الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

قبل تكرار مأساة «الحديد والصلب».. روشتة إنقاذ الشركات الخاسرة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لعبت شركات القطاع العام وقطاع الأعمال؛ منذ تأسيسها دورا مهما في دفع عجلة النمو في كافة قطاعات الاقتصاد العام؛ على الرغم من وجود طائفة كبيرة من الشركات التى تُحقق خسائر مالية، السنة تُلو الأخرى؛ وهو ما جعلها عرضة لتصفيتها أو بيعها أو عن طريق المشاركة مع القطاع الخاص، إلا أن الوضع ظل يتفاقم؛ حتى وصل في بعض الشركات، لأوضاع مأساوية، أدت إلى ترجيح التصفية على استمرار دعم الدولة للشركات الخاسرة، مع دفع مرتبات ومكافآت للعاملين بتلك الشركات، وكان آخر تلك الشركات التى صدر قرارا بتصفيتها، شركة الحديد والصلب.
وقال الدكتور رمزى الجرم، الخبير الاقتصادي، إذا كان من المقبول؛ التصرف في تلك الشركات، سواء بالبيع أو التصفية؛ قبل الأزمة المالية التى طالت كافة الاقتصادات العالمية، ومن بينها الاقتصاد المصري؛ فإن الوضع الآن، ربما لايسمح بمثل هذا الإجراء؛ نظرًا لحالة الأسواق المالية في تلك الفترة، التى يسودها كساد غير مسبوق.
وأضاف الجرم: لا يمكن التنبؤ بأى توقعات مُستقبلية، في ظل حالة عدم اليقين التى تُمر بها كافة الاقتصادات؛ وبما يتعين الانتظار، لحين وجود بوادر بتَحسن الأسواق المالية، حتى يتم بيع أو خصخصة الشركات التى لن تتمكن من الاستمرار في الإنتاج بشكل أفضل.
وشدد الخبير الاقتصادي، على ضرورة التفرقة بين الشركات الخاسرة التى تخضع لإجراءات التصفية أو الخصخصة أو البيع، اعتمادًا على درجة أهمية وحيوية بعض الشركات، كشركة حلوان للحديد والصلب، وشركات الغزل والنسيج والألومنيوم وغيرها من الشركات الإستراتيجية التى تُغذى العديد من المصانع الأخرى، وتكون منتجاتها النهائية؛ تُمثل سلع وسيطة لصناعات أخري؛ حتى يتم ضمان استمرارية تلك الشركات، وعدم نُدرة الخامات أو مُستلزمات الإنتاج اللازمة للعملية الإنتاجية.
فضلًا عن تَبنى الدولة؛ للشركات التى تحتاج إلى دعم مالي؛ تستطيع من خلاله إحياء تلك الشركات من جديد، مثل: شركة النصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، وحل مشكلة شركة نواج للكتان مع المستثمر السعودي، والعمل على إحياء شركة الإسكندرية للزيوت والصابون، باعتبارها شركة رائدة في هذا المجال، للعمل على إحلال المنتج المحلى محل السلع المستوردة، في ظل مُعوقات الاستيراد في ظل الأزمة المالية الحالية.
وطالب الجرم بضرورة توفير البيئة الملائمة التى تَدعم تطوير أعمال تلك الشركات، من خلال إجراء تعديلات تشريعية وتنظيمية، والتى تَدعم عمل وإدارة تلك الشركات بآليات القطاع الخاص، حتى لا تتعرض تلك الشركات إلى السقوط مرة أخرى، فضلًا عن تقديم الدعم المالى من خلال الاستفادة من المبادرات التى يتبناها البنك المركزى لدعم القطاع الصناعي، بفائدة ميسرة، مع دعم أسعار الطاقة والغاز المستخدمة في العملية الإنتاجية، خصوصًا في المراحل الأولى من بدء العملية الإنتاجية، بهدف تحقيق طفرة إنتاجية، تُغطى التكاليف الثابتة الباهظة، والتى عادةً ما تُمثل مبالغ طائلة في بداية دوران عجلة الإنتاج في تلك الشركات.
القيمة السوقية
واتفق الدكتور محمد كيلاني، الخبير الاقتصادي، مع رأى الجرم، موضحا أن جميع دول العالم لديها شركات قطاع أعمال عام وليس مصر فحسب، فيعد نصيب قطاع الأعمال المملوك للدولة نحو ٣٠٪ من الناتج المحلى الإجمالى في الصين، و٣٨٪ من نظيره في فيتنام، ونحو ربع حجم الاقتصاديين الهندى والتايلندى، فضلا عن استحواذ القطاع على ١٥٪ من حجم العمالة في الصين، و٥٪ في ماليزيا..
وبالنسبة لمجموعة دول «بريكس» البرازيل، روسيا، الهند، إندونيسيا، الصين، جنوب أفريقيا، فيشير تقرير لمؤسسة KPMG صادر عام ٢٠١٨ إلى أن أكبر ٢٠٠٠ شركة حول العالم تنتمى ٢٦٠ شركة منها إلى تلك الدول، وأن ١٢٣ شركة منها عبارة عن شركات مملوكة للدولة بنسبة ٤٧٪، والقيمة السوقية للشركات المملوكة للدولة في مجموعة «بريكس» الموسعة تمثل نحو ٣٢٪ من الناتج القومى الإجمالى لمجموع دول المجموعة.
وحول خطة تطوير قطاع الأعمال العام المصري، طالب كيلانى بضرورة الاعتماد بشكل كامل على الرقمنة والهيكلة المالية والإدارية واستغلال الأصول غير المستغلة مع الإصلاح التشريعى لقانون قطاع الأعمال العام ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ م ومن أهم التطبيقات المهمه لذلك (إنجاز مشروع كيما ٢ لإنتاج الأسمدة إلى نحو بتكلفة تقدر بـ١١.٣ مليار جنيه).
ولفت كيلانى إلى ضرورة النهوض بجدارة في مجال البرمجيات لتصميم وتنفيذ برنامج إدارة موارد الشركات ERP ليشمل أربعة مجالات رئيسية (الإدارة المالية وإدارة الموارد البشرية وإدارة المشتريات وإدارة المخازن) وذلك بغرض توحيد وميكنة أساليب العمل وخفض التكاليف.
كما يجب حصر كافة الأصول غير المستغلة بالشركات القابضة والتابعة بهدف سداد المديونيات التاريخية وتوفير التمويل اللازم لمشروعات التطوير والتحديث بشركات قطاع الأعمال العام.
وشدد كيلانى على ضرورة ألا يتحول الاستخدام لبعض الأراضى من صناعى إلى سكنى أو إدارى أو تجارى أو ترفيهى، نظرًا لتواجدها داخل الرقعة السكنية، بجانب الاتفاق على تسوية مديونية الشركات تجاه الجهات الحكومية من خلال الأراضى غير المستغلة سواء بالبيع لتوفير السيولة أو المبادلة.
وطالب الخبير الاقتصادى بالانتهاء بشكل جدى من المنازعات بينها وبين باقى الجهات وإنهاء النزاعات المالية حتى تستعيد الشركات ثقه الآخرين فيها ومنها ماتم في اتفاقية تسوية النزاع الممتد لعدة سنوات بين شركة عمر أفندى التابعة للشركة القابضة للتشييد والتعمير ومؤسسة التمويل الدولية بشأن المديونية المستحقة للمؤسسة وكذا حصتها في رأسمال الشركة، بضمان وزارة المالية للشركة القابضة في سداد مبلغ التسوية البالغ ٣٥ مليون دولار، وعرض تعديلات القانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ لقطاع الأعمال العام على مجلس الشيوخ وصياغة التعديلات على بعض المواد بغرض حٌسن إدارة الشركات وتفعيل مبادئ الحوكمة في شركات قطاع الأعمال العام وزيادة الافصاح والشفافية.
ومن الضرورى الآن تشكيل لجنة يشرف عليها رئيس مجلس الوزراء بهدف إعداد خطة للقضاء على خسائر ٢٦ شركة خاسرة أغلبها شركات صناعية، بلغت خسائرها نحو ٦.٧ مليار جنيه أو ٩٠٪ من إجمالى خسائر عدد ٤٨ شركة الخاسرة في يونيو ٢٠١٧، شملت عدة بدائل منها عمرات جسيمة، والمثال على ذلك شركات الأسمدة وراكتا للورق، وتحديث كامل للمصانع مثال ذلك شركة الدلتا للصلب، وتحديث كامل بدخول شريك فنى مثال ذلك شركة النصر للسيارات وشركة النقل والهندسة.
ولفت كيلانى، إلى ضرورة وضع خطة استثمارية وأجندة تكون مهمتها تجميع كافة الفرص الاستثمارية في شركات قطاع الأعمال العام بغرض عرضها على المستثمرين المحليين والأجانب.
وتابع: في مجال صناعة المحالج من المهم الآن ضرورة إعادة هيكلة شركات حليج الأقطان وتطوير التكنولوجيا المستخدمة في حلج الأقطان من خلال تخفيض عدد المحالج من ٢٥ إلى ١١ محلجًا بطاقة إنتاجية أكبر ٣ مرات واستهلاك أقل للطاقة بإجمالى تكلفة استثمارية نحو مليار جنيه.
وطالب الخبير الاقتصادى بضرورة خصخصة الإدارة تعنى أن تبقى ملكية رأسمال المؤسسة العامة في يد الدولة، في حين تتنافس شركات القطاع الخاص في الحصول على عقود تخولها حق الإدارة، مقابل مزايا معينة كحصة في الإنتاج أو حصة في الأرباح من خلال عقود التأجیر.
ومحاور خصخصة الإدارة تتلخص في إعداد دراسة جدوى اقتصادية بواسطة شركات عالمية متخصصة لتحديد مدى إمكانية إعادة الهيكلة أو اللجوء إلى البيع والتصفية، وكذا الاختيار الأفضل لفريق عمل متكامل من خلال مناقصات عالمية بعد مراجعة أفضل العروض، فضلًا عن اتخاذ قرار التعاقد مع فريق العمل المحترف من خلال شروط قانونية واضحة تتسم بالشفافية وتوضح السلطات والمسئوليات لكل طرف، وإعداد برنامج متابعة لتنفيذ بنود التعاقد بشكل لا يعوق العمل ولكن يسمح باتخاذ إجراءات التصحيح الفورية.
وهذا البرنامج يحقق الكثير من المزايا للاقتصاد المصري، منها إعادة هيكلة ونجاح الشركات الخاسرة وضمها لمنظومة الإنتاج الكلي، والمحافظة على أصول الدولة وتنميتها، والمحافظة على العاملين (كأصول غير ملموسة) لا يمكن تعويض حجم المعرفة المتراكمة لديها، وكذا توفير السلع والمنتجات للمواطنين، والمحافظة على أصول الشركات هى ضرورة أمن قومى في ظل عالم متغير غير مستقر، علاوة على زيادة مساهمة الشركات بعد نجاح إعادة الهيكلة في زيادة عجلة التنمية الاقتصادية، وزيادة عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة في الكيانات الاقتصادية المختلفة، وتقوية الابتكار بالربط مع الجامعات وزيادة عدد شركات الابتكار، وتدريب العاملين ورفع كفاءتهم التكنولوجية، وزيادة قدرة المجتمع على تلقى التكنولوجيات المتقدمة والتعامل معها، وزيادة القدرة التصديرية للدولة من خلال الشركات التى تنجح في إعادة الهيكلة.
ومن أجل نجاح ذلك لا بد من حل المشكلات القانونية في عقود الإدارة وتوزيع السلطات والمسئوليات والجمارك، والمشكلات الفنية الخاصة باستيراد المواد الخام والمستلزمات المختلفة، وإعادة تدريب العاملين ومدى قدراتهم على استيعاب التكنولوجيات الحديثة، وكيفية التعامل مع تكاليف إعادة الهيكلة.
عهد جديد
فيما يرى أحمد معطي، الخبير الاقتصادي، أن قرار تصفية بعض شركات القطاع العام التى تكبدت خسائر على مدى السنوات الأخيرة وعلى رأسها شركة الحديد والصلب، يعد بمثابة عهد جديد في التحول نحو فكر استثمارى سليم.
وأوضح: ليس من المنطقى على أى شركة في العالم أن تستمر في العمل وهى مستمرة في تحقيق الخسائر، خاصة إذا كان قرار التصفية مصحوبا بعدة إجراءات لحل هذه المشكلة وتحويل الخسائر لمكاسب.
ويرى معطى أن وزارة قطاع الأعمال، أخذت كل الطرق لحل مشكلات الشركة حتى وصلت أنها قامت بعرضها للمشاركة وفى النهاية لم تقبل أى شركة عالمية أو محلية بشرائها، فتحولت الشركة إلى عبء على ميزانية الدولة، متكبدة خسارة وصلت إلى ٨.٢ مليار جنيه مع الآلات قديمة ومتهالكة وديون تتفاقم بفوائدها غير ديون أجور العاملين والتى أعلنت الدولة عن تعويضهم.
وحول إمكانية تطبيق نفس قرار التصفية على شركات أخرى من القطاع العام، قال معطى: "بالتأكيد ممكن جدا بعد ما تم بالفعل تطبيقها على شركة الحديد والصلب".
وأضاف معطى، أن قرار التصفية صعب نفسيا وماديا، ولكن كما نقول في أسواق المال في وقت الخسارة يجب التوقف، لأن في حالة أن الدولة اتخذت كل الإجراءات قبل أخذ قرار التصفية واستمرت بعدها الشركة في تحقيق خسارة بالتالى هنا يجب وقف نزيف الخسارة بقرار التصفية وهذا متبع في جميع أنحاء العالم بل حتى داخل مصر في الشركات الخاصة.
وشدد معطى على ضرورة عدم ربط أجور العاملين بالشركة، بل يجب ربط أموال الدولة بالشركة ففى حالة تحقيق الخسارة في النهاية هذه أموال الشعب التى من الطبيعى أن تستخدمها الحكومة في عمل مشاريع واستثمارات مربحة للدولة بالتالى الحكومة.
وبالنسبة لإجراءات تطوير شركات قطاع الأعمال المصري، طالب معطى بتغيير إدارات هذه الشركات بعناصر شابة وكوادر خبيرة، بالإضافة إلى تحويل هذه الشركات للعمل في القطاعات الأشد طلبا خلال السنوات القادمة مثل قطاع الصحة وقطاع التكنولوجيا بالإضافة إلى عدم زيادة العمالة إلا العمالة المطلوبة فقط لتعظيم الربح وزيادة الإنتاج والاعتماد على التطور التكنولوجي.
وأكد أن هذه الشركات مهمة جدا للاقتصاد المصرى لأنها تحقق التوازن مع القطاع الخاص وبتزود روح المنافسة ففى النهاية بتصب لصالح المستهلك المصرى وأيضا لقطاع الاستثمار بالكامل، وأيضا هذا الشركات في حالة تحقيقها ربح فحتزود من حصيلة إيرادات الدولة مما سيساعد الدولة على استخدامها في مشاريع تنموية أخرى.