الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سيد الحبايب يا بابايا إنت

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ضحكت صديقتي الغالية الدكتورة منى النموري أستاذ اللغة الإنجليزية بآداب طنطا، وهي تتذكر أنني منذ عام في عيد الأم كتبت "سيد الحبايب يا بابايا إنت" على غرار "ست الحبايب يا حبيبة". وبطبيعتي المرحة دعوت في عيد الأم لتبنِّي حملة "سيد الحبايب يا بابايا إنت". كنت أريد أن أدخل أبي وكل أب في الاحتفال، وأن نعتني به في هذا اليوم، ونكتب له هو أيضًا. أن نتذكره فهو عيد للأسرة جميعها. وهدية الأم في عيد الأم غالبًا ما يدفعها الأب لأطفاله ليحتفلوا بأمهاتهم، بالطبع لا توجد حتى الآن أغنية للأب تنافس أغنية فايزة أحمد "ست الحبايب يا حبيبة يا أغلى من روحي ودمي"، فكل أغنيات الأب لا تحمل هذا القدْر من دفء المعاني ولا التدليل والرقة التي تضاهي أغنية ست الحبايب. وجدتني أقفز على أغنية "سيد الحبايب يا ضنايا إنت"، وأكتب على فيس بوك في عيد الأم: "سيد الحبايب يا بابايا"، لكل أب تعب وصرف وعلم وسهر وزجر وأخفى دموعه وهو يزجر ويسب ليشد عود ابنه أو ابنته ثم يدخل إلى غرفة النوم غاضبًا ليس من ابنه أو ابنته، وإنما من نفسه لأنه استخدم القسوة في التوجيه بالصوت أو بالنظرة المتوعدة أو بالتجاهل.
رأيت من الآباء من يفعلون ذلك ثم يرسلون الأمهات ليطيبن خاطر أولادهم، رأيت وسمعت أكثر من أب يقول لزوجته: "روحي سكتيه، متخليهوش يعيط، روحي راضيها متخليهاش تنام متنكدة".. سمعتهم يتبرءون من عصبيته تجاه أبنائهم أمام الأمهات والألم يعتصر قلوبهم وهم يقولون: "نفسي يبقى أحسن واحد في الدنيا- نفسي تبقى أحسن واحدة في الدنيا والناس تحلف بيها وبأدبها". لا شك أننا نقدس الأم التي أوصانا بها الله تعالى في قرآنه: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير. وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تُطعهما وصاحِبْهما في الدنيا معروفًا" [لقمان 14-15]. وأوصى بها الرسول الكريم ثلاث مرات: "أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك". وفي تعظيم الأب قال الرسول الكريم: "أنت ومالك لأبيك". 
لم يقتصر الأمر على مصحفنا الشريف والسنة النبوية؛ ففي الكتاب المقدس العديد من الآيات التي توصي الإنسان بوالديه، في سفر التثنية: "أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ كَمَا أَوْصَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ، وَلِكَيْ يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ علَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ" [سفر التثنية 5: 16]، و"أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، الَّتِي هِيَ أَوَّلُ وَصِيَّةٍ بِوَعْدٍ". وفي سفر الأمثال أيضا نجد هناك تحذيرًا من القسوة مع الأب والأم: "الْمُخَرِّبُ أَبَاهُ وَالطَّارِدُ أُمَّهُ هُوَ ابْنٌ مُخْزٍ وَمُخْجِلٌ" [سفر الأمثال 19: 26] هكذا يجتمع الأب والأم في قداسة الآيات والوصايا الدينية فلا وصية بالأم بدون الأب ولا حياة لأسرة بدون أب. وهنا أقصد السيدات اللواتي أنجبن واللواتي ربين ولم ينجبن، والآباء الذين أنجبوا والذين قاموا برعاية أبناء أيضًا، ولم يتزوجوا، فليست كل أدوارنا بوصفنا بالغين محصورة في دور الأم أو الأب بالإنجاب البيولوجي فأبناء قلوبنا وأبناء روحنا كثيرون.
من هنا ناديت في عيد الأم أن نُدلل أباءنا ونقرن فرحنا في عيد الأم بالأب أيضًا حتى يكتمل الفرح. أعلم أن هناك عيدًا للأب في مصر لكنه باهت، ولا نتذكره بنفس القدْر من الاهتمام بعيد الأم. من هنا ناديت أن تقترن الفرحة بهما في عيد الأم، أو عيد الأسرة كما يقال أحيانًا؛ فالأب لا يستحق أن يغيب. في مثل هذا اليوم، وفي مثل هذا الفرح دعونا نطلق فرحة كاملة بوالدينا ونقول للأم: "ست الحبايب يا حبيبة"، ونقول للأب: "سيد الحبايب يا بابايا إنت".