الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المحليات المفترى عليها والمفترية علينا!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اعتدنا أن نكيل الاتهامات للمحليات إذا وقعت وقائع الفساد، وظهرت آثاره في المباني والطرقات، كما اعتادت الوزارات المختلفة أن تعلق مشكلاتها على شماعة المحليات، بل إن الدولة نفسها جعلت من المحليات ندا لها، تتهمها بعرقلة مشاريعها لتنمية المجتمع وتضعها في مواجهة الشعب وجها لوجه، وتتهمها بما يتهمه بها الشعب، وأقرت بذلك حتى قالت على لسان أحد أقطاب نظامها في عهد مبارك "إن الفساد للمحليات للركب!!".
المحليات المتهمة دائما، لم نسأل أنفسنا كيف وصل بها الحال إلى ما آلت إليه الآن، من تردي في وظائفها، وتدهور في أدائها، ولم نكشف عن تقصيرنا نحوها، وهل فعلا وفرنا لها السلاح المناسب قبل أن نقذف بها إلى أرض الوغي!؟، وتركناها وجها لوجه مع المواطن يتقاتلان ونذرف عليهما الدمع تارة أو نكيل لأحدهما الاتهام تارة أخري.
وسلاح المحليات هو الأدوات والمعدات التي تمكنها من أداء دورها في خدمة الوطن والمواطن، فبدون هذه الأدوات تصبح المحليات عرجاء بلا قدمين، كتعاء بلا يدين، وكأنها جندي ألقيت به في جبهة القتال دون سلاح، يدفع به عن نفسه، أو يدافع به غيره !.
المحليات التي نالها مني كثيرا سهام وطعان في مقالات سابقة، ساقني حظي الطيب أن ألتقي بأحد رجالها رئيس إحدي الوحدات المحلية الكبرى في القليوبية، فكشف لي عن أوجاع الكيان الذي أصبح أحد المسئولين فيه، فالرجل الذي يشق على نفسه في عمله كثيرا مستغلا عنفوانه وشبابه ورغبته في الاجتهاد في عمله، لم يسلم من نقد المنتقدين وكنت أولهم. حتى كشف لي عن جراح يعانيها هو ورؤساؤه بسبب قلة إمكانيات المحليات المفتري عليها.
فالسكك الحديدية تطالب المحليات بحماية ما بداخل أسوارها وتنظيفها من اعتداءات المستهترين من المواطنين، لأنها لا تريد أن تعين أمنا خاصا بها، لحفظ ممتلكاتها من الاعتداء عليها، ومثلها شركة مياه الشرب والصرف الصحي تطالب المحليات بحراسة أغطية غرف تفتيش الصرف الصحي من السرقة، بما يتسبب في وقوع الأطفال والكبار في بالوعاتها، لأنها لا تريد أن تبتكر حلولا لهذه المشكلة التي طال أمدها. بل إن المواطنين أنفسهم إذا جري عطل أو انسداد لجئوا للمحليات للشكوى، متناسين أن شركة المياه والصرف الصحي أصبحت شركة قابضة ومستقلة.
نفس الأمر مع شركة الكهرباء، فإذا وقع أحد الأعمدة، أو مال على جدار من الجدران، وهدد البشر والحجر يتم اتهام المحليات بالتقصير رغم أن المحليات لا تمتلك الأجهزة والأوناش ولا اللوادر التي تمكنها من صيانة أعمدة الإنارة في الشوارع، والحفاظ عليها من السقوط، فتلقي شركة الكهرباء بالمسئولية على المحليات الفقيرة التي لا تمتلك من أمرها شيئا.
ويضيف: المسئولون بالزراعة يرون الاعتداءات التي تتم أمام أعينهم على الأراضي الزراعية، فلا يحركون ساكنا نحو ذلك،ولا يقومون بإبلاغ الوحدات المحلية لعمل الإجراءات اللازمة لوقف البناء المخالف، والتعدي على الأراضي الزراعية، ويتنصلون من مسئولياتهم في هذا الشأن ويلقونها على كاهل المحليات، وكأن المحليات بها موظفون قادرون على التحرك لحماية الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى عملهم الاعتيادي داخل الحيز السكني.
ومثلهم المسئولون بهندسة الري والصرف الزراعي، الذين يقومون بتنظيف المجاري المائية والترع، ثم لا يطالبون المقاولون التابعون لهم بالتخلص من نواتج التطهير من طمي وقمامة، فيتركونها على جوانب الطرق، فإما أن تقع مرة أخري في المجري المائي، أو تعرقل السير على الطريق العام المجاور للمجري، ومطلوب من المحليات أن تستكمل أعمال المقاول، وتقوم بإزالة الطمي المتراكم المخلوط بأكوام القمامة.
المحليات مطلوب منها أن تتحمل أعباء كل هذه الوزارات والجهات، دون أن يكون لديها عمالة كافية، أو معدات قادرة على تسهيل وإنجاز المطلوب منها، بل مطلوب منها تسوية الشوارع دون أن يكون لديها معدات قادرة على ذلك، بل ووقود كاف لتشغيل هذه المعدات.
سيظل المواطن هو الضحية الذي يدور في هذه الحلقة المفرغة، وإجباره على الاصطدام بالمحليات، وجعلها كبش فداء يفدي الجميع ولا يجد من يفديه، أو يدفع عنه سهام الرماة.