الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

آن للقرية أن تنعم بـ«حياة كريمة»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا شك أن المشروع العملاق الذى أعلنت عنه الدولة، لتطوير القرى، عمل غير مسبوق في تاريخ مصر، يمس حياة نحو ٦٠٪ من المصريين، الذين عانوا طويلا من التهميش والتناسى المتعمد لمشكلاتهم وهمومهم، مما جعل القرية طاردة لأبنائها الباحثين عن "حياة كريمة" إلى المدن الكبرى، وعواصم المحافظات ما أدى إلى اختلال سكانى فيها بسبب الازدحام الشديد على الخدمات والبنية التحتية.
فالقرية المصرية التى تعد من أكثر التجمعات السكنية إنتاجا والأقل استفادة من الخدمات الترفيهية للدولة، لا تزال تعد أهم منتج للغذاء في مصر، رغم كثرة ما تم استصلاحه مؤخرا في الصحراء. فما زال الفلاح المصرى هو الأكثر ذكاء في تحقيق الاستفادة القصوى من أرضه وماشيته، كى يحتال على ما ضاقت به الحياة عليه، من خشونة في معيشته، وضيق في مصادر رزقه.
قرانا كانت وما زالت بحاجة إلى من يتفهم مشكلاتها ويرعاها، ويحنو عليها ويمنحها الحياة الكريمة التى تستحقها، كى تستمر في أداء دورها كمنتج لمعظم ما تحتاجه العاصمة والمدن الكبرى من غذاء، ومصدر لأيدى عاملة لا تأنف من الأعمال التى لا يقبل بها سكان المدن من نظافة للشوارع، وصيانة مجارى الصرف الصحى، وأعمال البناء والمعمار وغيرها من الأعمال الشاقة.
القرية المصرية التى تبنى سواعد أبنائها الأبراج الشاهقة في المدن الكبرى، يمنعون من بناء منازل لا تتعدى الأربعة أو الخمسة طوابق، فيجدون أنفسهم بين خيارين كلاهما مر وهو أن يقوموا بالبناء على أرضهم الزراعية التى يأكلون من خيراتها، فيطاردهم القانون بالتجريم، أو يضطر القادرون من أبنائهم، إلى الهجرة إلى المدن، للبحث عن سكن كريم. فما زالت أزمة السكن لأبناء الريف بحاجة إلى من يمنحها مرونة التوسع الرأسى، خاصة في القرى التى لا يوجد لها ظهير صحراوى، حتى لا يتم التهام الرقعة الزراعية المتبقية.
ما زالت القرى المصرية بحاجة إلى تنوع مجالات التعليم فيها، بما يتوافق مع البيئة التى تعيشها، فمن غير المعقول عدم إنشاء أى جامعة جديدة من الجامعات الخاصة والأهلية، في أى قرية من القرى المصرية. في الوقت الذى تشبعت فيه العاصمة والمدن الكبرى بهذه الجامعات الجديدة، فبحسب علمى أن آخر كلية زراعة تم إنشاؤها وسط القرى، كانت بقرية "مشتهر" في مركز طوخ بالقليوبية وتم بناؤها في خمسينيات القرن الماضي.

أتمنى أن نشهد في الفترة المقبلة انتشار جامعات ومدارس نوعية، في وسط القرى المصرية، تهتم بتنمية أبناء القرى المصرية، وترتقى بمنتجاتهم الزراعية والحيوانية والصناعات المحلية الموجودة بها، وهى أمور ستعود بالنفع المؤكد على أكثر من نصف سكان مصر القاطنين في ريفها الطيب.

المزارع المصرى بحاجة لمن يشجعه في ظل التذبذب الواضح في أسعار المنتجات الزراعية أدى إلى تعرض الآلاف من المزارعين لخسائر ضخمة، بعد انهيار أسعار البطاطس والطماطم والباذنجان والخيار، وغيرها من المنتجات الزراعية، التى هى أساس دخله هو وأسرته.
فالريف المصرى بحاجة إلى مصانع لحفظ وتعليب الخضروات والفواكه، حتى تستقر أسعارها، فلا ترتفع بشكل مبالغ فيه في بعض الأوقات، ثم تنخفض انخفاضا شديدا في أوقات أخرى، كما حدث مؤخرا للطماطم التى يبيعها المزارع الآن بما لا يتجاوز الـ٧٠ قرشا من حقله، لتباع في سوق التجزئة بجنيهين الآن، في حين كان ثمنها منذ شهر ونصف نحو ٢٥ جنيها تقريبا، وهو تفاوت يتضرر منه المستهلك والمزارع معا.
كما يمكن اعتماد نظام "الزراعة التعاقدية" التى يتم من خلالها التعاقد مع المزارع، على سعر معين قبل أن يقوم بالزراعة، وحتى يضمن لنفسه استقرارا في الأسعار لا يعرضه لخسائر شديدة، تهدد قدراته المالية البسيطة.
هناك إذن مشكلات كثيرة بحاجة إلى مراعاتها، في مشروع حياة كريمة، التى من المأمول أن تنتقل بالقرية المصرية من وضع الظلم والمهانة إلى مرتبة الكرامة والرقي.