السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

محافظات

زوجها توفي منذ 27 عاما وترك لها طفلين.. الأم المثالية بالأقصر لـ"البوابة نيوز": "ضحيت بعملي كمحامية عشان أولادي ومش ندمانة.. وأويد الرئيس في ضرورة تخفيض تكاليف الزواج"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قرابة 27 عامًا قضتها السيدة "هناء فوزي"، في خدمة أسرتها الصغيرة، بعد وفاة زوجها وتنازلت عن حلمها في صنع كيانها الخاص، وفضلت الحفاظ على أسرتها والاستثمار في طفليها حتى كبرا وأتما تعليمهما الجامعي وأصبحا طبيبين كلً في تخصص مختلف، الأمر الذي جعلها تستحق لقب "الأم المثالية" في محافظة الأقصر.
وكانت قد أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي، عن فوز "هناء فوزي شحات صهيون" من مواطنات مركز أرمنت جنوب غرب الأقصر بلقب الأم المثالية الأولى على مستوى المحافظة لعام ٢٠٢١، وذلك خلال المؤتمر الإعلامي السنوي لإعلان نتيجة مسابقة الأم المثالية، تقديرا لتضحياتها بعد وفاة زوجها، وهي حاصلة على ليسانس حقوق 1984، وتبلغ من العمر 60 عاما وتوفي زوجها بعد 8 سنوات من الزواج لتصبح أرملة لمدة 27 عاما ورفضت مجرد التفكير في مسألة الزواج مرة أخرى وتفرغت لتربية وتعليم أبنائها ليصبحوا مثلما كان يحلم أباهم، وانتقلت الأم من القرية للمدينة للبحث عن عمل لسد احتياجات أبنائها خاصة وأن معاش الأب لا يكفي وكان الأبناء في مراحل التعليم المختلفة، وقامت بدور الأب والأم معا وظلت بجوار أبنائها تساندهم، حيث تخرجت ابنتها الكبرى في كلية الطب البيطري، فيما حصل الابن الأصغر على بكالوريوس الطب ودرجة الماجستير.
"البوابة نيوز" انتقلت إلى مركز أرمنت للقاء السيدة هناء فوزي، للاحتفاء بها بعد حصولها على الأم المثالية على مستوى محافظة الأقصر، حيث بدأت حديثها قائلة: "أنا عندي 60 سنة فأنا مواليد 1961، وأعمل محامية وكنت الابن الوسطى لأسرتي، تم تجهيزي مبكرا لحمل المسئولية فقد كنت أقوم بشئون البيت لأنه لم يكن يكبرني ولد، وجاء المرحوم والد أولادي ليخطبني وكان يعمل مدرسا، وتزوجنا وانتقلنا للعيش في عزبة الدكر بالرزيقات بحري بأرمنت، وعشنا 8 سنوات زواج من 1986 حتى عام 1994، حيث توفي زوجي في هذا العام، وفي يوم وليلة وبدون مقدمات لقي مصرعه في حادث سير ووجدت نفسي أم وأعول ولد وبنت، ولا توجد وظيفة براتب ثابت، ولا استطيع ممارسة مهنة المحاماة ولا افتح مكتب حتى أربي وأعول الطفلين، البنت لحظة الوفاة كانت 6 سنوات والولد 3 سنوات، وأنا كنت 30 سنة ومعي طفلين في هذا السن المبكر، ومن هنا بدأت مشوار الكفاح لحظة وفاة زوجي، وقابلت صعوبات كثيرة وعقبات ولكن ربنا وحده اللي كان بيسهلها".
وأشارت إلى أن أصعب الفترات التي مرت بها كانت تلك التي أعقبت وفاة زوجها، حيث وجدت تقصيرًا في النواحي المادية نتيجة لصغر معاش زوجها الذي بلغ حينها ١٧٦ جنيهًا في عام ١٩٩٤، فاضطرت إلى الانتقال من حاجر الرزيقات، القرية التي كانت تقيم فيها هي وأبنائها، وانتقلت للعيش بأرمنت المدينة حتى تستطيع أن تضع أولادها بمدارس جيدة وتحقق حلم والدهم في أن يحصلا على المؤهلات العليا، بحثا عن فرصة عمل مناسبة وضربًا بالعادات والتقاليد التي تمنع المرأة من العمل عرض الحائط لأجل أبنائها، بدأت خطوة بخطوة في سد احتياجات أبنائها في مراحل تعليمهم المختلفة، ولم ترضخ للأحوال المعيشية الصعبة التي كانت تحيط بها وأصرت على رفض كل محاولات ابنها للبحث عن فرصة عمل بجانب دراسته، وذلك حسب رؤيتها في أن يظل متفرغًا لتعليمه حتى يحقق حلمها وحلم أبيه.
وأضافت هناء قائلة "أصعب لحظة مرت على كانت وقت وفاة زوجي، تبدلت حياتي رأسا على عقب ولم يكن يشغل بالي حينها غير أبنائي، وكيف أصل بهما إلى بر الأمان وحدي، واحنا في مجتمع صعيدي والأرملة دائما تحت الميكرسكوب وخطواتي محسوبة، يرون مع من أتكلم ومع من أضحك، ولكن هذا لم يكن مهما بالنسبالي فأنا وضعت هدف أن أولادي يصبحوا حاجة كبرى إني أزرع وربنا يباركلي في زرعتي، إني أضع فيهم حب التفوق والتميز وافتخر بيهم وذلك يساوي كنوز الدنيا، فقد ضحيت بحلمي أن أكون محامية لديها مكتبا خاصا إلى أن رعاية أبنائي منعتني من ذلك، ولكني لم ولن أندم يوما واحدا على كفاحي مع أولادي، فلو عاد بي الزمن لاخترت نفس التضحيات، ومش ندمانة أبدا ولو لف الزمن ورجع بيا تاني هختار أبنائي، فأنا رفضت استقبال موكلين في منزلي ولقائهم في المحكمة لأن الأولاد من حقهم يعيشوا في بيتهم ملوك، كنت حاطة حدود لعملي في المهنة، وحريصة على أن يكون وقتي فقط لأبنائي أكون متواجدة في المحكمة لحظة وجودهم في المدرسة فقط ولازم يعودوا للبيت يجدوني هنا جهزت لهم أكلهم وأذاكر لهم، وكان هذا العبء المعنوي وكان هناك أيضا عبء مادي ولكن ربنا يقف مع الواحد طالما نيته خير".
وتابعت هناء، "السيدة التي يتوفى زوجها مفيش حاجة بتفرحها أو تزعلها سوى فرحة وزعل أولادها فقط، وهذا ما كان يحدث معي، أكتر حاجة بتفرحني هي نجاحهم، وقت امتحاناتهم كنت بصلي بالدموع والشموع عشان ربنا يوفقهم، وهما كانوا على قدر المسئولية وأسعدوني وبدأت أحصد ثمار ما زرعته، البنت واسمها "ريتا" دخلت كلية الطب البيطري وأصبحت دكتورة تحاليل، والولد "ريمون" التحق بكلية الطب وتخصص طبيب نساء وتوليد بمستشفى أرمنت التخصصي وتمر الأيام والبنت تزوجت وأنجبت ولد وبنت ربنا يبارك فيهم ويخليهم ليا، ولكن الفرحة الكبيرة عندما فكر أولادي في تكريمي من غير ما يقولوا وقدمولي في مسابقة الأم المثالية، واتصل بيا شخص من الرقابة الإدارية يوم الخميس الماضي، ليزف إلى خبر تكريمي، وهنا كانت المفاجأة ثم اتصلوا بابني وأكدوا علينا الحضور يوم السبت في وزارة التضامن الاجتماعي والتقينا بالوزيرة التي جبرت بخاطرنا واتصورت معانا والوقت مر بسرعة ومن بعدها لقاء الرئيس السيسي الذي أصر على لقائنا رغم مسئولياته وكل الظروف التي تمر بها مصر وأصر على تقديم وسام الكمال من الدرجة الثانية لنا.
وتابعت، أنه حين تم إبلاغها بفوزها بالأم المثالية لم تشعر من فرط السعادة والمفاجأة، مضيفة "أولادي قدروا يفرحوني ويخلوني قدوة أمام الناس ويقدروا تعبي طوال السنين اللي فاتت وهو دا قمة السعادة، ابنى الدكتور ريمون جهز الملف وقدم في مديرية التضامن الاجتماعي، ولم يبلغنى وتركها مفاجأة وكانت أجمل مفاجأة وسط فرحة الجيران الذين غمروني بفرحتهم، وفرحتي بتقدير أبنائى لتعبي لا تقدر بثمن.
وأشارت السيدة، إلى أن لحظة تكريمها وحصولها على لقب الأم المثالية عوضتها عن سنوات الألم وقسوة الأيام بعد وفاة زوجها، قائلة "لحظة لا يمكن وصفها، يكفي شعوري بأن أولادي قدروا تعبي معاهم طول السنين الماضية ولما عرفت إن فوزت في مسابقة الأم المثالية شعرت بفرحة هزتني ومكنتش مصدقة، كون إنك تبقى أم مثالية هذا شيء طبيعي وليس جديد لأن كل سيدة هي أم مثالية بتضحياتها وبما تقدمه لأبنائها حتى لو لم يتم تكريمها، وللكن أن تكون أم مثالية ويتم تكريمها من قبل الرئيس والوزيرة دا كان حلم بالنسبالي ودموعي نزلت لما شوفت الرئيس بعد ما كنا بنشوفه في التلفزيون، وأدعو من الله أن يجبر بخاطر الرئيس مثلما جبر بخاطرنا وأعلى شأننا وكرم المرأة في كل المحافل.
وأشادت هناء فوزي بتصريحات الرئيس السيسي حول ارتفاع تكاليف تجهيز العروس، مؤكدة أنها تتمنى أن يتم تعميم قرار بتحديد مصاريف الزفاف، لأن هناك بذخ وإسراف لا مبرر له في تكاليف العروس، وأنه لا مبرر للمغالاة ومش لازم أكون زي صاحبتي وزي بنت عمتي كل واحد وله ظروف، وفي الغالب هناك زواجات تفشل ويتقابلون في النهاية في محكمة الأسرة والنيش بيكون طول عمره زي متحف التحنيط، أنا محرمتش بنتي من حاجة لأنها فقدت أبيها مبكرا وكانت هتحس بنقص وفرق كبير عن قريناتها لو مجهزتهاش باللي هي تتمناه، ولكني في المطلق رافضة للفكرة واتمنى يرحموا الشباب والأهالي وهما لما يتزوجوا يبدأوا بأشياء بسيطة وهما لو في حب بينهم هيبنوا قصر بعد كدا.
ووجهت هناء الشكر للرئيس السيسي وللسيدة حرمه على اهتمامهما بالمرأة المصرية في كل المجالات، مؤكدة أن رسائل الرئيس الدائمة أكبر حافز للأسر على تحقيق ذاتهم، وأن المرأة تلعب دورا بطوليا في المجتمع على كافة الأصعدة، فهى طبيبة ومهندسة ومحامية ومديرة وغزت العمل المحلى محققة طموحاتها، وطالبت كل الأمهات بعدم البخل في التضحية، وبتقديم المثل لإخراج جيل قادر على نهضة مصرنا العزيزة في كل المجالات وتنمية الأقصر.
وفي ختام اللقاء، وجّهت الأم المثالية رسالة إلى الفتيات بقولها:"أنصح كل بنت تعرف إن لكل شيء نهاية، والنهاية لما بتكون سعيدة ده بكرم ربنا، لأنه هو اللي يقف جنبنا، اطلبوا من ربنا تكونوا على قدر المسئولية، بيسهلها ويوفر كل متطلبات الحياة، ورسالتي لكل أم تمر بظروف مثل ظروفي أن تصبر وتصمد وتقف شامخة وأن تضع نصب عينيها أبنائها ومستقبلهم ولا تنظر للخلف، وربنا يبارك في أولادنا جميعًا ويحميهم ويحمي البلد من كل الشرور".
وعن كيفية ترشحها للفوز باللقب، قال الدكتور ريمون مبارك شحاتة الابن الأصغر للأم المثالية، والدتي تستحق ما هو أكثر فهي ظلت بجانبنا تبذل الغالي والنفيس؛ من أجل تحقيق حلمنا، مشيرا إلى أنه وجد إعلان الترشيح على الإنترنت وقرر التقدم بتفاصيل تضحية والدته دون علمها منذ شهر، مؤكدا أنها لم تكن تعلم بالترشيح مطلقا وفوجئت بخبر الفوز عندما تم الاتصال بها من الرقابة الإدارية ووزارة التضامن الاجتماعي، وطلبها الحضور بالقاهرة لتكريمها، مشيرًا إلى أن تلك الخطوة يراها أقل تكريم لها مقابل حجم التضحيات التي قدمتها له ولشقيقته لعلو شأنهم في المجتمع وتحقيق أحلامهم، بعد أن صبرت على تربيته هو وشقيقته، وتحملت مشقات ومصاعب الحياة عقب وفاة والدهم لتكون بمثابة الأب والأم في الوقت ذاته.
من جانبهم، عبر عدد من محاميي الأقصر عن سعادتهم بحصول زميلتهم "هناء فوزي" على لقب الأم المثالية في الأقصر وتكريمها ضمن الأمهات المثاليات على مستوى الجمهورية، حيث قال المحامي أيمن ظريف، أن السيدة
هناء هي أم مثالية حقيقية كافحت كثيرا من أجل أبنائها خاصة بعد وفاة زوجها قبل بضعة عقود، وعانت كثيرا حتى تجعلهم ناجحين في المجتمع ونجحت في مهمتها، حيث تخرج أبنائها في كليات الطب، موجها التهنئة لها ولكل أمهات مصر بمناسبة عيد الأم، فيما أكد عبدالجواد عبدالحميد، أن السيدة هناء فوزي مثالا ونموذجا مشرفا ومحترما يحتذى به، وكانت بمثابة الأم والأب لأبنائها، وكانت تحارب وتكافح على جبهتين، الأسرة والعمل، ونجحت أن توازن بين الجبهتين لتحقق نجاحا كبيرا وعظيما، ويفخر أعضاء نقابة المحامين بها كثيرا وبما حققته فسعادتنا كبيرة وغامرة بفوزها كأم مثالية وهو تكريم لها على مسيرتها الناجحة وفخر لنا جميعا كمحامين.
وكانت الدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، قد عقدت مؤتمرا صحفيا لإعلان أسماء الأمهات المثاليات لعام 2021 على مستوى محافظات الجمهورية، وذلك وفقا للمعايير والشروط الموضوعة من قبل اللجنة المركزية المشكلة من ممثلي الجهات المعنية، حيث تقدم لهذا العام 496 "أما" للاشتراك بمسابقة الأمهات المثاليات على مستوى المحافظات لكل واحدة منهن قصة كفاح تستحق التكريم، ومن بينهن 305 متقدمات انطبقت عليهن الشروط.