجية، وبالتالى إنتاج سلع عربية تناسب احتياجات تلك الأسواق إلى جانب تعميق التجارة البينية بين الدول العربية واستحواذ المنتجات العربية على حصة حاكمة وكبيرة داخل أسواقنا المحلية مشيرا إلي أن ذلك ظهر جليا بعد أزمة كورونا حيث إن الخضروات والفواكه المصرية قامت بسداد احتياجات دول الخليج من هذه المنتجات وهو ما يصب في زيادة نسبة التجارة البينية العربية.
■ هل يشهد الاقتصاد العربى مرحلة جديدة بعد كورونا؟
- بطبيعة الحال كورونا ستؤثر بشكل كبير على اقتصاد الدول المتقدمة مما يحتم على الدول العربية ملء الفراغ الذى تتركه هذه الدول وزيادة الإنتاج وجذب الأموال العربية المهاجرة وإقامة مشروعات عملافة تحقق الاكتفاء الذاتى والأمن الغذائى وتصدير الفائض من الإنتاج للخارج.
■ ما تقييمك للاقتصاد المصرى؟
- الاقتصاد المصرى بخير جدا ويسير بخطوات ثابتة لأن له جذور وقاعدة كبيرة، ومن الممكن أن يكون قاعدة قوية ومرتكز وسند لكافة الاقتصاديات العربية وهذا ظهر جليا في حرب ١٩٧٣ عندما اتحد العرب فأوقفوا التجارة العالمية واستخدموا سلاح النفط ويجب اعادة دورها الحقيقى بعد ان تحول العرب إلى مستهلكين، فيما يتعلق بالسلع الضرورية كالقمح والألبان والسكر والزيوت والأدوية ودخول الأمة العربية بأزمات وانقسامات سياسية أضعفت التكامل الاقتصادى العربى والوحدة الاقتصادية العربية والسوق العربية المشتركة، في حين تمكنت الشركات الأجنبية من السيطرة على الأسواق العربية وتحولت كل الدول العربية بلا استثناء إلى دول مستوردة، إلى أن جاء ما يسمى بثورات الربيع العربى وأحدثت زلزالًا أثر بشكل كبير على المكتسبات الاقتصادية لكل الأمة العربية دون استثناء سواء تلك التى أصابتها أو التى لم تصبها خاصة أننا دول متقاربة جغرافيًا وما يمس دولة تتأثر بها الدول الأخرى.
وبعد ذلك جاءت ثورة ٣٠ يونيو بزعامة وقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى استطاع بجهده ومثابرته وطموحه أن يضع برنامجًا تنمويًا ينهض بالاقتصاد المصرى ويعيد هيبته وانتماءه الوطنى وتقنين وضعه.
■ ما هى ملاحظاتك على البيئة الاستثمارية والخدمات المتاحة في مصر؟
- ما نشهده اليوم بمصر في كل مناحى الحياة وفى جميع المجالات من المشروعات القومية للنقل والصناعة والاستثمار والبنية التحتية واستحداث المدن الجديدة والذكية، يؤكد أن هناك اقتصادًا قويًا بدأ يعيد قدراته وإيجابياته ويتجاوز ما طرأ عليه عبر سنوات عدة، فنرى الآن حجم الصادرات المصرية الذى بدأ في التزايد والواردات بدأت في التناقص، ونحن كمواطنين ومستهلكين نرى ذلك بأنفسنا.
ونحن نحيي الرئيس السيسي ونحيي الحكومة والقطاع الخاص المصرى، لعمل منظومة اقتصادية متكاملة استطاعت أن تتناغم وتنسجم لعمل قاعدة اقتصادية قوية، لا بد أن ترتكز عليها كل الدول العربية لتشكيل تكتل اقتصادى قوى كبير في مواجهة العولمة والتحالفات الاقتصادية التى بدأت وضع أقدامها على كل مكان يوجد به مورد اقتصادى.
■ ما تقييمك للبنية التحتية بمصر وهل تعمل على جذب الاستثمار العربى؟
- مصر هى الجسد الكبير الذى يجب أن نلتف حوله ونقويه ونتقوى من خلاله، فهذه هى مصر التى يجب أن يلتف حولها كل الشعوب العربية والتى يجب أن تعمل على إنشاء مشروعات صناعية وزراعية تجذب كل الرؤوس العربية لتعود سواء كانت الحكومية أو القطاع الخاص لكى تستثمر في مصر وأن نغطى كل الاحتياجات للمواطن العربى وللأمة العربية من بنية تحتية وصناعة لأن مقومات الصناعة موجودة في الوطن العربى الذى لا ينقصه موارد.
■ من وجهة نظرك كيف نتغلب على الأزمات العربية مثل أزمة المياه وسد النهضة؟
- أعتقد بما لا يدع مجالا للشك أن أزمات المياه بدأت تتفجر في دول عديدة مثل العراق وتركيا وإثيوبيا ومصر والسودان وهناك نزاعات ستنشأ مستقبلا تسمى بحروب المياه، وهو ما ستعانى منه دول عديد لذلك يجب إنشاء إدارة عربية للتعامل مع الأزمات وتحقيق التكامل لمواجهة أي اعتداء على أي دولة عربية.